لائحة تنظيم المحتوى الرقمي تثير قلقا إعلاميا: بنود دكتاتورية لمصادرة الآراء وتكميم الأفواه
18-شباط-2023
بغداد ـ العالم
تساءل ناشطون عن اللائحة الصادرة من هيئة الاعلام والاتصالات، والتي أنكرت صلتها باللائحة فيما بعد، إن كانت لائحة تنظيم المحتوى الرقمي أم لائحة لتكميم الأفواه، فهي تحوي على العديد من النقاط التي يجب التوقف عندها كحظر الإساءة للعلاقات الدولية أو تهديد العلاقات الدولية للخطر وإثارة التفرقة بين أبناء الشعب، حيث تحتوي اللائحة – وفق مراقبين – على مفردات «مطاطية»، فما هي المعايير التي تم على أساسها وضع هذه اللائحة؟ وماهي الأفعال التي قد تعرض الأمن القومي للخطر؟ كل هذه الأسئلة لا تستطيع الإجابة عليها سوى السلطة التي وضعت اللائحة وألزمت مخالفيها بعدة عقوبات، منها فرض غرامات مالية قد تصل إلى مليون دينار أو إيقاف الحساب الرقمي وحتى حذف المنشور.
وعبّر عدد من الناشطين والقانونيين والمراقبين للشأن العراقي، عن مخاوفهم من استخدام لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، لإلغاء دور أصحاب الأقلام الحرة على مواقع التواصل الاجتماعي ولتكميم أفواهمم ومنعهم من انتقاد الحكومة والفساد المستشري في كافة مفاصل الدولة.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس مركز القرار السياسي هادي جلو مرعي، إن «الواقع العراقي انقلب رأسا على عقب، انتقل من الشمولية إلى الإفراط في الحريات بسبب النظام السياسي الذي هو ضحية لنفسه وللاحتلال، وبالتالي فقد العراق هويته».
وتابع: «نحن بحاجة إلى تطبيق القانون بغض النظر عن محتوى القانون، نحن بحاجة إلى احترام القانون ولكن لسنا بحاجة إلى تشريع مزيد من القوانين، كما أننا ندعم إجراءات الدولة ضد المحتوى الهابط ولا نسمح بتعديها على حرية التعبير»، مشيرا إلى أن «هناك فرق بين المحتوى الهابط وحرية التعبير».
وأضاف مرعي: «نحن مع كل قرار يمنع إيذاء المجتمع»، مبيناً أنه «كلما تقدمت السنوات زادت الكوارث لأنه لا يوجد إصلاح حقيقي، لأن الدولة منذ 2003 أسست بطريقة عبثية بناء على رغبة الأحزاب ومصالح الأفراد». وبحسب مراقبين فإن هذه اللائحة تحمل في طياتها سلاحا ذو حدين، وفي فقراتها بنودا كثيرة «ملغومة» بشكل يقيد الحريات وخصوصا حرية التعبير، مشيرين إلى أن هذه القوانين والسياسات ظاهرها إيجابي لكن باطنها سلبي غايته إعادة البلاد إلى الدكتاتورية، مشددين على ضرورة إعادة النظر بهذه اللائحة من جديد.
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، إن «هناك ضرورة في إيجاد نص قانوني لمعالجة حالات معينة بدأت تؤثر على ذوق المتلقي العراقي وتسيء لاسم البلاد وتعمل بأي شكل من الأشكال أن يكون هنالك طرح سيء ومسيء أسهم في صناعة قدوات سيئة للأجيال الواعدة».
إلا أن البيدر عبر عن خشيته من أن يتم «تجيير هذا العنوان وفق أمزجة سياسية، خصوصا أن العقوبة وصلت إلى مستويات أصبحت انتقامية، والأحوط والأوجب هو أن يتم إقرار هذا القانون بما يتلاءم مع الأسس الديمقراطية».
وأضاف البيدر، أن «دور القضاء يكمن في التعامل مع الدور الرقابي وحتى الآن لم يتم أي طرح يمس الجانب السياسي، ولكن في حال يتم تفسير بعض الطروحات على أنها استهداف سياسي ومعاقبة الطروحات السياسية بتلك الحجة فهنا تكمن الإشكالية»، متسائلاً: «فيما إذا حصلت طروحات، هل سيشرع القانون لقمع الحريات والأفكار ووجهات النظر بشأن المواقف السياسية والفكرية؟»، مشيراً إلى أن «النص يحتاج إلى تجذيب معين ممكن من خلاله معالجة المشاكل القائمة دون المساس بالأسس الديمقراطية».
إلى ذلك عبر مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية في بيان عن استغرابه ودهشته من لائحة تنظيم المحتوى الرقمي الذي أعدته هيئة الإعلام والاتصالات بهدف مكافحة المحتويات الهابطة على وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيم عمل المواقع الإلكتروني، محذراً من أنه «تضمن مفردات وفقرات خطيرة جدا وأخرى انطوت على عبارات فضفاضة يمكن استغلالها وتحريفها للتقييد من الحريات وتصفيات الخصومات الشخصية».
وأضاف المركز، أنه «في الوقت الذي نثمن فيه حرص جميع الجهات من أجل الارتقاء بالمحتوى الإلكتروني وتنظيم عمله ومكافحة المحتويات الهابطة والمبتذلة التي أساءت للمجتمع كثيرا، نعبر عن خشيتنا من استغلال هذه الحملة عبر دس السم في العسل وتطويع القوانين والتعليمات للنيل من الصحفيين والمدونين وتقييد الحريات».
وطالب مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية هيئة الاعلام والاتصالات بـ «ضرورة إجراء مراجعات حقيقية لهذه اللائحة وإشراك المنظمات المدنية والحقوقية والصحفية والخبراء في مجال القانون والاعلام من اجل الوصول إلى لائحة لا تترك اية ثغرات سلبية يمكن استغلالها».
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات قد أصدرت لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق رقم (1) لسنة 2023، وأثارت هذه اللائحة امتعاض العديد من المدونين والكتاب وصناع المحتوى والمختصين لكونه «يقيد من الحريات» فضلاً عن «اعتماد أسس غير علمية ومهنية في كتابتها» ولكن سرعان ما أنكرت الهيئة صدور اللائحة منها أو أن يكون لها أي علاقة بما تتضمنه اللائحة التي انتشرت بين الأوساط السياسية والإعلامية فور صدورها.