لماذا تودع عائدات بيع النفط العراقي في الاحتياطي الامريكي؟
30-كانون الثاني-2023
رياض محمد
لغاية اب 1990، كان العراق دولة مكتملة السيادة. ومن مظاهر ذلك ايداع اموال مبيعات النفط العراقي في مؤسسات عراقية (مثل البنك المركزي العراقي).
بعد غزو الكويت والعقوبات الدولية على العراق، منعت البلاد من تصدير النفط (باستثناء كميات محدودة للاردن وربما لتركيا).
في عام 1997، بدأ العراق تصدير نفطه من جديد وفق اتفاق النفط مقابل الغذاء الذي نص على رقابة دولية على هذه المبيعات بما في ذلك ايداع اموال النفط في حساب تابع لبنك باريس الوطني في نيويورك وضمان استقطاع نسبة من العائدات لتعويضات غزو الكويت. وفرت الامم المتحدة حماية لاموال النفط العراقي على اساس ان جزءا منها يستخدم لدفع التعويضات.
بعد عام 2003, رفعت العقوبات لكن البلاد خضعت لاحتلال امريكي مباشر دام عاما تقريبا واصبح ايداع اموال النفط العراقي في مصرف الاحتياطي الفدرالي في نيويورك.
بعد عودة السيادة العراقية في عام 2004 توصل العراق لاتفاق لتسوية وجدولة اغلب ديونه واستمر ايداع اموال النفط العراقي في مصرف امريكي واستمر استقطاع نسب التعويضات كما منح الرئيسان بوش واوباما اصول العراق المالية (بما في ذلك مبيعات النفط) حصانة - عبر اوامر تنفيذية - ضد اي دعوى اجنبية تحاول الحجز على هذه الاصول.
استمرت هذه الحصانة لحوالي 10 سنوات.
هذه الدعاوى شملت مثلا دعوى ضخمة من شركة الخطوط الجوية الكويتية ودعاوى من اهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر ودعاوى شركات او دول تدعي ان العراق يدين لها...الخ.
وبشكل عام يعاني العراق من ضعف قانوني فادح في هذا المجال مما يجعل المخاطرة بخسارة هذه الدعاوى كبيرة وبالتالي الحجز على اصول العراق المالية وفق قرارات لمحاكم اجنبية ملزمة التنفيذ.
كما استمر العراق في دفع مبالغ التعويضات لغاية العام الماضي (2022) حتى دفع المبلغ بالكامل.
بعد نهاية الحصانة الرئاسية الامريكية للاصول المالية العراقية, وفر بنك الاحتياط الفدرالي الامريكي في نيويورك حصانة اخرى لاموال البنك المركزي العراقي (او عائدات مبيعات النفط) باعتبار ان البنك المركزي العراقي مستقل عن الحكومة العراقية وان امواله تستخدم لديمومة استقرار الاقتصاد العراقي.
وعليه قمن الناحية النظرية ليس هناك الان ما يجبر العراق على ايداع اموال مبيعات نفطه في مصرف امريكي.
لكن السؤال هو: هل تتوفر نفس الحماية لو اودعت هذه الاموال مباشرة في العراق؟
وهل تتوفر الحماية لو اودعت لدى دولة اخرى؟ الصين او بريطانيا او مؤسسة مالية اوروبية مثلا؟
ومن الناحية العملية ايضا: هل من مصلحة الشعب العراقي وبعد 20 سنة من حكم اللصوص ان تودع اموال مبيعات النفط العراقي مباشرة في العراق؟