ما الرسائل التي يحملها إسقاط منطاد ثان في المجال الجوي الأميركي؟
11-شباط-2023
العالم - وكالات
بينما اعتبرت وزارة الدفاع الأميركية أن المنطاد الأول الذي أسقطته قبل أيام يعد جزءاً من برنامج تجسس للصين، وفرضت قيوداً على ستة كيانات صينية متورطة في هذا البرنامج، جاء إسقاط بالون ثانٍ أصغر حجماً فوق ولاية ألاسكا ليبعث برسالة إلى بكين.
فما هذه الرسائل، وكيف يمكن أن تنعكس على العلاقات بين البلدين مع تزايد حديث بعض القادة العسكريين الأميركيين عن استعدادهم لمواجهة عسكرية في شرق آسيا؟
سبب التحرك السريع
مع ظهور منطاد ثانٍ في الأجواء الجوية الأميركية كان من الصعب على إدارة بايدن ألا تتحرك بسرعة وتتخذ قراراً بإسقاطه بعد ساعات قليلة من رصده فوق ولاية ألاسكا، منعاً لتكرار الجدل الداخلي والانتقادات المتزايدة من الجمهوريين بالتخاذل أو الجبن، ولإرسال إشارة واضحة في الوقت نفسه للصين بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع هذه المناطيد التي تقول واشنطن إن الصين لديها برنامج واسع منذ سنوات لمناطيد التجسس والمراقبة التي حلقت فوق 40 بلداً في خمس قارات.
وعلى رغم أن المنطاد الثاني لا يتجاوز حجم سيارة صغيرة مقارنة بالمنطاد الأول الذي تم إسقاطه في المحيط الأطلسي قبل أقل من أسبوع ويصل حجمه إلى ثلاث حافلات، فإن الأميركيين أوضحوا أن إسقاطه السريع من ارتفاع 40 ألف قدم (12.2 ألف متر) يعود إلى تهديده حركة الطيران المدني، لكن بعض المراقبين اعتبروا أن القرار السريع بإطلاق طائرة "أواكس" في البداية كي تتعقبه في المساء بعد رصده بالرادار، ثم إسقاطه في الساعات الأولى من الصباح بصاروخ من مقاتلة "أف 22 رابتور" وهي الأفضل في ترسانة السلاح الجوي الأميركي، كان بدافع الحذر الشديد في ظل عدم وضوح هوية المنطاد الذي تخشى إدارة بايدن أن يكون من بين سلسلة المناطيد التي دأبت بكين على إطلاقها خلال السنوات الأخيرة لجمع المعلومات والتجسس.
وبينما يقول المسؤولون في البنتاغون إنهم لا يستطيعون تأكيد ما إذا كانت هناك أي معدات مراقبة على المنطاد أو الجسم الذي تم إسقاطه، وأنه سيتم بذل جهد لاستعادة الحطام، اعتبر مايكل مولروي، المسؤول السابق في البنتاغون، أن إطلاق النار على الجسم فوق ألاسكا هو المكان المناسب حيث لا يوجد تهديد على الأشخاص الموجودين على الأرض، وإذا كان هذا منطاد تجسس صيني آخر فهذا يشير إلى أن الصين إما غير كفؤة في تشغيل هذه المنصات أو يحتمل أنها تتعمد استفزاز الولايات المتحدة.
لكن إذا تأكد للولايات المتحدة أن هذا الجسم أو المنطاد صيني المنشأ، فلا شك أنه سيكون نقطة أخرى ساخنة على طريق تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين في وقت كانت فيه العلاقة بين البلدين في أدنى مستوياتها منذ عقود، حيث ألغى وزير الخارجية أنتوني بلينكن رحلة نهاية الأسبوع الماضي إلى الصين التي كان من المتوقع أن يلتقي خلالها الرئيس شي جينبينغ، كما اتهمت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة باستخدام تلاعب سياسي محض ضد الصين بعد أيام من رفض وزارة الدفاع الصينية طلباً أميركياً لإجراء مكالمة هاتفية بين وزيري دفاع البلدين.
ويشير المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأميركية في شأن الصين درو طومسون إلى أن العلاقات تجاوزت مرحلة أن الحادثة لم تعد مشكلة كبيرة، لأن رسائل الصين غير المتسقة كانت تغذي التوترات، حتى لو لم يكن ذلك هو الهدف المباشر، كما أن عدم تحديد بكين اسم الشركة المدنية للمنطاد، وادعائها أن مسار المنطاد الضال كان خطأ منعزلاً، اعتبره الأميركيون ادعاء يقوضه رصد منطاد صيني ثانٍ فوق أميركا اللاتينية، مما تسبب في شعور بعدم الارتياح في واشنطن لن يسهم في استقرار الوضع.وفي أول رد انتقامي أميركي على منطاد التجسس الصيني، فرضت إدارة بايدن قيوداً على مبيعات التكنولوجيا الأميركية على ست شركات صينية في مجال تكنولوجيا إنتاج الطيران ومعهد بحثي، مما سيمنع الشركات من الحصول على قطع الغيار والتقنيات الأميركية من دون ترخيص خاص، على اعتبار أن الكيانات الستة دعمت البرامج العسكرية الصينية المتعلقة بالطائرات والمناطيد المستخدمة في الاستخبارات والاستطلاع وسعت إلى الإضرار بالأمن القومي الأميركي وانتهاك سيادته.
وفي حين لم تنشر الحكومة الأميركية معلومات عن الأطراف المشاركة في تصنيع المنطاد الصيني أو رحلته، لكنها قالت إن المنطاد كان جزءاً من أسطول تجسس ومراقبة عالمي طار فوق أكثر من 40 دولة في خمس قارات خلال السنوات الأخيرة، ويديره الجيش الصيني وكان قادراً على جمع الاتصالات الإلكترونية، مما يبرر استخدام الولايات المتحدة بشكل مطرد قائمة القيود والعقوبات التي تفرضها على تدفق التقنيات المتقدمة إلى منافسين مثل الصين، والتي سبقها مجموعة من القيود التي فرضتها واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على الشركات الصينية العاملة في مجال أشباه الموصلات المتقدمة، بحجة أن هذه التقنيات كانت تساعد الجيش الصيني.
ويبدو أن إدارة بايدن لم تكتف بالقيود على الشركات الصينية، فقد أسهم التقويم السياسي الداخلي في أميركا لهذه الحوادث في التوترات المتصاعدة باستمرار، حيث تعهد الرئيس بايدن في خطابه عن حال الاتحاد يوم الثلاثاء، بصد التهديدات الصينية لسيادة الولايات المتحدة، وأعلن أن القليل من قادة العالم سيحسدون الرئيس الصيني، ثم كرر انتقاداته في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "بي بي أس"، معتبراً أن الزعيم الصيني يواجه مشكلات هائلة، بما في ذلك ضعف الاقتصاد، وردت المتحدثة باسم الخارجية الصينية على تصريحات بايدن ووصفتها بأنها غير مسؤولة وتمثل انتهاكاً للبروتوكول الدبلوماسي.
وعلاوة على ذلك، أطلع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية في الاستخبارات الوطنية ووزارتي الدفاع والخارجية، أعضاء الكونغرس على برنامج تجسس المناطيد الصيني في جلسات سرية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، كما أطلعت الخارجية الأميركية عشرات الدول على البرنامج الذي قال مسؤولون إنه نشط في خمس قارات، في الوقت الذي أوضح فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي مع أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ أن الولايات المتحدة لم تكن الهدف الوحيد الذي خضع للتجسس، كما تحدثا عن التحديات المنهجية والتكتيكية التي تفرضها الصين على الناتو وأهمية مكافحتها.
غير أن سياق التوجس الأميركي من أنشطة التجسس الصينية يعود إلى أسابيع ماضية، فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن تقريراً استخباراتياً سرياً قدم إلى الكونغرس الشهر الماضي سلط الضوء على حالتين في الأقل لقوة أجنبية تستخدم تقنية متقدمة للمراقبة والتجسس الجوي على القواعد العسكرية الأميركية، واحدة كانت فوق أراضي الولايات المتحدة القارية والأخرى في الخارج، وأن المسؤولين الأميركيين أوضحوا أن التقرير يشير إلى أن الصين كانت القوة الأجنبية.
في المقابل نفت بكين مزاعم الولايات المتحدة بوجود برنامج لمناطيد التجسس، واعتبرت الخارجية الصينية هذه الرواية جزءاً من حرب المعلومات والرأي العام التي تشنها الولايات المتحدة على الصين، بينما البلد الأول في العالم من حيث التجسس والتنصت والمراقبة واضح للعيان وللمجتمع الدولي في إشارة إلى الولايات المتحدة، وامتد الانزعاج الصيني إلى أوروبا، حيث أدلى سفير الصين في فرنسا بأكثر التعليقات المشددة حتى الآن، إذ اعتبر في برنامج تلفزيوني فرنسي أنه كان من غير المناسب أن يقوم بلينكن بزيارة الصين، مشيراً إلى إجراءات أميركية وصفها بأنها معادية لبكين مثل اعتزام أميركا التوسع العسكري في الفيليبين ومبيعاتها من الأسلحة إلى تايوان، كما أكد كثير من المعلقين السياسيين الصينيين أن الولايات المتحدة هي المحرك الرئيس للتوترات.
ولهذا لم يكن من المستغرب أن يصف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فودان في شنغهاي شين بي، عودة العلاقات الأميركية – الصينية إلى ما كانت عليه من علاقة تنمية حميدة وصحية بالأمر الصعب، محملاً الولايات المتحدة المسؤولية الرئيسة وراء ذلك، في حين اعتبر كبير الباحثين في معهد لوي للسياسة الخارجية في أستراليا ريتشارد مكغريغور، أن أي خطوات صريحة تجاه التصعيد من المرجح أن تأتي من الولايات المتحدة، بالنظر إلى أن لديها أسباباً أخرى تدفعها إلى ذلك مثل الضغط السياسي من الحزبين والقلق في شأن صعود الصين، مما يجعل تصرفات الولايات المتحدة غير قابلة للتنبؤ أكثر بقليل من تصرفات الصين.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech