ماتت... عاشت إيلينا فيرانتي رغم إطلاق الإشاعات
12-تشرين الأول-2022
لنا عبد الرحمن
لا يعرف سوى القليل عن الروائية الايطالية إيلينا فيرانتي منذ بداية حياتها المهنية عام 1991، مع نشر كتابها الأول "حب غير مريح"، فهي تتبنى مقولة "الكتب بعد أن تُكتب ليست بحاجة إلى كتابها"، وتكتفي بأن تراقب من بعيد ما يقال عنها وما يثار حولها من أقاويل وإشاعات.
تتحرك فيرانتي بين الجموع بهوية مستعارة فلا يعرف أحد من هي حقاً، هل هي كاتبة سبق أن نشرت ولم تحظ بالنجاح فقررت المغامرة بإعادة الكتابة من جديد باسم مستعار؟ هل هي رجل؟ هل هي امرأة متحولة؟
لا أحد يجزم بالضبط من تكون حقاً، لكن غموض فيرانتي لم يتوقف عند هذا الحد، فقد سرت أخيراً إشاعة وفاتها عن عمر يناهز 79 عاماً، فهي من مواليد 1943، والإشاعة أطلقها صحافي إيطالي يدعى توماسو دي بينيديتي مهتم بالنميمة، ونقلتها عنه صحف أخرى ثم تبين كذب الإشاعة. حدث هذا بعد نشر الخبر عبر حساب مزيف يتظاهر بأنه ناشر إيلينا فيرانتي، الأمر الذي أعاد طرح الأسئلة حول هذه الروائية الأكثر مبيعاً وترجمة في العالم، وحول هويتها المجهولة من جهة، وحول مطلقي الإشاعات الكاذبة الذين يصل بهم الأمر حد تمني الموت للآخرين. في حال فيرانتي ربما من قام بإطلاق الإشاعة طمح إلى تحقيق خبطة صحافية تؤدي إلى خروج الكاتبة إلى النور والكشف عن هويتها بسبب ما حققته من شهرة مدوية تثير الغيرة في الأوساط الأدبية الإيطالية، وتدفع كثيرين إلى البحث عن سبل شتى لكشف القناع عن تلك المجهولة، ولكن من الحري القول إن الشهرة الكبيرة التي حصدتها هذه الكاتبة عالمياً عبر ترجمة رواياتها إلى أكثر من 50 لغة وبيعها ملايين النسخ، لم تغير من حقيقة رغبتها في أن تظل مجهولة تماماً لدى القراء.
لا صورة حقيقية لها ترافق كتبها، لا حفلات توقيع، لا ندوات، أما الحوارات القليلة التي أجرتها في الصحافة فتمت عبر ناشرها، واختارت الحضور عبر رواياتها فقط مغيبة وجودها الجسدي، وهذا مناقض تماماً لما يفعله الكتاب في العالم، إذ يقومون بالترويج لكتبهم عبر التعاقد مع وكالات أدبية تتكفل بترتيب ندوات ولقاءات وحفلات توقيع في أماكن عدة ومناسبة، مثل الجامعات والمنتديات الثقافية، بيد أن حال فيرانتي استثناء فريد يشذ عن القاعدة، إذ ظل ناشرها يقوم بالدور الإعلامي الذي ينبغي على فيرانتي القيام به.
حققت فيرانتي شهرتها من خلال "رباعية نابولي" وتتألف من "صديقتي المذهلة" و"حكاية الاسم الجديد" و"الهاربون الباقون" و"حكاية الطفلة التائهة". عربياً قام المترجم معاوية عبدالمجيد بنقلها إلى العربية بترجمة رشيقة، وحاولت كاتبات تقليدها سواء في نشر أعمال من أجزاء عدة أو في تقليد أسلوبها واعتماد أجوائها، لكن لم يحالفهن الحظ كما حدث مع فيرانتي.