ماذا جنينا من خليجي 25؟
17-كانون الثاني-2023
مصطفى ملا هذال
لهذه اللحظة أتذكر احدى وصايا أستاذ مادة التصوير في كلية الإعلام بجامعة بغداد، الدكتور عبد الباسط السلمان، حين قال، "إذا اردت ان تكون مصورا ماهرا عليك التحضر للحظة التصوير ولا تفوتها ابدا"، لأنها ان ذهبت لا تعود، وبالفعل أتت اللحظة التي يتوجب عليّ ان أكون يقضا لالتقطت صورة شخصية مع إعلامي خليجي مرموق يحظى بشعبية واسعة لا سيما بعد انطلاق بطولة خليجي 25.
هذه الصدفة التي جمعتني بالشخص الإعلامي صاحب المكانة المهمة في الوسط، وربما لم التق بعد بمثل هذه الشخصيات رفيعة المستوى، وكما استثمرتها على المستوى الشخصي وأصبح لديّ وقفة جميلة، على العراق الا يدع هذه الفرصة (بطولة خليجي 25)، تمر دون الاستفادة منها على المستوى السياسي والاقتصادي.
العراق عاش عزلة امتدت لأكثر من ثلاث عقود بفعل السياسيات التي اتبعتها الأنظمة الحاكمة آنذاك، والتي جعلت من العراق الأخ غير المرغوب فيه بين الاخوة في الدين، ولديهم الكثير من المشتركات في جميع المجالات، وهنا يمكن لي ان أسجل اعتراضي على مقولة الاختلاف لا يفسد للود قضية، وفي الواقع ان أي ود أفسده الخلاف.
الاختلاف حوّل منطقة الخليج العربي الى دويلات متناحرة، دويلات يكن بعضها العداء للبعض، دول لا تؤمن بالوحدة، مشتتة الى مكونات لها ولاءات خارجية، تبحث عن رضى حكامها وليس رضى مواطنيها، تبحث عن مصلحتها وان كان ذلك على حساب المواطنة والإخلاص في خدمة الامة التي ذكرها الله جل جلاله في كتابه العزيز، بأنها خير امة أخرجت للناس تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
بطولة الخليج الرياضية هي البوابة التي من خلالها يمكن للعراق ان يعيد مكانته الحقيقة بين الشعوب العربية، وربما من غير الصواب التحدث بهذه النبرة او بهذا الاتجاه، العراق وشعبه مكانتهما محفوظة في قلوب شعوب البلدان العربية، ولا تزال الشواهد شاخصة في الاذهان قبل البنيان، العراق كان له الاسبقية على اغلب دول المنطقة، في الصناعة والتجارة والسياحة والتعليم وكل شيء.
فهو من وضع اول الدساتير، وقال لهم ان الحياة يجب ان تكون بهذه الألوان، وان بناء الأوطان لا يقل شأنا عن بناء الانسان، لكن الذي ساد في السنوات الأخيرة في المنطقة بصورة عامة، جاء بفعل فاعل ويد لا تريد للدول العربية ان تتوضأ بماء طاهر وتصلي صلاة الاستغفار.
امام العراق الحالي بما حصل عليه من دعم خليجي فرصة للنهوض من كبوته، وغسل ما تلوثت به عباءته، فالعراق لا يليق به سوى النصع، ولكي يلحق بركب اخوانه، عليه ان يستثمر اللحظة ويعود الى مكانه الحقيقي، وهو المقدمة والتقدم في شتى المجالات.
الاشقاء العرب جلبوا معهم الى البصرة الفيحاء اكسير دوام العلاقات السرمدية، وخلطة الصداقة الأبدية، فكان وجودهم في جميع شوارع وازقة المدينة، هو برهان النوايا الصادقة، وجلي ركام الماضي، وارتداء اللباس الأبيض الانيق الذي يوضح لنا عمقنا التاريخي وترابطنا القوي الذي ارخته القوى الخارجية وإعادته الإرادة العربية.
شعب العراق أدرك أهمية استثمار هذه المناسبة ليقول لإخوانه من العرب، ان العراق عراق الجميع وليس عراقًا لجهة دون جهة أخرى، قالوا مجددا انهم قادرين على تخطي الازمات وتجاوز النكبات، قالوا للعالم اجمع اننا أصحاب حضارة، مترفعين عن الطائفية والعنصرية، كارهين جميع ألوان التمييز والكراهية.
ما قدمه أبناء الرافدين من عبر يمكن ان تكون منهجا ودرسا لجميع القادة العرب، ان العراق لا يزال فاتح ذراعيه، وقد حان الوقت لركل الماضي وفتح صفحات أكثر جمالا وصدقا مما سبق، صفحات تعيد التبادل التجاري، والاتحاد العربي الى ماكن عليه، صفحات تقوي الساعد العربي وتضرب كل من يريد تعكير الأجواء.