ماذا نريد من الدراما العراقية؟
15-تشرين الأول-2022
عزام صالح
قنوات عربية وعراقية تعرض علينا دراما تلفزيونية وخصوصا في رمضان: تتباين المسلسلات بين كوميديا وتراجيديا اجتماعي وتاريخي وغيرها، ويكون المشاهد حاضرا في انتقاء ما يستميله من الاعمال، بل ومن القنوات فيضع في حسابه ان يشاهد المسلسل الفلاني، وان يجرب اخر، وان يرفض متابعة مسلسل لأسباب ذوقية تخصه.
وعندما يبدأ سباق الدراما، تقوم كل القنوات بابراز عضلاتها الانتاجية من خلال زج اكثر عدد من المسلسلات لنجوم من خيرة الممثلين العرب، نشاهد ان القنوات العراقية تتراجع في ذلك لاسباب ان القنوات العربية لها قنوات للدراما والبرامج المنوعة، اما القنوات العراقية فبين سطر وسطر تعرض مسلسلا واخبارا وبرنامجا سياسيا وغيرها، ما يضطر المشاهد لوضع برنامجه في المشاهدة والانتقاء. وهنا يتكون رأي نقدي للمشاهد عن المسلسلات التي شاهدها من افضل من مَن؟ وتعج صفحات السوشيل ميديا بين مؤيد لجودة هذا المسلسل ومعارض للمسلسلات العراقية والعربية، ولكن المسلسلات العراقية تحوز النقد الاكثر، وغالبا ما يكون جارحا ولاذعا. بينما يمر المشاهد العراقي مرور الكرام على المسلسلات العراقية، ونحن هنا نسأل لماذا هذا النقد للدراما العراقية؟
المشاهد ينتظر، كل سنة، الجديد من الدراما العراقية، ويريد ان يشعر بخصوصيته وان يجد نفسه داخل هذه الدراما ولكن للاسف يشعر بالاحباط السريع، لانه لا يجد نفسه في الموضوعات التي تطرحها الدراما، لانها نسخ عن اعمال قديمة مصرية او لبنانية او تركية او مؤدلجة من اجل حرب اعلامية تستغلها القناة. او ان الامكانات الانتاجية ليست بالمستوى المطلوب.
ونريد هنا ان نقول ماذا يريد المشاهد العراقي من الدراما العراقية، لكي يرضى عنها ويمتدحها متباهيا بها، ومدافعا ورافضا للقنوات العربية، متابعا لقنوات بلده؟
ـ المشاهد العراقي يريد ان يشاهد مسلسلا عراقيا غير مدموج ومطعم بممثلين عرب، ويحدث اختلاف في الجو العام واللهجة، ويحس بان هذا المسلسل مصنوع. يريد خصوصيته العراقية وعاداته وتقاليده وسلوكه وبيئته ولحمته الاجتماعية وموضوع يخص مخاضاته في تاريخه الحديث والمعاصر.
ـ يريد ان يشاهد بطولات بلده من ادباء وفنانين ورياضيين وعلماء وسياسيين.
ـ يريد تاريخه القديم السومري والعباسي.
ـ يريد ان يشاهد كيف ناضل ابطاله ضد العثمانيين والانكليز وضد داعش وضد امريكا في غزوها وتدمير البلد. ألم تفعل مصر وسوريا وتركيا هذا؟
ـ يريد ان تظهر شخصيات بلده مساهمة في رفد الانسانية في كل بقاع العالم بالثقافة والعلم وتكون فاعلة.
ـ يريد ان يشاهد احداثا حدثت عبر تاريخه المعاصر: الفساد والقضاء عليه. صراع الافكار بين ابناء مجتمعه والتخلص من التبعية. وكيف تحشد ابناءؤه للتخلص من داعش والقاعدة والافكار الظلامية.
ـ المشاهد يريد ان يسيح في بيئة بلده جبالا وسهولا واهوارا وبحرا ومدنا مشيدة، وحدائق وبيوتا جميلة.
ـ المشاهد يريد ممثلين نجوم من كلا الجنسين: اجسامهم جميلة وسحناتهم جذابة، ولهم القدرة على الاداء ودراسة ادوارهم بثقافة ووعي عال.
ـ المشاهد يريد انتاجا مبهرا ومدهشا يفاجئه ويكشف له جمال البلد، وتقنية عالية كاميرات وادوات حديثة، وان يشاهد نقاوة الصورة والكرفك واللون وحركة الكاميرا وغيرها.
ـ المشاهد يريد قناة للمتعة والتنوير بعيدا عن الادلجة والسياسة الفجة، كما تفعل اغلب قنواتنا التي تسمم الدراما بمواضيع تستخدمها للصراع السياسي او من اجل بث رسائل صفراء غير مرغوب بها.
ـ المواطن يريد ان يرى ذوقا في تصميم الديكور من لوحات وستائر جميلة والوان الجدار المتناسقة وتوزيع الأرائك والإكسسوارات التي تضفي جمالا ورقيا.
ـ يريد ان يشاهد تصاميم حديثة وقديمة للملابس تتحدث عن التاريخ وعن المعاصر وقصات شعر ومكياج مناسب خصوصا للممثلات.
ـ المشاهد يريد كوادر فنية عراقية من كاتب سيناريو ومخرج وفنيين مبدعين، ولهم تجاربهم، ويمتلكون وعيا وثقافة ويحافظون على بنية المجتمع وخصوصيته.
وفي النهاية يحتاج المشاهد ان يرى عملا متكاملا بكل نواحيه الانتاجية والفنية والتسويقية، وان يعتز ويرى نفسه يشارك بالمنصات العربية وتحوز اعماله على المشاهدة من قبل العرب، وتكون الدراما العراقية فاعلة وناضجة وذات ثقافة تنويرية كما كانت في اعمالها القديمة مثل الايام العصيبة، النسر وعيون المدينة، واشهى الموائد، ومكاني من الاعراب، ومدينة القواعد.