بغداد ـ العالم
توقع خبراء صندوق النقد الدولي أن يتوسع حجم العجز المالي لدى الحكومة العراقية، بدرجة أكبر في العام 2024 بما يعكس الأثر السنوي الكامل لإجراءات الموازنة، فيما حددت مالية البرلمان ثلاثة عوامل تتحكم بموازنة العراق لعام 2024.
وصوت مجلس النواب في حزيران الماضي، على الموازنة المالية العامة للسنوات 2023 و2024 و2025 في حزيران الماضي، بعد سلسلة من الجلسات التي امتدت حتى ساعات الفجر الأولى، والتي أسفرت عن الخروج بموازنة ثلاثية هي الأعلى بتاريخ العراق، حيث وصفت بـ"الانفجارية" بقيمة 198 تريليون و910 مليارات دينار. وحدد عضو اللجنة المالية النيابية مضر الكروي، أمس السبت، ثلاثة عوامل تتحكم بموازنة العراق لعام 2024.
وقال الكروي، إن "حجم الانفاق الفعلي والكلي للعراق في العام 2024 قد يتجاوز العام الحالي، وسط توقعات بارتفاع معدل الصرف مع اطلاق اكثر من 1300 مشروع خدمي على مستوى البلاد"، لافتا الى، أن "وضع الاقتصاد يتعافى ولكن بشكل بطيئ جداً بسبب تراكمات تمتد لسنوات".
وأضاف، انه "لا يمكن الجزم من الان بأن التضخم يبقى في مستوياته الحالية، قد ينخفض أو يرتفع، بالإضافة الى عدم تأكيد تسجيل عجز مالي في 2024 أكبر او أقل من العام الحالي"، مبينا أن "العراق يعيش بمتغيرات كبيرة بعد حرب غزة وتداعياتها التي بدأت تُرصد من خلال ما يحدث في باب المندب ومناطق اخرى وامكانية اتساع المواجهات في الشرق الاوسط بشكل عام".
وأشار الكروي الى، أن "اللجنة المالية ستعقد سلسلة لقاءات مع وزارة المالية وبقية المؤسسات المعنية بالاقتصاد بداية العام المقبل؛ للوقوف على نسب العجز المتوقعة وما هي الحلول المطروحة"، لافتا الى، أن "الاستقرار وأسعار النفط التي تتلاءم مع احتياجات البلاد وآليات الصرف كلها عوامل مؤثرة في موازنة العام 2024".
فيما أشّر استاذ الاقتصاد في جامعة ديالى مهدي صالح دواي، عوامل تفاؤل اقتصادية في عام 2024، فيما اشار الى ان سياسة العراق الخارجية فيما يتعلق بالكتلة النقدية، لاقت ارتياحًا لدى الفيدرالي الامريكي.
وقال دواي إنه" خلال المتابعة للشان الاقتصادي العراقي لدينا نظرة تفاؤل لعام 2024 مبنية على نقاط متعددة منها تكامل بعض الثوابت الاقتصادية فيما يخص الموازنة التي اقرت لـ3 سنوات والتي ابعدتها عم الجدل وتذبذب الاسعار واعطت مرونة واريحية للاقتصاد والتخطيط بشكل مباشر، ناهيك عن تخصيص نسب جيدة للموازنات الاستثمارية هي الأعلى قياسا بالسنوات الماضية خاصة وان الاخيرة توفر فرص عمل وتحرك الاسواق".
واضاف، ان" الانتهاء من اجراء انتخابات مجالس المحافظات لأول مرة بعد 10 سنوات ستعطي قوة اخرى للمشهد الاقتصادي وتدفع الكثير من المشاريع المؤجلة للعودة ناهيك عن زيادة النظام الرقابي وهذا يعطي قوة اكبر للبعد الاقتصادي بالاضافة الى ان سياسة العراق الخارجية فيما يتعلق بالكتلة النقدية لاقت ارتياحًا لدى الفيدرالي الامريكي وهذا مؤشر ايجابي في اتجاهات متعددة".
واشار الى ان" العوامل الثلاثة ستخلق تفاؤلًا ايجابيًا حيال وضع الاقتصاد العراقي في 2024 وتضمن انتعاشًا، خاصة وان هناك مجالات متعددة لتحريك قطعات مهمة من خلال الموازنات الاستثمارية".
صندوق النقد الدولي قال في بيان على موقع الإلكتروني، إن فريق من خبراء صندوق النقد، بقيادة جان غيووم بولان، بممثلي السلطات العراقية في عمان، الأردن، خلال المدة 12 - 17 من كانون الأول الجاري، بهدف مناقشة أحدث التطورات والمستجدات وآفاق التوقّعات، إلى جانب مناقشة الخطط المتعلقة بالسياسات في الفترة القادمة.
وتراجعت نسبة التّضخُّم عن الذروة التي بلغتها بمقدار 7 في المئة في كانون الثاني من العام الحالي، كما من المتوقّع للتضخُّم أن يستقر خلال الأشهر القادمة، وذلك بفضل اتباع البنك المركزي العراقي سياسة نقدية أكثر تشددا، والأثر المتأتي من رفع سعر صرف الدينار العراقي، وانخفاض الأسعار العالمية للأغذية، وعودة عمليات تمويل التجارة لطبيعتها مع تحسن الامتثال لإطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق بولان.
ولقد "شكل اعتماد أُسلوب وضع الموازنة على مدى ثلاث سنوات في حزيران 2023 تحوّلا في الممارسة المُتَّبعة لوضع الموازنات في العراق، وذلك بغية تحسين مستوى التخطيط المالي، واستمرارية تنفيذ المشاريع التنموية المهمة على المدى المتوسط"/ بين بولان.
ولفت إلى أنه بالرَّغم من تأخّر البدء في تنفيذ الموازنة هذا العام، "يُتوقَّع لرصيد المالية العامة أن يتحوَّل من فائض كبير تحقّق في العام 2022 إلى عجز في الموازنة للعام 2023، كما يتوقَّعُ الخبراء أن يتوسَّع حجم العجز المالي لدى الحكومة بدرجة أكبر في العام 2024 بما يعكس الأثر السنوي الكامل لإجراءات الموازنة".
كما أنّ "التوسع الكبير في المالية العامة، بما في ذلك حدوث زيادة جوهرية في أعداد المنتسبين للقطاع العام والتقاعد، يخلق متطلبات دائمة من الإنفاق العام الذي سوف يشكّل ضغطًا على الأموال العامة على المدى المتوسط".
بولان أوضح، أنه يتطلب ضمان استمرار أوضاع المالية العامة، في إطار سياق آفاق التوقعات غير المؤكّدة لأسعار النفط، تشديد موقف سياسة المالية العامة بصورة تدريجية، وفي الوقت نفسه، العمل على ضمان حماية الاحتياجات بالغة الأهمية للبنية التحتية وللإنفاق الاجتماعي".
ومن شأن ذلك أن "يتطلّب أيضًا تعبئة المزيد من الإيرادات غير النفطية، واحتواء فاتورة أجور موظفي الحكومة، وإصلاح نظام التقاعد الحكومي. ويجب دعم هذه التدابير بالانتقال إلى العمل على وجود شبكة أمان اجتماعي أكثر استهدافًا، وتعمل على توفير حماية أفضل للفئات الهشة".
"لقد رحبت البعثة بالخطط الحكومية الهادفة إلى تعزيز إدارة المالية العامة، بما في ذلك الترحيب بالخطوات التي اتّخذتها الحكومة باتجاه إنشاء حساب الخزينة الموحّد، وفي هذا السياق، كرّرت البعثة التنويه بأهمية الالتزام بالإطار الخاص بإدارة الضمانات الحكومية".
خبير صندوق النقد الدولي، أشار إلى "لقد شدّد البنك المركزي العراقي سياسته النقدية بصورة ملائمة، ويتضمّن هذا التشديد زيادة سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية ورفع متطلبات الاحتياطي الالزامي. وقد رحّبت البعثة بالتقدم المُحرز على صعيد تعزيز إطار إدارة السيولة المحلية، وشجّعت على استمرار الجهود المبذولة للتّخلص من فائض السيولة، وتطوير سوق التداول ما بين المصارف بهدف تعزيز عملية انتقال أثر السياسة النقدية".
"وتظل الإصلاحاتُ الهيكلية الهادفة إلى تحفيز التنوُّع الاقتصادي و استحداث فرص العمل بقيادة القطاع الخاص عاملًا محوريًّا في تحقيق النمو المستدام والشمولي. وتتضمن الأولويات على هذا الصعيد إيجاد فرص متكافئة للقطاع الخاص من خلال إجراء إصلاحات في العمل المصرفي وفي قطاع الكهرباء، وتقليص التّشوُّهات في سوق العمل، والاستمرار في بذل الجهود الرامية إلى تعزيز الحوكمة والحد من انتشار الفساد.
"ويقف فريق خبراء الصندوق على أُهبة الاستعداد لدعم السلطات العراقية فيما تبذله من جهود الإصلاح، ويودُّ أن يشكرهم على المباحثات الصريحة والمُثمرة خلال البعثة". كما جاء في البيان.