مدير عقارات السوداني تواصل ترهيب سكنة الخضراء ومذكرة قبض تلاحق قريبها جوحي
15-آذار-2023
بغداد ـ ياسر الربيعي
أمام منزل وزير الزراعة الأسبق صالح الحسناوي، يقف عدد من رجال الأمن بعجلاتهم وأسلحتهم، بانتظار اخلاء المنزل الواقع في المنطقة الخضراء، وحدث ذلك مع وزراء آخرين، لم يكونوا منتمين لقوى سياسية أو حزبية فاعلة، فأضحوا لقمة سائغة لمديرة عقارات مكتب رئيس الوزراء السيدة لمياء داود كاظم، التي تمارس بحقهم أقسى أنواع الترهيب والتهديد، لكنها تغض الطرف عن آلاف المسؤولين الآخرين، التي يعششون في تلك المنازل الحكومية، منذ قرابة عقدين من السنوات.
وتملك مديرة عقارات مكتب رئيس الوزراء السيدة لمياء داود كاظم، صلاحية تحريك قوات المنطقة الخضراء، والتي وصلت لمنصبها هذا في زمن حكومة الكاظمي، عن طريق مدير مكتبه القاضي رائد جوحي، الذي لديه صلة قرابة بها.
وجوحي أحد أبرز المتهمين في صفقة القرن.
وأصدرت محكمة تحقيق جنايات مكافحة الفساد المركزية (مذكرة قبض وتفتيش) ضد رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، ومدير مكتب رئيس الحكومة السابقة، رائد جوحي حمادي الساعدي.
ونصت مذكرة القبض على ان الساعدي متهم بـ( التغافل والتراخي بتنفيذ أوامر القبض وفقا للمادة (271) رقم (111) لسنة (1969) المعدل من قانون العقوبات.
وتقول مصادر من داخل المنطقة الخضراء لمراسل "العالم"، إنّ "مديرة عقارات مكتب السوداني حركت قوات خاصة من حماية المنطقة الخضراء صوب منزل وزير الزراعة الأسبق صالح الحسناوي، واقتحامه عنوة بقوة السلاح من دون أمر قضائي وخلافا للدستور".
وتضيف المصادر، ان تلك القوات أرعبت عائلة الحسناوي، لا سيما أولاده، الذين كانوا يرومون الذهاب الى المدرسة، صباح أمس، لكنهم فوجئوا بالبذلات السوداء التي اقتحمت منزلهم، زارعةً في نفوسهم الرهبة والخوف.
برغم قيام محمد شياع السوداني، فور تسنمه رئاسة الوزراء في نهاية تشرين الاول من العام الماضي، بتفكيك الحلقات الضيقة التي كانت تحيط بالكاظمي، لكن يبدو أن بعض الشخصيات تفرض حتى على رؤساء الوزراء، ومن بينهم السيدة لمياء (قريبة جوحي)، التي تسكن منزلا بمساحة 3 الاف متر في المنطقة الخضراء.
يشار الى أن الكاظمي كان قد أناط بها مهمة إدارة عقارات الخضراء، الى جانب مجمعات رئاسة الوزراء في القادسية والجادرية واليرموك، والتي تعود ملكيتها الى دائرة عقارات الدولة في وزارة المالية.
ويقيم في تلك العقارات الفارهة والقصور الفخمة شخصيات سياسية، منذ العام 2005، إذ أن بعضهم، لا سيما من المكون الكردي، تركوا مناصبهم الرسمية، منذ أكثر من عقد، وأضحوا خارج الدولة، الى جانب رؤساء كتل وأحزاب، لكن لا أحد يقترب من عقاراتهم شديدة التحصين. وتؤكد مصادر مقربة من مصادر صناعة القرار الحكومي، إن هؤلاء المتنعمين بتلك القصور "لا يدفعون اية أجور استئجار الى خزينة الدولة"، وهذا ما أكدته هيئة النزاهة في احد تقاريرها في العام 2019. ففي مجمعات الجانب الكردي، هنا 17 فيلا، وهذه أبوابها موصدة، وتجهل الحكومات المتعاقبة حتى من يسكن فيها وأيّها فارغ؛ فالسطوة الكردية لا تسمح لأية قوة بالتقرب من تلك الفيلل، بينما تسلط لمياء قوات الفرقة الخاصة على بعض الشخصيات التي لا تسند ظهرها الى تشكيل حزبي متنفذ، أو أنها من الشخصيات التكنوقراط التي تسلمت مناصب حكومية، بعد العام 2014.
وتقول المصادر، إن السيدة لمياء كاظم تملك صلاحية تحريك أفواج الفرقة الخاصة لملاحقة بعض الشخصيات التي تسكن في تلك المجمعات بشكل انتقائي ومزاجي، بينما تغض الطرف عن آخرين، لاعتبارات حزبية وسياسية.
وتضيف المصادر، انه لا أحد يقدر على الوقوف بوجه تلك المرأة الحديدية، التي تتحكم بعقارات المنطقة الخضراء.
وتشير المصادر المطلعة إلى أن 60 في المئة من عقارات الدولة، التي يقدر عددها بـ300 ألف عقار "مستغلة من قبل أحزاب سياسية نافذة وجماعات مسلحة ومواطنين مرتبطين بتلك الأحزاب من دون عقود وخارج الطرق الأصولية التي نصت عليها القوانين النافذة". بينما نجد أن 40 في المئة من هذه العقارات مستغلة وفق عقود أصولية، لكنها بأجور وأسعار أقل بكثير من مستوى أسعار السوق، حيث يقدر سعر بيع المتر المربع من هذه الأصول خلال الفترة بين 2006 و2014 بستة دولارات مع أن سعرها في السوق يقدر بـ3 الاف دولار.
وكانت هيئة النزاهة، كشفت عن تأليف لجنةٍ تتولى الانتقال إلى عقارات (المنطقة الخضراء) المشغولة من قبل المسؤولين الحاليين والسابقين، وتحديد تاريخ شغلهم لها، والمستحقات المالية المترتبة بذمة شاغليها، بغيـة تسـديـدها.
دائرة التحقيقات في الهيئة اشارت إلى أن هذا التوجيه جاء بعد اطلاع رئيس الوزراء (عادل عبد المهدي) على نتائج التقرير الذي أعدَّته الهيأة حول الإجراءات المُتَّخذة بشأن العقارات المُتميِّزة العائدة للدولة في بغداد والمحافظات المستولى عليها من المسؤولين والمتنفذين التي توصَّل إليها فريق الهيأة المركزيُّ، وفرقها الفرعية المؤلفة لهذا الغرض، مُبيِّنةً أن اللجنة تتألف من (دائرة العقارات في مكتب رئيس الوزراء ودائرة عقارات الدولة في وزارة المالية وديوان الرقابة المالية الاتحادي).
الدائرة أفادت بتأليف الهيئة فريق عملٍ مركزيّاً في بغداد وفرقاً فرعيةً في المحافظات تتولَّى جرد تلك العقارات كافة، ومن بينها المُخصَّصة أو المُستغلة من قبل المسؤولين بصفةٍ رسميَّةٍ بموجب قوانين أو قراراتٍ، إضافة إلى العقارات التي استولت عليها الأحزاب أو الجمعيات أو الأفراد في المناطق والأماكن المُصنَّفة كعقاراتٍ مُهمَّةٍ (متميزة)، لافتة إلى قيام الفرق بجمع البيانات وتدقيقها وفرزها وإعداد قاعدة معلوماتٍ بتلك العقارات بالتنسيق والمتابعة مع الجهات المعنيَّة.
ومن المواقع البارزة أيضاً في المنطقة الدولية (فندق الرشيد ومستشفى ابن سينا)، إضافة إلى مبنى ساعة بغداد، وهو عبارة عن مبنى مرتفع تعلوه ساعة معلّقة على برج لها أربعة أوجه، تقع في ساحة الاحتفالات، وأنشئت العام 1994 من قبل هيئة التصنيع العسكري التي حُلت بعد غزو العراق. ومن معالمها أيضاً قصر الزقورة على مقربة من بوابة القدس، والذي بني في عهد صدام وتعرض للقصف العنيف أثناء الغزو.