مدينة الماغوط «السلمية» كثرة الشعراء وقلة الشعر
26-كانون الأول-2022
زيد قطريب
عُرفت مدينة سلمية السورية ”30 كم شرق محافظة حماه“، بمدينة الشعر، وخرجت منها أسماء أثرت في القصيدة العربية، منهم سليمان عواد ومحمد الماغوط وعلي الجندي وإسماعيل عامود وفايز خضور وأحمد خنسا.
وخلال العقدين الماضيين، تراجع الشعر في المدينة، فلم تخرج إلى العلن أية تجربة توازي ما فعله الرواد السابقون.
ويقول الشاعر مهتدي غالب لـ“إرم نيوز“، إن ”تراجع الشعر مرتبط بتراجع القراءة والاهتمام بالثقافة بعد انتشار كتابات الفيسبوك التي عمّمت الاستسهال والسطحية“، وفقا لتعبيره.
ويربط البعض تراجع الشعر والثقافة بالوضع الاقتصادي المتردي الذي فرض على الناس الانشغال بلقمة العيش، وتفاقم الهجرة بحثاً عن الأمان والاستقرار.
ويقول الشاعر فاتح كلثوم لـ“إرم نيوز“، إن ”غياب الطبقة الوسطى وهبوطها إلى تحت خط الفقر، أدى إلى تراجع الشعر، فالناس لم تعد قادرة حتى على شراء الكتب أو الاهتمام بالثقافة“.
ورغم كثرة الشعراء والملتقيات الثقافية في المدينة، إلا أن التجارب الإبداعية نادرة، وتبدو القصائد نسخة واحدة من دون خصوصية.
ويضيف الشاعر مهتدي غالب: ”تسويق الشعر الرديء من قبل بعض المنابر، أساء إلى هذا الفن، فهناك الكثير من الشعراء يخطئون بالإملاء ولا يمتلكون صوراً مدهشة أو لغة مميزة، بل يكتبون نوعاً من الإنشاء المملّ“.
وتنتشر في المدينة ظاهرة اعتلاء المنبر في الملتقيات الأدبية من قبل ضعاف المواهب، إضافة إلى رغبة الجميع في تأسيس نواديهم الثقافية الخاصة.
ويقول الشاعر كلثوم: ”يشرف على معظم المنتديات الشعرية أشخاص لا علاقة لهم بالشعر، كما تغيب الحركة النقدية التي تقيّم النصوص، الأمر الذي فتح المجال لمن هبّ ودبّ أن يكتب الشعر ويقرأ بحضور الجمهور“.
ويخشى كثيرون من أن تؤدي هشاشة الكتابة الشعرية المنتشرة حالياً، إلى الإساءة لسمعة الشعراء ومكانتهم في المجتمع، بعد أن كانوا في فترة سابقة من قادة الرأي الذين يؤثرون بالناس بشكل كبير.
ويضيف كلثوم: ”ساعدت التكنولوجيا وتطور الاتصالات، على تخريب الذائقة وتسويق الكتابة الهزيلة، كما انتشرت ظاهرة الشاعرات النساء اللواتي ينلن الثناء بلا مقومات حقيقية“.
ويعتقد البعض أن أزمة الشعر في مدينة الماغوط، جزء من أزمة الشعر في العالم العربي، حيث تراجعت مكانة هذا الفن كثيراً بعد أن كان ديوان العرب.
ويقول الشاعر مهتدي غالب: ”انتشر الاهتمام بالموسيقا بشكل كبير في المدينة في السنوات الأخيرة، وربما يؤشر ذلك إلى تحول الناس من الشعر إلى الإبداع الموسيقي“.
ويفضل الكثير من الشباب اليوم، الاهتمام بكتابة الرواية نظراً لمكانتها العالمية والجوائز المتعددة التي ينالها الرواة المتميزون.
ويضيف غالب: ”الرواية بحاجة إلى تراكم خبرات وتحتاج إلى وقت حتى تتبلور تجاربها. أما الشعر فلا يمكن أن ينتهي بل سيتطور ليأخذ اتجاهات أخرى في المستقبل“.
ويعتقد البعض أن اختناق الشعر بشكل عام، مؤقت بسبب التقدم التقني وتطور وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه سيعود إلى حيويته عندما تنضج الظروف، وربما يفاجئنا بانعطافات غير متوقعة في أساليب الكتابة.