مذكرات بريتني سبيرز: رواية تخطف الأنفاس لانتصار نجمة محطمة
9-تشرين الثاني-2023

آدم وايت
من غير المحتمل أبداً أن تكون كلمة "ممتعة" مناسبة لوصف مذكرات بريتني سبيرز التي انتظرها الجمهور على أحر من الجمر، وأتت لتكون تفنيداً نهائياً للإشاعات التي أحاطت بالنجمة لعقود من الزمن. إنها تصوير قاتم وغاضب ولا يرحم لامرأة لم تعد في قلب الإعصار، وإنما تتفحص، في حالة من الذهول والسخط، الحطام الذي خلفه وراءه.
تردد أن "المرأة التي بداخلي" The Woman in Me الذي كتبه صحافي خفي يدعى سام لانسكي، لا يركز بشكل كبير على نجاحها كنجمة غزت العالم أو على سلسلة أغانيها الشهيرة، ولا حتى تلك الأجيال المتعددة من الناس غير القادرين على تحديد اللحظة التي رأوها فيها لأول مرة على شاشة التلفزيون وشهقوا لإدراكهم أنهم يشاهدون فنانة وصلت إلى درجة الأيقونة على الفور. بدلاً من ذلك، تبدأ مذكراتها بحادثة انتحار أحد أفراد عائلة سبيرز (جدة بريتني) ويتصاعد مستوى الإحباط فيها من تلك النقطة.
يشمل الكتاب لحظات من التألق والسحر، مثل الظهور الموقت لمادونا ودوناتيلا فيرساتشي اللتين شاركتا لتكونا بمثابة عرابتين مشهورتين راعيتين لبريتني، وتوثيق إشاعات قديمة مرتبطة بحياتها، مثل اعتقادها أن ألبومها "غياب" Blackout المكثف والمليء بالعواطف الصادر عام 2007 هو أعظم ما قدمت، وأن علاقتها العابرة التي استمرت لأسبوعين مع الممثل كولين فاريل كانت مليئة بالشغف الجنسي كما تخيلها الجميع. بشكل عام، على كل حال، يتعامل الكتاب بعنف مع أسرة بريتني المضطربة، ويمتاز بتوتر مرتفع ونبرة غاضبة بشدة لدرجة أنك تكاد ترى رذاذ اللعاب المتطاير على صفحاته.
تردد أن سبيرز وقعت صفقة بقيمة 15 مليون دولار (ما يعادل 12.2 مليون جنيه استرليني) لإصدار الكتاب الذي أعلن عنه خلال مقابلة في فبراير (شباط) من عام 2022، أي بعد ثلاثة أشهر فقط من وضع قاضية في لوس أنجليس نهاية للوصاية المفروضة على سبيرز، وهو ترتيب قانوني مثير للجدل أبقاها تحت سيطرة والدها جيمي لمدة 13 عاماً. تضفي هذه السرعة على الكتاب إحساساً بالعجالة - فمشاعر سبيرز تجاه كل من الوصاية وعائلتها كانت عفوية ومتأججة، ولا يترك العمل انطباعاً بحصول سبيرز على وقت للتفكير أو التعامل مع كل ما حدث لها. بالأحرى، كان الكتاب عملية تطهير مستعجلة ــ وربما ضرورية، لكن قراءته صعبة بلا أدنى شك.
أمضت سبيرز سنواتها الأولى في كينتوود، لويزيانا، والتالية في مجال صناعة الترفيه. بحلول الصفحة الـ37 نصل إلى المرحلة التي أصبحت فيها بريتني إحدى نجمات ديزني حيث شاركت في برنامج المنوعات "نادي ميكي ماوس" The Mickey Mouse Club، وبحلول الصفة 49 كانت قد أصدرت أغنيتها المنفردة الأولى التي لا بد من التعريج عليها "حبيبي مرة أخرى"... Baby One More Time. في مكان ما في المنتصف تلتقي بزميلها الذي كان مثلها أحد نجوم ديزني الأطفال، جاستن تيمبرليك، وتفقد عذريتها في سن الـ14 مع أحد أصدقاء أخيها الأكبر سناً. بعمر 17 سنة، كانت أكبر نجمة في العالم. حصل ألبوم "حبيبي مرة أخرى" على شهادة بلاتينية 14 مرة (تمنح الشهادة البلاتينية في الولايات المتحدة للألبوم في كل مرة تتجاوز مبيعاته مليون نسخة)، في حين أن ألبومها التالي "أوبس... لقد فعلتها مجدداً" Oops!... I Did It Again الصادر سنة 2000 أصبح الألبوم النسائي الأسرع مبيعاً في التاريخ. راحت تشارك في بطولات الأفلام، وصارت الوجه الإعلاني لشركة "بيبسي"، وتمت تسميتها "أميرة البوب" بعد تعاونها مع ملك وملكة هذا النوع الموسيقي، مايكل جاكسون ومادونا.
تبدو حيرة سبيرز من الصورة التي كونتها العامة عن نشأتها مساوية لحيرتنا، نحن الجالسين في منازلنا ونضفي عليها صفة المثالية. طلبت منها إدارتها أن تعلن أنها عذراء، في حين كانت وسائل الإعلام تضفي عليها طابعاً جنسياً لا حدود له، حيث راحت تسأل "ما إذا كان ثدياي حقيقيين أم لا (كانا كذلك في الواقع) وما إذا كان غشاء بكارتي سليماً أم لا". تعرضت للتوبيخ، لكونها نموذجاً سيئاً للأطفال، لكن أحداً لم يخبرها ما التغيير الذي يجب عليها القيام به. تسأل: "لماذا عاملني الجميع وكأنني خطرة؟".
تكتب بلغة راضية عن تيمبرليك، على رغم ادعاءاتها بأنه كان يخونها باستمرار (كتبت في أحد السطور القليلة هنا المفعمة بالحنين لبداية الألفية: "التقط المصورون صوراً لجاستن مع إحدى الفتيات من فرقة ’أول سينتس‘ في السيارة"). عند انفصالهما، بدأت صورتها العامة تتشوش. أخذت تشعر بالإجهاد وتسيء تعاطي دواء أديرال الموصوف طبياً وتفرط في تدوير طاحونة نجومية البوب. تلتقي بالراقص الداعم كيفن فيدرلاين وتنجب منه طفلين، وتشاهده وهو "يفتن بالشهرة والقوة".
تسوء الأمور بشكل غير متوقع. تكتب سبيرز عن إصابتها باكتئاب ما بعد الولادة وشعورها بأن "سحابة من الظلام" قد ابتلعتها، وعن حلق رأسها ("التي كانت طريقتها لتقول للعالم: تباً لكم") ومهاجمة سيارة مصوري المشاهير بمظلة ("حركة يائسة" من قبل شخص يائس")، لكن بدلاً من تقديم الدعم، تضعها عائلتها تحت الوصاية وتفقد بريتني حضانة طفليها. تكتب بنبرة كئيبة عن كيفية احتفاظها بإيصالاتها في علبة على مكتبها لمراقبة نفقاتها لأغراض ضريبية - "حتى عندما كنت أمر بفترة عصيبة، فإن الجوانب الأساسية من شخصيتي لم تتغير". لما تولى والدها زمام حياتها، قذف العلبة من على مكتبها وقال لها بشكل مرعب: "أنا بريتني سبيرز الآن".
لا تتهاون سبيرز عندما يتعلق الأمر بعائلتها. تصف أختها الصغرى جيمي لين بـ"كلبة تماماً" بلغة غاضبة جداً لدرجة أنها كتبت بخط مائل، بينما يتم تصوير والدتها لين على أنها انتهازية مهملة. في خضم أزمة الصحة العقلية التي تعرضت لها سبيرز عام 2007، أصدرت لين مذكراتها. وكتبت سبيرز أنه إذا كان أحد ابنيها يعاني، فإن "آخر شيء كنت سأفعله هو قص شعري قصيراً وارتداء بدلة أنيقة وكسب المال من مصيبة ابني".
يبدو أن سبيرز تتذكر قليلاً من شهرتها المبكرة، وغالباً ما يتم سرد الحكايات بشكل مجتزأ. ما تتذكره بدقة مفجعة هو الإهانات العائلية الأقل حجماً: الصور التي التقطها مصورو المشاهير لأمها وحبيبة شقيقها وهما تحصلان على تسريحة شعر جديدة وتشربان النبيذ معاً بعد فترة وجيزة من وضعها تحت الوصاية لأول مرة، جيمي لين تؤدي نسخة معدلة من إحدى أغانيها في حفل توزيع جوائز، بعدما منعت سبيرز نفسها من أداء أية نسخ معدلة. تبدو التجربة قاسية ومريرة، مثل موت بطيء بجروح تراكمت عبر الزمن، تسببت فيها عائلة استفادت من نجاحها إلى أقصى الحدود، بينما تجاهلتها وعاملتها بطريقة تصل حدود القسوة.
لكن الأمر الأكثر إثارة للحزن هو كيف أثرت تجاربها على إبداعها، الذي احترق بهذه النار قبل أن تبلده قوى شريرة. كتبت عن إحدى جولاتها الموسيقية الأولى: "كنت شجاعة في تلك المرحلة... مفعمة بالحماس والاندفاع". على مدار فترة الوصاية، فقدت حبها للأداء، وأصيبت بالقلق في الأماكن العامة، وصنعت ألبومات لم تكترث لها. تكتب: "كنت أثق بالناس... لكن بعد الانفصال عن جاستن ومن ثم طلاقي، لم أعد أثق بالناس أبداً".
ينتهي كتاب "المرأة التي بداخلي" بالنصر، حيث نجحت سبيرز في قتالها لإنهاء الوصاية عليها بعد أشهر شهدت احتجازها ضد إرادتها في مصحة للأمراض العقلية. تتحدث عن "الولادة من جديد" و"العثور على الفرح" مرة أخرى. لكن هذه الصفحات أيضاً تبدو جوفاء للأسف، حيث يبلغ الكتاب ذروته الخاوية من القيمة أو العاطفة فقط لأنه ينبغي عليه ذلك.
منذ تأليف كتابها، انفصلت سبيرز عن زوجها سام أصغري ــ الذي تكتب عنه بمحبة، وإن لم يكن بإسهاب ــ في حين يقال إنها انفصلت عن ولديها، بريستون البالغ من العمر 18 سنة، وجيدن البالغ من العمر 17 سنة. يمكن للمرء أن يتفهم عدم التطرق إلى هذا الموضوع هنا، لكن تلك الغيابات تسلط الضوء على التشابك الذي تعيشه سبيرز، والسنوات التي ستستغرقها ليس فقط للتصالح مع ماضيها، بل لتشكيل اللبنات الأساسية لمستقبلها.
إذا كان القارئ سيستنتج أي شيء من مذكرات سبيرز، فهو معرفة أنها تستحق بعض السلام. أي شخص تابع سبيرز على مر السنين ــ ونظراً إلى لقوة المطلقة لانتشارها الثقافي في كل مكان، قد ينطبق هذا الكلام علينا جميعاً ربما ــ سيتمنى لها الأفضل. عملية التعافي من الصدمة ليست أمراً منظماً، وآمل في أن يكون "المرأة التي بداخلي" بمثابة شفاء لها. لن يكون الكتاب نهاية ألمها بالتأكيد، لكن من الرائع أن يكون بداية فصل جديد في حياتها.

يتوفر كتاب "المرأة التي بداخلي" حالياً عبر دار سيمون أند شاستر للنشر.

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech