بغداد _ العالم
بعين الريبة والقلق تعاطت أغلب قوى الإطار التنسيقي مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الرئاسة الأمريكية، لجملة اعتبارات، في وقت أثيرت تساؤلات عن مصير المذكرة القضائية التي أصدرها القضاء العراقي، إبان ولاية ترامب الأولى 2017 – 2021.
واتُهم ترامب آنذاك بـ «القتل العمد» إثر عملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، لتصدر مذكرة قبض بحقه من قبل القضاء، وأثارت الجدل حينها لاستحالة تنفيذها، لكن مراقبين رأوا أنها اعتبارية ورمزية أكثر منها جدّية.
وقال مراقبون، إن رئيس الوزراء العراقي سيكون في حرج، باعتباره مضطراً للتعامل مع ترامب، وفي الوقت نفسه هو القائد العام للقوات المسلحة، التي ينبغي عليها تفعيل مذكرة القبض واعتقال ترامب إن أمكن، كما أن على رئيس الوزراء زيارة الولايات المتحدة للقاء المسؤولين هناك، وبالتأكيد من ضمنهم الرئيس الأمريكي.
بدوره، قال المحلل السياسي عباس الركابي، إن «مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي لا تمنع بأي حال من الأحوال التواصل مع المسؤولين في الولايات المتحدة، أو زيارة ترامب للعراق، أو زيارة المسؤولين العراقيين إلى هناك بل ولقائه، باعتبار أن العراق بلد يفصل بين السلطات، وهذه المذكرة صدرت من الجهات القضائية».
وأوضح الركابي، أن «صدور مثل هذه المذكرات يأتي لرد الاعتبار لذوي الضحايا، وتنفيذاً للقوانين النافذة في الدول، ولا تعني اعتقال رئيس أعظيم دولة في العالم، فهذه استحالة»، مشيراً إلى أن «التعامل بين العراق والولايات المتحدة ينبغي أن ينتقل إلى مرحلة جديدة مع قدوم ترامب».
وتابع أن «سياسة ترامب هي داعمة للحكومة ورؤيتها في التعامل مع الوضع الراهن، كما أنها رافضة للنفوذ الإيراني، حيث يحتاج العراق إلى مساندة دولية في هذا الشأن، بعد أن تغلغلت المجموعات المسلحة حتى في مفاصل الدولة».
وأصبح لدى رؤساء الحكومات في العراق، سياق ثابت وتقليد راسخ، وهو زيارة الولايات المتحدة ولقاء الرئيس الأمريكي والمسؤولين هناك، وهو ما حصل لجميع رؤساء الحكومات السابقين، دون رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي 2018 – 2019، الذي سعى إلى زيارة واشنطن، غير أن أحداث تشرين والاتهامات التي لاحقت حكومته، بشأن التورط بمقتل وإصابة آلاف المتظاهرين حالت دون تنفيذ الزيارة.
بدورها، قللت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، من أهمية مذكرة القبض الصادرة بحق ترامب، واعتبرت أن مصلحة العراق تقتضي التعامل مع الدول بانفتاح أوسع.
وقال عضو اللجنة مختار الموسوي، إن «القوانين العراقية تعد ترامب مجرما، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترامب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن».
وأضاف الموسوي في تصريح صحفي، أنه «في حال زار ترامب العراق خلال المرحلة المقبلة، فمن الصعب تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى».
ولفت الأنظار الى أن يكون رئيس الوزراء العراقي آخر المهنئين من الرئاسات لترامب بمناسبة فوزه بالرئاسة، وهي إشارة رآها مراقبون «سلبية» في وقت يحتاج العراق إلى الانفتاح على دول العالم، لتعزيز حضوره الدولي والاقتصادي.
بدوره، رأى الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، إن «هناك طريقتين لتنفيذ أمر القبض، الأولى تتم عبر الإنتربول الدولي، وفقاً لاتفاقية الإنتربول لعام 1956، حيث تُخطر وزارة الخارجية العراقية المنظمة بطلب إحضار الشخص المعني، يحث يحق لها إصدار سبع أنواع من البطاقات، وأشدها خطورة البطاقة الحمراء».
وأضاف، أن «الطريقة الثانية، هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما، وهي المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، التي تختص بمحاكمة الأشخاص عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم العدوان، وما حصل يُعد جريمة عدوان تجاه العراق، وتطبّق عليه المادة 6 من قانون المحكمة الجنائية».
وتنظر قطاعات واسعة في العراق إلى مجيء ترامب بحذر وقلق بالغين، إثر توجهاته وتعامله الغليظ مع طهران، خاصة وأن صانع القرار الأمريكي ينظر إلى العراق عادة، من بوابة إيران، وفق مختصين.