بغداد – وكالات
كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن آلاف العائلات في غزة ما تزال تلجأ إلى دفن أبنائها في مقابر جماعية عشوائية مستحدثة، بشكل أصبح أشبه بالظاهرة جراء استمرار ارتكاب الاحتلال جرائم قتل الفلسطينيين في مختلف مناطق القطاع لليوم الـ348.
واستعرض المرصد الأورومتوسطي في تقرير وإحصائية "إنفوغراف" مواقع وتواريخ إنشاء نحو 30 مقبرة جماعية عشوائية تضم نحو 3 آلاف شهيد ومتوفى في محافظات غزة الشمالية والوسطى والجنوبية، من مقابر جماعية عدة في القطاع.
وأكد المرصد الحقوقي أن هناك أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية دُفن فيها 3 أفراد فأكثر، استحدثت في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرا إلى أن الوضع يزداد سوءًا مع استهداف جيش الاحتلال بشكل مستمر للأفراد الذين يحاولون الوصول إلى المقابر لدفن أقاربهم. وأشار الأورومتوسطي إلى أن هذه المقابر تتوزع في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية وساحات المستشفيات والمدارس والمساجد والأراضي الزراعية، وحتى مفترقات الطرق العامة.
وأوضح المرصد أن أكبر المقابر الجماعية التي وثقها هي "مقبرة البطش" في حي التفاح شرقي مدينة غزة، حيث تضم المقبرة بين 500 وألف دُفنوا فيها منذ إنشائها في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد أسبوعين فقط من بدء الهجوم العسكري على غزة.
كما وثقت فرق الأورومتوسطي ظهور المقابر الجماعية العشوائية منذ تدشين أول مقبرة جماعية في مجمع الشفاء الطبي في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد تعذر نقل الشهداء والموتى إلى المقبرة الرسمية في مدينة غزة لوجودها شرقي غزة، ولاحقًا توالى إنشاء هذه المقابر حتى زاد عددها على 120 مقبرة جماعية، وفق بيان المرصد.
وتحرِم الهجمات العسكرية المستمرة، إلى جانب الاستهداف المباشر عن طريق القصف أو القنص أو إطلاق نار من مسيّرات "كوادكابتر" العائلات من الوصول إلى المقابر الرئيسة لدفن أبنائها بشكل لائق وبما يليق بكرامة الإنسان، كما تجعل عملية حصر وتسجيل وتحديد هويات الضحايا شبه مستحيلة.
وأكد المرصد أن إسرائيل تفرض ظروفًا غير إنسانية على سكان قطاع غزة، بما يمثل انتهاكًا خطيرًا لأحكام القانون الدولي الإنساني الذي يكفل احترام كرامة الموتى ومعاملة الجثث بطريقة لائقة، وطالب منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاضطلاع بدورهما في ضمان كرامة الجثث المدفونة في عشرات المقابر الجماعية في غزة.
كما دعا مسؤولون بالأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق دولي في المقابر الجماعية المكتشفة في مجمع الشفاء ومجمع ناصر الطبيين في قطاع غزة، في وقت واصلت فيه فرق الدفاع المدني انتشال المزيد من جثث شهداء بهذه المقابر.
وأفاد مصدر أن فرق الدفاع المدني الفلسطيني تواصل لليوم الرابع على التوالي انتشال المزيد من جثث شهداءَ من المقبرة الجماعية في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأفاد المصدر أن طواقم الدفاع المدني انتشلت جثث 35 شهيدا، مما يرفع العدد الإجمالي إلى 310 جثث من مختلف الفئات العمرية. وكان الدفاع المدني قد أشار إلى وجود 3 مقابر جماعية داخل أسوار مجمع ناصر.
وعبر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك عن فزعه وقال إنه "يشعر بالذعر" من التقارير التي تتحدث عن وجود مقابر جماعية في مستشفى ناصر بخان يونس، وقال إن تدمير أكبر مجمعين طبيين في قطاع غزة "مرعب".
وشدد تورك في بيان على الحاجة إلى "تحقيقات مستقلة وفعالة وشفافة" في هذه الوفيات وفي "المناخ السائد من الإفلات من العقاب".
وقال إن معظم ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة في الأيام القليلة الماضية نساء وأطفال. وحذر من توغل واسع النطاق في مدينة رفح لأنه "قد يؤدي إلى مزيد من الجرائم البشعة".
بدورها قالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم تورك "نستشعر ضرورة دق ناقوس الخطر لأن من الجلي أنه تم العثور على العديد من الجثث" أشارت تقارير إلى أنها دُفنت تحت أكوام من النفايات وكان من بينها نساء ومسنون.
وأضافت أن "بعضها كان مقيد اليدين، مما يشير بالطبع إلى انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويتعين إجراء المزيد من التحقيقات بخصوص تلك (الانتهاكات)".
وتابعت أن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعمل على التحقق من صحة تقارير المسؤولين الفلسطينيين التي تفيد بالعثور على 283 جثة في مستشفى ناصر و30 جثة في الشفاء.