مسارات التضاد السياسي في العراق
4-تشرين الأول-2022
د. حسين أحمد السرحان
في 15 ايلول الماضي نشرت مجلة (Foreign Policy) الاميركية تحليلا بعنوان "العراق على مقربة من حرب اهلية شيعية" في اشارة الى احداث العنف التي حصلت في العاصمة بغداد في الاسبوع الاخير من شهر آب الماضي بين اتباع التيار الصدري واتباع اطراف الاطار التنسيقي، اذ تمكن التيار الصدري من اظهار حجم قوته في العاصمة بغداد واستطاعت ان تخضع الكثير من المناطق والمقرات لسيطرتهم واستطاعوا من تحويل العاصمة الى منطقة حرب، ثم تم اخمادها بناء على طلب من مقتدى الصدر في 29 آب الماضي، وتم اخمادها في غضون ساعة، وادت تلك الاحداث الى مقتل 21 شخصا على الاقل واصابة 250 اخرين وفقا للتحليل.
وذكر التحليل ان الاحداث اعلاه ادت الى اضطرابات وهي تشير الى معركة جيوسياسية بين جهود إيران في تشكيل حكومة في بغداد واعتراضا على النفوذ الايراني في البلاد، وهي على عكس الاحتجاجات الشعبية في تشرين 2019 والتي ولدت نتيجة الاحباط السياسي والفساد.
يرى كاتب التحليل ان اعلان المرجع الديني الحائري اعتزاله المرجعية الدينية كان بضغط من السلطات الايرانية للحد من تأثير ونفوذ مقتدى الصدر وتشتيت جماهيره الذين اتبعوا الحائري بعد مقتل المرجع الديني والد مقتدى الصدر السيد محمد محمد صادق الصدر عام 1999. وبالتالي فشلت محاولة طهران السيطرة على مقتدى الصدر وتشتيت قوته على الارض بسبب ولاء انصاره له والتزامهم بتوجيهاته، ولذلك حتى الانسحاب من داخل المنطقة الخضراء في غضون ساعة واحدة بعثت برسالة مهمة وهي انه بغض النظر عن الطريقة التي قد تحاول طهران بها التأثير على السياسة العراقية، فإن الصدر لا يزال مسيطراً على الأرض.
المعطيات اعلاه الواردة في التحليل واضحة ومؤشرة فيما يتعلق بالتيار الصدري وأنصار السيد مقتدى الصدر، الا ان التخفي وخلط الاوراق وتشتيت الرأي العام التي تقوم به أطراف ما يسمى بـ" الاطار التنسيقي" وسائلها الاعلامية لم يوضح معطيات الطرف الاخر المناوئ للتيار الصدري، وعدم الوضوح هذا ربما سيمهد الطريق اكثر لإمكانية استفزاز انصار التيار الصدر مرة اخرى بطرق شتى كأن تكون اغتيالات او خطف وغيرها.
بعد الانسحاب من مجلس النواب الجماهير باتت هي كل اسلحة التيار الصدري بوجه خصومه الذين اختاروا رفضها وشيطنتها بقوة ووجهت لهم اتهامات باستخدام القوة ضدها.
سيلجأ التيار الصدري دائما الى الشارع والجماهير بعد فقدان عنصر قوته الاخر وهو وجوده النيابي وستستمر أطراف الإطار بشيطنة الاعتراض ضدها وستستمر في خطواتها الاستفزازية السياسية والاعلامية، وما الاصرار على عقد جلسة مجلس النواب يوم 28 ايلول الا دليل على هذا الاستفزاز وقبلها الاصرار على ترشيح السيد محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة، وكذلك الاصرار على اعتماد النهج التوافقي في تشكيل الحكومة.
رفض التيار الصدري لعقد جلسة المجلس الاخيرة واعتراضه على النهج التوافقي ورفضه لهذا النهج يعني ان التيار لن يكتفي بالبيانات والتغريدات والبيانات وغيرها، وسيكون له تحرك جماهيري وربما سينساق الى اقتتال مع بعض الفصائل المرتبطة بأطراف الإطار التنسيقي إذا ما حاولت الاخيرة استخدام القوة كما حصل مع ما سمي بـ "ثورة عاشوراء".
* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية