مسافر زاده الخيال!
16-آب-2023
عامر بدر حسون

في واحد عشرة عام 1978، صحوت مبكرا لتنفيذ القرار الذي سيؤثر في حياتي الى الابد.
- ذهبت الى الخطوط الجوية العراقية وقطعت تذكرة للمغرب. ثم دخلت الى مكتب "توماس كوك" في السعدون وحوّلت المال الى شيكات سياحية.. فهكذا اعتاد المسافر في تلك الايام.
وكان موعد رحيلي هو فجر اليوم التالي.
- كنت احمل في اعماقي ثقل سري الكبير: مغادرة العراق بجواز سفر نصف مزور!
لم استطع ان اخبر احدا.. فالايام كانت ايام شك باقرب الناس.
وبدلا من التشكي قلت لاملأ عيني بما استطيع من بغداد.
سرت في شارع السعدون وبدات اعد المكتبات ثم بدات اعد دور السينما والمسرح التي استمتعت بها طيلة سنوات:
هنا سينما السندباد.. هنا النجوم.. هنا اطلس.. سمير اميس.. النصر .. واخيرا سينما بابل. ستة دور سينما في شارع واحد وعشر مكتبات.. اضافة الى مسرح "الستين كرسيا" والمسرح الفني الحديث..
واحصيت ثلاثة مطاعم راقية تقدم كل يوم خميس فرقة تعزف الموسيقى الساحرة على العشاء!
هل يمكن مفارقة هذا؟
عرجت على شارع "ابو نواس" الشارع الاغرب والاجمل في العالم:
مطاعم وبارات ومقاهٍ تمتد على ضفة دجلة مباشرة ولمسافة تصل الى عشرة كيلو مترات. كان الشارع لما يزل غافيا فهو ينتعش ويضيء في الليل.
اقتربت من نهر دجلة واردت ان اشرب من مائه مباشرة.. لكنني خجلت من تنفيذ ذلك الفعل الطفولي!
غير انني دخلت الى مقهى كنت اجلس فيه بطريقة ساحرة حببّت اليّ النهر اكثر فاكثر. كنا نذهب الى هناك عصرا ونسحب الكراسي الخفيفة ونغرسها في طين النهر ونجلس وهي تغوص بنا شيئا فشيئا، ونقضي الوقت في القراءة او الدردشة او احلام اليقظة!
انسحبت بعد ان ملأت صدري برائحة النهر.
لم اكن صغيرا (28 عاما) لكنني كنت على يقين انني بالنظر والشم واللمس ساحتفظ بتلك الاشياء زادا ومتاعا لسفري الطويل!
وفي الخلفية كانت اغنية محمد عبد الوهاب "مسافر زاده الخيال" تدور وتحدد ايقاعي! عندما حل الظهر كنت في المحمودية عند اهلي لاودعهم.. سرا! لم نتحدث عن السفر صراحة حتى لانقع في ورطة مع الاطفال الذين يريدون ان يعرفوا كل شيء.
ثم انني قمت بجولة في مدينتي.. لم اسمح لاحد بمرافقتي. كنت اريد ان احصل على (وقتي الخاص فيها).. وقتي الذي ازعم انني استطيع فيه ضم كل ما اراه واشمه واسمعه في روحي! لم اذهب لشارع المدينة الرئيسي بل اخترت الدرابين القديمة. هناك انطلقت من البيت القديم الذي ولدت فيه في محلة السراي الى مدرسة المحمودية الابتدائية الثانية التي ذهبت اليها اول مرة في طفولتي عام 1956 متّبعا نفس الطريق والخطوات القديمة!
وعندما عدت الى البيت غادرتهم دون وداع الى بغداد.
في الليل جاءت عائلتي الى بغداد بسيارة كبيرة (18 راكبا) ليودعوني سرا!
جلسنا لساعتين ولم يكن ثمة ما يقال.. فكل واحد فينا كان يطوي في قلبه كلمات ومخاوف مبهمة، لكنني في النهاية عانقتهم وقبلت يد ابي وامي وهي تردد:
- "سعيد وبعيد" و"بالعربان ولا بالتربان" (مشرد عند العرب ولا مدفون تحت التراب)!
نمت تلك الليلة على السطح.. وملأت عيني بالنجوم واماكنها التي اعرفها جيدا وكان املي ان اعود واراها كما تركتها!
هل نمت تلك الليلة؟ لا ادري!
فقد كنت انهيت قبل اسبوع علاقة عاطفية، وودعنا بعضنا دون امل باللقاء او وعد بالمراسلة فالحياة والموت اقوى من الحب!
وكنت نهبا لافراح واحزان مختلطة.. فرحة الخلاص من الموت والتعذيب او ان اكون بعثيا. والخوف من ان يكون اسمي قد وصل الى المطار!
فجر الغد ساكون في المطار واختبر الخوف والفرح دفعة واحدة.. فهذه المشاعر اعتاد العراق ان يقدمها الى ابنائه مختلطة ببعضها..
والمحظوظ والحكيم من يستطيع فرزها لياخذ حصته منها صافية!
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech