صباح الأنباري

الصامتون: رجل المقاومة، مجموعتان من المسلحين يرتدون الملابس الزيتونية شبه العسكرية، قائد المجموعتين، عدد من المتهمين.
المُصْمَت الأول:
مجموعة من الرجال يرتدون ملابس زيتونية اللون شبيهة بالملابس العسكرية، مسلحون بالبنادق الرشاشة. يتقدمهم رجل في منتصف العمر يرتدي نفس زي المجموعة، ويتسلح بمسدس شخصي. تتقدم المجموعة وقائدها من عمق المسرح نحو جمهور النظارة على هدي موسيقى المارش. يتوقفون عند منتصف المسافة. يشير القائد عليهم بالانقسام على مجموعتين. تتحرك الأولى الى يسار المسرح، وتتحرك الثانية الى يمين المسرح بالهرولة النظامية. نسمع صوت مطاردة خارج الكواليس وأزيز إطلاقات نارية. القائد يراقب صولاتهم بمنظار يعلقه برقبته طوال الوقت. تدخل المجموعتان وقد ألقوا القبض على عدد من الرجال. يضربونهم بأعقاب البنادق بقوة. يسقطونهم على الأرض بإذلال، وبإشارة من القائد يقفون. يستعرضُ وجوههم بدقة، يطلب منهم إخراج هوياتهم فيفعلون. يدقق النظر في الهويات ويقارن بين صورهم على الهوية وبين وجوههم الحقيقية. يرمي الهويات على الأرض وحين ينحنون لالتقاطها يرفسون بقوة من قبل المسلحين. يؤمرهم القائد بالوقوف ثانية فيقفون يمد يده لواحد من اتباعه. يقوم التابع بتسليمه صورة المطلوب لقضائهم. يضع الصورة أمام وجه الأول فيشير برأسه على عدم معرفته بصاحب الصورة. يأمره القائد بالوقوف على الجانب المقابل. يضع الصورة أمام وجه الثاني فيشير الثاني برأسه علامة عدم معرفته بصاحبها وهكذا يفعل مع الآخرين فلا يتلقّى غير الرد بنكران معرفتهم لصاحب الصورة. يتحرك القائد باتجاههم يسير خلف ظهورهم مباشرة وكلما مرّ بأحدهم فانه يطلق عليه النار من مسدسه الشخصي. يأمر الجميع بسحب الجثث الى الخارج. يشير بيده علامة التجمع. يتجمع المسلحون حوله يطلق رصاصة باتجاه عمق المسرح. تظهر على الفور صورة المطلوب لقضائهم. يأمرهم بالبحث عنه فيخرجون بالهرولة النظامية. تنهال على المكان إطلاقات نارية مختلفة ينبطح القائد على الأرض مراوغاً الرصاص. تدخل المجموعتان بسرعة هائلة وتفتح الرصاص على مصدر النيران بكثافة مهولة وهم يحيطون به من كل جانب. يتوقف الرمي ويسود المكان هدوء تام. ينهض القائد. يعنف المجموعتين ثم يأمرهم باعتقال صاحب الصورة يخرجون وبعد مطاردة شديدة يدخلون وبمعيتهم عدد من الرجال المتهمين أو المشكوك بانتمائهم لصاحب الصورة. يشير القائد الى الصورة التي غطت مساحة السايكوراما. يقوم بضعة أفراد من المجموعتين بتدوير أجسام المتهمين نحو الصورة. يشير القائد الى الأول فيهز رأسه بالنفي. يشير الى الثاني ولا يحصل إلا على النفي. وكذلك يفعل الآخرون وكأنهم متفقون على الجواب بالنفي. يتقدم القائد منهم يضع في جيوبهم عبوات صغيرة ناسفة للقلب. يبتعد عنهم بمسافة كافية. تتراصف أمامه المجموعتان كدرع حماية. يرفع يده التي تحمل الصاعق الى الأعلى. يضغط على زره فتتفجر العبوات. يسقط المتهمون على الأرض جثثا هامدة بصدور ممزقة. تصرخ المجموعتان بصوت واحد (هيه) كتعبير عن انتصارهم على هذه المجموعة من المعتقلين.
(تطفأ الأضواء ويعتم المكان معلنا نهاية المصمت الأول)

المُصْمَت الثاني:
(لا يزال المسرح غارقا في الظلام يفتح الفلو دائرته الضوئية)
نرى المخبر السري ملثماً وهو يتقدم بخطى مرتجفة نحو الهدف. يقف في منتصف المكان. يشير باتجاه الهدف فتفتح المجموعتان نيران بنادقهم صوبه. يرتفع رأس رجل المقاومة بحيث يمكن لجمهور النظارة مشاهدته بوضوح. يطلق النار على المخبر السري. يرديه قتيلاً ثم يفتح النار على المجموعتين ببسالة نادرة. يتبادل الطرفان إطلاق الرصاص، وبعد معركة شرسة طويلة تنفد ذخيرة رجل المقاومة. تتقدم المجموعتان منه بحذر شديد. تقتربان منه كثيراً. يخرج من خلف مكمنه. يقاتلهم بالسلاح الأبيض. يتمكن من قتل اثنين منهم، يشير عليهم أحد أفرادهم الابتعاد عن رجل المقاومة فيبتعدون. يوجه بندقيته نحو ساق رجل المقاومة اليسرى يصيبها بطلق ناري. يتقدم رجل المقاومة على ساق واحدة مستهدفاً مطلق النار، فيصوب الأخير رصاصة نحو ساق رجل المقاومة اليمنى، يسقط الرجل غير هيّاب بما حصل لساقيه. ينهض. يحاول الدفاع عن نفسه لكن المجموعتين تنقضان عليه وتتمكنان من أسره. تكتفان ذراعيه وتجرانه بعنف الى خارج المكان.
(تختفي الأضواء تدريجياً مع خروجهم وتدريجيا تفتح ثانية)
نرى قائدهم منتظراً لحظة دخولهم الى المكان. يدخلون بزهو. يقدمون رجل المقاومة له. يدقق القائد النظر مقارناً بين وجه رجل المقاومة الحقيقي وبين الصورة التي غطتها الآن قضبان حديدية. يبتسم بمكر ثم تتحول الابتسامة الى قهقهة عالية يقهقه الأخرون مجاملين له. يطلق في الهواء رصاصة من مسدسه فيتوقفون عن الضحك الهيستيري. يأمر القائد بعضهم إحضار قفص حديدي. يخرجون وفي لحظات يدخلون ومعهم القفص الذي أراد. يضعون القفص على وسط المكان. يحشرون فيه رجل المقاومة. يأمر القائد المجموعتين بتوزيع الحماية على المكان. يقف اثنان منهم الى جانبي القفص. يـأمر أحد أفراد المجموعتين بإحضار كرسي وهاتف. ينفذ الأمر حالاً. يتصل بالهاتف عدة مرات. يتمشى وسماعة الهاتف لا تغادر أذنه. يخرج الى ما وراء الكواليس. يدخل ثانية. يجلس على الكرسي تمر لحظات قصيرة، يتبادل فيها النظر مع رجل المقاومة. ينظر إليه رجل المقاومة باحتقار. يدير وجهه عن رجل المقاومة. يستفزه الدخول المفاجئ لمجموعة مسلحة بمسدسات وبنادق آلية تحيط به كما لوكان عدواً. يصدر أحدهم أمراً للمجموعتين بالانسحاب وإخلاء المكان. تحل المجموعة الجديدة محل القديمة. يطلب أحد أفرادها من القائد تسليم سلاحه الشخصي فيفعل طواعية. ومع الموسيقى يدخل الى المكان شخص من مظهره يبدو صاحب أمر، ونهي، ونفوذ مهيب بلا محدود. يرافقه رجل من حمايته لا يفارقه أبداً حتى عندما ينتقل من مكان الى آخر فهو يعمل كظل ملازم له. يصافح المهيب قائد المجموعتين. يشدّ على يديه. يستدير نحو القفص. ينظر بإمعان نحو رجل المقاومة. يطلب الرجل المهيب ورقة وقلماً يسلمه قائد المجموعتين الورقة والقلم. يتقدم من قفص رجل المقاومة. يعطيه الورقة. يأخذها رجل المقاومة. ينظر في وجه المهيب باستياء، يمزق الورقة ويرميها تحت قدميه. يرتبك قائد المجموعتين كرد فعل لما ارتكب رجل المقامة من ذنب لا يغتفر بحق قائدهم المهيب. يبتعد المهيب عنه بضع خطوات. يستدير نحوه. يشير عليه بإصبع الاتهام. يجمع رجل المقامة لعابه ومع زفير قوي يبصقه في وجه المهيب بجرأة نادرة. يسحب مرافق المهيب مسدسه بسرعة فائقة مصوبا إياه نحو رأس رجل المقاومة. يطلق عليه عدة عيارات نارية فيرديه على الفور. يتمسك رجل المقاومة بقضبان القفص في محاولة منه لعدم السقوط فيبادره رجل الحماية بعدد آخر من الإطلاقات حتى يسقط على الأرض وهو لا يزال يحدق بغضب نحو المهيب. تتوقف الحركة في أرجاء المكان ويبدأ الضوء الانسحاب من على الأرجاء بينما تظل بقعة من الضوء مشعة بنورها على جسد رجل المقاومة.
(تطفأ الأضواء تماماً، فيهبط الظلام على أرجاء المكان مع تصاعد موسيقى جنائزية تتحول الى إنشاد جماعي هادر، ولكن بلا كلمات).