بغداد ـ ياسر الربيعي
يعاني القطاع المصرفي في العراق، منذ أكثر من عام، من سطوة كارتل فساد اطاح بعدد من المصارف إثر تلفيق تقارير ووشايات ضدها، رفعت لوزارة الخزانة الامريكية عبر البنك المركزي العراقي، الذي يتحكم به هذا (الكارتل) الفاسد.
تقول مصادر مطلعة لمراسل "العالم"، ان هذا اللوبي نجح في إصدار قرار امريكي بمعاقبة ومنع التعامل مع 14 مصرفاً عراقياً خاصاً من اجل فسح المجال لانفراد مصرفين فقط بعمليات شراء العملة الاجنبية من البنك المركزي والاستئثار والهيمنة على جميع التحويلات الخارجية التجارية بالعملة الصعبة.
وتؤكد المصادر هذه التدابير يقف خلفها (ص، م العلاق)، من أجل تحقيق ارباح وعمولات بمبالغ هائلة تصل الى اكثر من مليار وخمسمائة مليون دينار يوميا، اي ما يعادل مليون دولار من فروقات بيع العملة الاجنبية فحسب، عدا عمولات التحويلات الخارجية.
وتزعم المصادر، ان استحصال تلك الارباح والعمولات تتم عبر المصرف الاهلي الاردني، الذي لم تطله العقوبات الامريكية، بداعي كونه يحظى برضا ورعاية خاصة من "ص، م" وحاشيته.
يذكر ان المصرف الاهلي الاردني يعطى رخصة شراء عملة صعبة بمبالغ تتراوح بين 100 الى 120 مليون دولار يوميا اي ما يتجاوز 3 مليار دولار شهريا، وهو مبلغ يعدل سنويا ثلاثة اضعاف ميزانية الاردن نفسها.
وتتهم المصادر، مدير عام ادارة الاستثمار والتحويلات الخارجية في البنك المركزي (مازن صباح احمد) الذي تصفه بـ"اليد اليمنى" لـ"ص، م العلاق"، فهو الذي عينه في وقت سابق بهذا المنصب بعد أن كان "موظفا صغيرا".
وفي ظل الفساد المصرفي واهتياج الدولار والهيمنة والاستئثار بسوق العملة، ضرب الركود التجاري والكساد الاقتصادي السوق العراقي، ويتوقع مراقبون ان يتفاقم هذا السيناريو نحو الاسوأ ما لم تتخذ رئاسة الوزراء او الجهات الرقابية والامنية المسؤولة عن امن البلد الاقتصادي اجراءات رادعة لتفكيك هذا (الكارتل) وانهاء سطوته وتحكمه بالعمل المصرفي في العراق بصورة عاجلة.
وارتبع سعر صرف الدولار الى اكثر من 1700 دينار وبفارق 25٪ زيادة عن سعره الرسمي المعتمد الذي ما يزال يراوح عند عتبة 1310 دينار حتى الان، في ظاهرة صعبة التفسير.
ويقول مراقبون: إن حالة الفساد الاقتصادي المستشرية في مفاصل الحكومات المتعاقبة على مدى عشرين عاما، والتي انعكست في جميع مفاصل حياة الشعب العراقي ربما وصلت فصلها الاخير هذه الايام بعد الارتفاعات غير المتوقعة لسعر الدولار في السوق، والتي باتت تهدد ادنى مقومات الحياة، وربما تعيد الى الاذهان حالة الطبقات المتوسطة والفقيرة في المجتمع ابان فترة الحصار الاقتصادي في تسعينات القرن الماضي والتي ما زال سواد ذكرياتها عالقا في اذهان الاجيال التي عاشتها وقتذاك.
يشار الى ان عدم استقرار سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي في الفترة الأخيرة جعل الناس وخاصة الذين يعملون في الأسواق يحملون معهم الآلات الحاسبة باستمرار.
عبدالله أحمد، يمتلك محلاً في سوق الشورجة ببغداد منذ 25 سنة، ويتعامل مع المواد الغذائية التي يقتنيها الناس كل يوم، هو منشغل باستمرار بآلته الحاسبة ويعتقد أن الحكومة هي المتسبب في خلق هذه الأوضاع.
يقول أحمد إنهم لا يشعرون بأن هناك حكومة تسائل التجار، فالحكومة تبيع الدولار بسعر 1320 ديناراً، لكنه يباع في الأسواق بـ1670 ديناراً، ويتساءل عن السبب الذي وراء هذا الفارق الكبير بين السعرين: هل السبب هو خروج الدولار إلى الخارج أم التجار أم أن المسؤولين الحكوميين يتلاعبون بسعر الدولار.
ويمضي إلى القول بأن هذا تلاعب بأرواح الناس وليس بالدولار وحده.
اذ ان هناك عدم استقرار أمني وقلقا نجم عن ذلك، دفع حتى الناس العاديين إلى اقتناء الدولار وتخزينه.
علي كاظم، واحد آخر من العاملين في السوق، ويتحدث عن أن الناس تقتني الدولار لأنها تخشى استمرار ارتفاع سعر صرفه مقابل الدينار، ويشير إلى أن هذا يؤثر على حالة السوق بصورة عامة.
عامة الناس تلقي باللائمة على التجار، ويقول الأخرون إن البنك المركزي العراقي هو المسؤول وأن إجراءاته أسرع من أن يتمكن التجار من اللحاق بها.
عضو غرفة تجارة بغداد، علاء نوري، قال إن إجراءات البنك المركزي العراقي واللجان المتخصصة في هذا الموضوع وتعليمات التسلم والنقل، كلها بحاجة إلى مراجعة، وكذلك هناك حاجة لتسريع تسلم الحوالات من قبل الجهة المستفيدة.