بغداد ـ العالم
يسعى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومنذ أشهر عدة، لتغيير بعض الوزراء في حكومته، غير أن الخلافات السياسية، وتوتر الأوضاع في المنطقة حال دون ذلك، وفي الوقت الذي رآه فيه مراقبون أن تلك المساعي مرتبطة بالولاية الثانية، يؤكد آخرون ضرورة موافقة الكتل السياسية على تلك التغييرات، ولا يمكن تخطيها في ذلك.
وقال مصدر مطلع على كواليس عمل الحكومة، إنّ «التعديلات المرتقبة ستشمل خمسة وزراء فقط، وذلك بسبب جملة ملاحظات وصلت إلى رئيس الحكومة عن انخفاض الأداء خلال الأشهر الماضية، كما أن تقييماتِ السوداني الأخيرة التي أجراها فريقه الحكومي بعد مرور عامين، أظهرت هذه المؤشرات بوضوح».
وأضاف المصدر في حديث خص به "العالم"، أن «هناك موافقات مع بعض الكتل السياسية بشأن تغيير وزرائها، لكن كتلاً أخرى أبدت معارضة للأمر، وطلبت هذه التقييمات، للاطلاع عليها».
ويُتوقع أن يشهد التعديل الوزاري تحديات كبيرة نظراً لقرب الموسم الانتخابي، إذ تشكل العديد من الوزارات أهمية استراتيجية لبعض القوى السياسية التي تعتبرها مصادر دعم انتخابي.
وقال السوداني خلال الجلسة الوزارية التي عقدت بمناسبة مرور عامين على تشكيل الحكومة، إن «التعديل ليس موقفاً سياسياً تجاه هذه الكتلة أو هذا الحزب، وإنما رغبة في الوصول إلى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين».
وجاءت تصريحات السوداني وسط تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط وتزايد الخلافات والانقسامات داخل أحزاب الإطار التنسيقي، حيث يبدو أن الوصول إلى اتفاق حول التعديل الوزاري قد يكون صعب المنال رغم اقتناع رئيس الوزراء السوداني بذلك.
ومن المتوقع أن يواجه السوداني معارضة من بعض حلفائه، خاصة ائتلاف ‹دولة القانون›، إذ تشير بعض التسريبات إلى أن وزير النفط حيان عبد الغني، قد يكون من بين الوزراء المشمولين بالتغيير نتيجة وضعه الصحي الذي يمنعه من أداء مهامه في الوزارة، التي تُعد من حصة ‹دولة القانون›.
بدوره، يرى الباحث في الشأن السياسي علي الرفيعي، أن «التوجه نحو التغيير الوزاري ينبغي أن يرتبط بأمرين، الأول هو إجراء تقييمات شاملة وواقعية لكل الوزارات، وتحديد مكامن الخلل في أدائها، وماذا تحتاجه بالفعل لتطوير أعمالها، قبل التوصل لاتخاذ قرار بتغيير الوزير»، مشيراً إلى أن «هذا التوجه بحاجة أيضاً إلى القوى السياسية التي ينبغي أن تكون حاضرة لتقديم البدلاء عن مرشحيها ضمن الطاقم الوزاري للحكومة».
وأضاف الرفيعي، أنه «لا ينبغي أن يكون تغيير الوزراء وفق المزاج السياسي، أو وفق الحسابات والتوازنات بين الكتل السياسية، بعيداً عما تحتاجه البلاد، خاصة وأن موسم الانتخابات اقترب بشكل كبير، وربما تستغل الأحزاب هذا الأمر ضمن دعايتها الانتخابية»، لافتاً إلى أن «الوزراء الجدد ربما لن يتمكنوا من تنفيذ برامجهم لضيق الوقت».
وسيتعين على الأحزاب الدفع بمرشحين جدد لشغل المناصب التي يسعى السوداني إلى إفراغها، وهو مسار معقد؛ إذ يجب إجراء توافقات بينية داخل هذه الأحزاب أو التحالفات باعتبارها لا تتشكل من جهة واحدة.
وتعد هذه الوزارات خزانات انتخابية، تتيح للجهات السياسية الاستفادة من مواردها لتعزيز نفوذها وتأمين مصالحها الانتخابية، لذلك، يُعتقد أن مساعي التغيير الوزاري ستواجه مقاومة شديدة من الأطراف التي تسعى للحفاظ على سيطرتها داخل هذه المؤسسات لتحقيق مكاسب سياسية في المرحلة المقبلة.
وتعود جذور التعديل الوزاري في حكومة السوداني إلى مدد التقييم التي أعلن عنها السوداني بعد كسبه ثقة مجلس النواب في التصويت على فريقه وبرنامجه، ثم جاء عقب ذلك إعلانه بأنه سيخضع الوزراء والوكلاء والدرجات الخاصة إلى تقييم إداري.
ويحذر باحثون في الشأن العراقي من أزمة سياسية قد تضرب البلاد في حال شروع السوداني بإجراء التعديلات الوزارية دون التوافق مع الكتل السياسية، لأن إقالة وزير بآخر أو استبداله، ستدفع الأحزاب الأخرى للمطالبة بأن يتم تقييم بقية الوزارات، وستحدث أزمة سياسية تشمل كل الأحزاب الداعمة للحكومة.
وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022، شكَّل السوداني حكومته بدعم من تحالف ‹إدارة الدولة› الذي ضمَّ كل الأحزاب السياسية التقليدية عدا التيار الصدري.