معهد واشنطن: هذه فرضيات التصعيد في احتجاجات إيران
12-كانون الأول-2022
بغداد ـ العالم
نشر معهد واشنطن مقالا تحليليا حول الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ نحو ثلاثة أشهر، لافتا إلى دور ومصلحة الولايات المتحدة في الاضطرابات التي يعيشها النظام في طهران.
ومعهد واشنطن هو مركز دراسات أمريكي يسعى إلى تعزيز فهم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط والنهوض بالسياسات التي تؤمّنها.
وذكر كاتبا المقال، وهما مدير الأبحاث في معهد واشنطن، پاتريك كلاوسون، والباحث بالمعهد المتخصص في شؤون الأمن والدفاع المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، فرزين نديمي، أن السلطات الإيرانية تتبع، في كل مرة، نفس الأساليب في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، معرجا بذلك على أزمات سابقة شهدتها إيران. وأشار الباحثان إلى وجود فرضية لتصاعد الاحتجاجات نحو صراع مسلح مشابه لما حدث في ثورة 1979، مستدركين أن تلك الفرضية تستدعي تمرداً عسكرياً كبيراً والكثير من الانشقاقات. ولفت المقال التحليلي إلى أن الاحتجاجات حققت بعض "الانتصارات" للولايات المتحدة معتبرا أن المصلحة الرئيسية لواشنطن ستكون عبر الانتقال السلمي إلى حكومة تمثيلية منتخبة ديمقراطياً وعلمانية. وتاليا نص المقال التحليلي:
لا يزال لدى النظام الإيراني وسائل إضافية لجعل حملة القمع التي يقوم بها أكثر فتكاً، ومن المحتمل أن تكون بعض أرجاء البلاد مستعدة لحمل السلاح رداً على ذلك، مع تداعيات غير مؤكدة على الأرض.
مع دخول الانتفاضة الشعبية الواسعة النطاق في إيران أسبوعها الثاني عشر، يعزّز النظام جهوده ليبرر أيديولوجياً استخدام العنف المطلق ضد الحركة الاحتجاجية.
فما هو الفرق بين هذا العنف وتكتيكات النظام القمعية السابقة، وهل ستدفع بالمحتجين إلى الردّ بالمثل؟ لقد أفادت مجلة "تايمز" مؤخراً أن الحراك الحالي يضمّ في صفوفه الكثير من الإيرانيين الشباب "المتعلمين والليبراليين والعلمانيين... والمتعطشين للحياة الطبيعية"، لذا قد يكون من الصعب تصوّر تحولهم نحو الكفاح المسلّح.
ولكن من المتوقع أن يشهد الوضع تصعيداً نتيجة عوامل متعددة: جو المواجهة غير المسبوق في وجه النظام؛ واستعداد المحتجين المثبت للردّ بخطوات دفاعية عنيفة في بعض الأحيان (يدعي النظام مقتل أكثر من ستين من أفراد الأمن التابعين له وإصابة عدد أكبر بجراح أثناء مواجهة المتظاهرين)؛ عدم استعداد طهران الواضح للنظر بجدية في مطالبهم السلمية؛ وتعدّد الخيارات الفتاكة والقمعية التي لم تلجأ إليها بعد قوات النظام.
على مدى العقدين الماضيين، شهدت الجمهورية الإسلامية انتفاضات شعبية بوتيرة متكررة، أولاً في عام 1999، ثم مجدداً في 2009 و2017-2018 و2019.
ولمواجهة الموجة الحالية، تستخدم السلطات الكثير من التكتيكات نفسها التي لجأت إليها في الجولات السابقة.
حين اندلعت الاحتجاجات للمرة الأولى في أيلول/سبتمبر من هذا العام، عوّل النظام على "قوة إنفاذ القانون" التي غالباً ما يشار إليها ببساطة بـ"الشرطة".
وتمّ تكليف "وحدات الحرس الخاصة" التي تستعمل الدراجات التابعة لهذه الوكالة وعناصر أخرى بإحداث فوضى في المظاهرات، واعتقال المتظاهرين، وضرب الناس (أحياناً حتى الموت)، وتفريقهم باستخدام مزيج من الهراوات، والغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية، وكرات الطلاء، والخردق، والرصاص الحيّ.
وفي حالات كثيرة، تمّ إطلاق ذخائر غير مميتة على وجوه الناس من مسافة قريبة، مما زاد بشكل كبير من قدرتها الفتاكة.
ولا تزال تكتيكات "قوة إنفاذ القانون" مستخدمة حتى اليوم. وعندما عجزت الشرطة عن حسم الأمور، استقدم النظام وحدات مدربة على نحو خاص للسيطرة على أعمال الشغب من ميليشيا "الباسيج" المنتشرة على نحو واسع، ولا سيما ألوية "الفاتحين"، و"الإمام علي"، و"الإمام الحسين"، و"بيت المقدس"، و"عاشوراء".
بالإضافة إلى ذلك، بدأت عناصر مهمة من "وزارة الاستخبارات" وغيرها من أجهزة الاستخبارات في العمل جنباً إلى جنب مع "قوة إنفاذ القانون"، وارتدت عادة الثياب المدنية من أجل الاندماج بشكل أفضل مع المحتجين، أو تحديد الأهداف المحتملة، أو القيام بالاعتقالات، أو ارتكاب عمليات القتل من مسافة قريبة (سواء كانت مستهدفة أوعشوائية).
واستخدمت قوات "الباسيج" هذا التكتيك أيضاً، كما أظهرت مقاطع الفيديو التي صوّرها المواطنون كيفية إطلاق القناصين المزروعين على الأسطح أو جنود "الحرس الثوري" المدججين ببنادق حربية النار على الناس سواء على الأرصفة أو في سياراتهم.
والهدف الرئيسي هو ترهيب المتظاهرين لحملهم على مغادرة الشوارع على الفور، ولكن من المعروف أن هذه التكتيكات المستهدفة تصاعدت إلى عمليات قتل جماعي في الماضي (على سبيل المثال، "مجزرة ماهشهر" في تشرين الثاني/نوفمبر 2019).
كما شهدت قوات النظام تخريب المنازل والشركات، وإطلاق النار من السيارات، وخطف النشطاء بعد التعرف عليهم عبر طائرات مسيّرة أو مقاطع فيديو من دائرة مغلقة (والتي يمكن مراجعتها الآن باستخدام برنامج التعرف على الوجه بواسطة الذكاء الاصطناعي)، والاعتداء الجنسي على المعتقلين قبل إطلاق سراحهم (ذكور وإناث على حد سواء).
وكملاذ أخير، يمكن لـ "الحرس الثوري" الإيراني إرسال وحدات قتالية أساسية بأسلحة أثقل، بما في ذلك الدبابات وناقلات الجند المدرعة.