معهد واشنطن يسلط ضوءا على تحركات بافل طالباني خلال 15 شهرا: زار بغداد 35 مرة
14-آذار-2023
بغداد ـ العالم
حاول "معهد الشرق الاوسط" الامريكي تحديد ملامح الاستراتيجية الكامنة وراء الزيارات المكثفة التي يقوم بها زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني الى بغداد متوغلا في العلاقات السياسية داخل العراق الاتحادي بدرجة "غير عادية"، مشيرا الى انه سافر الى العاصمة الاتحادية 35 مرة منذ بداية العام 2022.
واعتبر التقرير الأمريكي الذي تضمن جداول واحصاءات ومعدلات مئوية، أن زيارات بافل طالباني الى بغداد ونشاطه داخل النظام الاتحادي العراق، وجعله اولوية، مبنية على استراتيجية مدروسة، وأن هذا الانخراط هو بدرجة غير عادية مقارنة بالسياسيين الكرد الآخرين.
وبعدما ذكّر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بتصريحات لبافل طالباني خلال مقابلة في كانون الأول/ديسمبر الماضي قال فيها "احب الدخول الى بغداد ورؤية اصدقائي بانتظام، رسالتي اليهم هي ان الاتحاد الوطني الكردستاني هنا لدعمكم، والاتحاد الوطني الكردستاني يريد حكومة ناجحة، والحزب قدم تاريخيا الكثير من التضحيات، من اجل كوردستان ومن اجل العراق، ونحن على استعداد لمواصلة القيام بذلك"، اشار التقرير الى انه منذ العام 2005، أبقت الاحزاب الكردية مسافة بينها وبين بغداد، وأن تركيزها السياسي كان ينصب دائما على حكومة اقليم كوردستان.
ولفت التقرير إلى أن الخلل السياسي والاقتصادي المتزايد في اقليم كوردستان، يدفع الاتحاد الوطني الكردستاني الى اعادة التفكير، حيث يستشعر وجود فرصة لتغيير هذه الحسابات من خلال الانخراط بنشاط في السياسة الاتحادية.
ورأى التقرير ان حزب طالباني يواجه ازمة خطيرة، مشيرا الى انقسامه الداخلي وخسارته الدعم بين الناخبين في معقله الأساسي في محافظة السليمانية، وهو يلعب بشكل دفاعي أمام الحزب الديمقراطي الكوردستاني المتزايد قوة وخصومة، ولهذا فإن رد الاتحاد الوطني الكوردستاني، هو التواصل مع حلفاء في بغداد. كما ذكر التقرير أن استراتيجية الاتحاد الوطني الكوردستاني تعتمد على ديناميكيتين مهمتين: الأولى هي: ان العلاقات بين بغداد وإقليم كوردستان لم تعمل بشكل جيد خلال العقد الماضي، بسبب الخلافات حول مبيعات النفط ، والميزانية، وكركوك والمناطق المتنازع عليها، واستفتاء الاستقلال في العام 2017، وهذا الضعف في التعاون الحق الضرر بإقليم كوردستان ماليا وأعاق التقدم في التشريعات مثل مشروع قانون النفط والغاز.
وذكر التقرير بتصريحات لبافل طالباني مؤتمر في اربيل في الأول من آذار/مارس، قال فيها إنه يعتقد أن "بإمكاننا خدمة شعب اقليم كوردستان عبر بغداد".
أما الديناميكية الثانية بحسب التقرير، فإنها تتعلق بالتوتر السياسي بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يرسخ مكانته كقوة مهيمنة في الاقليم كردستان، مضيفا أن هذه الخصومة جعلت الاتحاد الوطني الكردستاني يبحث عن حلفاء ويبدو أنه وجدهم في بغداد.
واستنادا إلى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، نشر التقرير بيانات تتعلق بالفترة ما بين بين 1 كانون الثاني/يناير العام 2022 و 8 اذار/ مارس العام 2023، اظهرت 139 اجتماعا معترفا به علنا يضم 75 مسؤولا على الأقل، مضيفا أن تحليل البيانات يظهر ان استراتيجية بافل طالباني تتألف من الاجتماع بشكل متكرر مع مجموعة محدودة من الحلفاء السياسيين من الإطار التنسيقي والقوى المرتبطة به، واقامة علاقات مع البعثات الدبلوماسية الاجنبية في بغداد.
وأشار التقرير إلى أن البيانات تظهر انه تم استبعاد خصوم سياسيين مثل الصدريين والجماعات التابعة لحركات تشرين، والاهم من ذلك، الحزب الديمقراطي الكوردستاني، من قائمة الاجتماعات العامة لبافل طالباني.
وبالإجمال، يقول التقرير إنه خلال الشهور الخمسة عشر الماضية، قام بافل طالباني بما يقدر بـ 35 زيارة الى بغداد، وانه من بين 139 اجتماعا من مجمل اجتماعاته، فإن الثلثين عقدت في بغداد (93 اجتماعا).
واظهر التقرير انه بشكل عام، التقى بافل طالباني بشكل متكرر مع اعضاء في الاطار التنسيقي بنسبة 33٪، وان زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، هو من بين الأكثر الشخصيات التي التقاها، بإجمالي 16 مرة أو بمعدل أكثر من مرة في الشهر.
وتابع أن اللقاءات العديدة كانت ايضا مع زعيم حركة بابليون ريان الكلداني (15 مرة)، وزعيم العزم مثنى السامرائي (13 مرة). كما التقى مع قادة آخرين مثل نوري المالكي (13 مرة)، وهادي العامري (9 مرات)، وعمار الحكيم (8 مرات)، وفالح الفياض (5) مرات.
واعتبر التقرير؛ انه من المثير للجدل هو ان بافل طالباني التقى مرارا بشخصيات عاقبتها وزارة الخزانة الامريكية، وخصوصا الخزعلي والكلداني، كما ان هناك شخصيات اخرى خاضعة لعقوبات مثل الفياض وابو فدك المحمداوي واحمد الجبوري المعروف باسم ابومازن.
كما اضاف التقرير ان طالباني عقد اجتماعات مكثفة مع ممثلي الحكومات والجيوش الأجنبية والأمم المتحدة، وهم يمثلون 29 ٪ من جهات الاتصال الرئيسية. وشارك الدبلوماسيون الامريكيون ايضا بـ(10 لقاءات)، بينما جاء المسؤولون الروس في المرتبة الثانية. لكن كان هناك اجتماع واحد فقط معلن مع مسؤول إيراني، هو سفير طهران في العراق محمد كاظم آل صادق، برغم أن الاتحاد الوطني الكوردستاني يتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران.
وأشار التقرير الى أنه كانت هناك بعض التكهنات بين المحللين حول ما إذا كان الاتحاد الوطني الكوردستاني سينفصل عن اقليم كوردستان، او سيقوم باتخاذ ترتيبات مع بغداد للحصول على ميزانية منفصلة، او يقوم بالابتعاد عن الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وختم التقرير بالقول إنه ينبغي النظر الى استراتيجية الاتحاد الوطني الكردستاني المتعلقة بمواصلة العلاقات الوثيقة مع بغداد على أنها استكمال لتركيزه تقليديا على العمل داخل اقليم كوردستان، وليس بديلا عن هذا النهج. لكنه اضاف ان الاتحاد الوطني الكوردستاني يواجه موقفا صعبا حيث ان الاوضاع المالية للمؤسسات الحكومية في السليمانية بحالة متردية، ولا يزال يتعامل مع آثار صراع الزعامة الطويل، فيما يبدو ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يتدخل في شؤونه الداخلية، بينما القاعدة التقليدية للناخبين مصابة بخيبة أمل.
واعتبر التقرير أن حزب طالباني بحاجة الى مساعدة ودعم وهناك منطق يقف خلف البحث عن ذلك في بغداد، مضيفا انه "ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤتي ثمارها، يبقى سؤالا مفتوحا".