مصطفى ملا هذال
يطلق تسمية الكومبارس على ممثل الخلفية او الممثل الإضافي، وهو الممثل الذي يظهر في دور غير متكلم أو صامت في فيلم أو برنامج تلفزيوني أو مسرحي وغيرها من الفنون التمثيلية، وفي المقال الحالي نحاول استعارة هذه التسمية والصاقها بالمرشح الذي وظف ليؤدي دور الكومبارس في الاعمال الفنية بمختلف اشكالها.
كلنا يعرف إن الكومبارس هو الشخص الذي تقل أهميته في الأفلام والمسلسلات، ويتم استخدامه من أجل ملأ الفراغ، وهذا يعني أن بعض المرشحين تم ادراجهم ضمن قائمة ما لهذا الغرض، أي ملأ الفراغ فضلا عن حزمة من الأغراض سنتناولها في السطور القادمة.
اعداد كبيرة من المرشحين سمحت لها شخصيتها الباحثة عن الوجاهة والسلطة ان تكون كومبارس انتخابي، مجرد عدد يمثل منطقة من المناطق دون النظر فيما إذا كان الترشيح يخدم تلك الشخصية ام لا، وبالنتيجة تحول اغلب المرشحين بهذه الطريقة الى بطاقات ترويج القوائم الكبيرة.
وفق الترشيح بهذه الصورة بالنسبة للشخصيات التي تعاني من فراغ اجتماعي وشعور حاد بالنقص، تكون الأحزاب الكبيرة المتنافسة على السلطة قد ضربت عصفوران بحجرة واحدة، العصفور الأول هو كسب تلك الشخصية لتكون تحت تصرفها وعباءتها، حرمتها من اللعب على الحبلين.
اما العصفور الآخر هو تقوية القائمة معنويا، فعندما يرشح شيخ عشيرة له سطوته، او وجيه قومه له نفوذه، يعطي لتلك القائمة او الكيان الشرعية امام افراد هذه القبيلة او تلك وان كان لديهم ملاحظات او تحفظ على رئيس الكتلة او التجمع الانتخابي، وهنا يتجسد الذكاء السياسي بلجم الأصوات التي قد تهاجم القائمة.
إسكات الأصوات المعارضة في المرحلة التي تسبق الانتخابات واحدة من الأهداف التي تسعى جميع الكيانات تحقيقها، فكثرة اللغط على قائمة ومحاولات إسقاطها امام الأوساط المجتمعية امر تراهن عليه العديد من الجهات المتنافسة، ومن يؤخر هذا السقوط او يقلل من آثاره هو الكومبارس الذي اختير لا على أساس كفاءته او نزاهته بل على أساس اسهامه في تقليل الانتقادات.
وصول عدد المرشحين الى المئات في الكيان الواحد له دلالات كثيرة، من بينها ان الكيان لا يتبع استراتيجية معينة في اختيار المرشحين، وان الباب مفتوحة امام كل من يرغب بتجريب حظه ومعرفة شعبيته في الساحة الاجتماعية والسياسية، وبالتالي تصبح هنالك تخمة في اعداد المرشحين.
التخمة في الاعداد يبعث بتصور ان البلد يتمتع بديمقراطية فعلية، تظهر بجلاء عبر كثرة المرشحين مع اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، الجميع يخوض الغمار، وسيكون الفوز حليف الأكثر حظا وشعبية منهم، مع تأكد الغالبية العظمى من عدم الفوز.
لا تخلو العملية الانتخابية من رسائل مبطنة تحاول إيصالها الأحزاب الكبيرة المتصارعة على السلطة، ومن الرسائل الآنية ان هذه الأحزاب عمادها أبناء المجتمع ولا يمكن ان تتقدم بدون ذلك العماد، فتراها حريصة في الشهور التي تسبق الانتخاب على جمع شخصيات الكومبارس بعناية فائقة.
لكنها وقعت في احايين كثيرة بأخطاء الاختيار غير الموفق، اختيار لا يقوم على أسس علمية او منطقية، وقعت يدها على شخصيات غير نزيهة متهمة بالفساد الاجتماعي والتدني الأخلاقي، ساهموا بشكل مباشر بتراجع شعبية بعض الكيانات التي احتضنت مثل هذه الشخصيات.
لا يمكن الغاء أهمية شخصية الكومبارس في الاعمال الفنية الحقيقية، لكنها خالية المضمون في العمليات الانتخابية الحاصلة في السنوات الأخيرة، وينسحب ذات الامر على انتخابات مجالس المحافظات المقبلة.