ا.م.د. هديل سعد احمد ـ ا.م.د عباس سعدون رفعت
بعد الازمة الاخيرة التي شهدها الاقتصاد العراقي نهاية عام 2022 ومطلع عام 2023 , من انهيار قيمة الدينار العراقي في مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي , حتى وصل حينها الى (165000) دينار لكل 100$ , ومارافق ذلك من انعكاس على الوضع الاقتصادي لابناء المجتمع العراقي , اذ صاحب ذلك ارتفاعا بقيمة المواد باختلاف انواعها والخدمات المقدمة , وهذا سبب تدهورا معاشيا صعبا , اثار حفيظة الشارع العراقي .
ونتيجة لذلك , اتخذت الحكومة العراقية وعلى رأسها السيد رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) سلسلة من الإجراءات للحد من تفاقم الازمة , والحيلولة دون الانخفاض المستمر للعملة المحلية(مقابل الدولار) , ومنها تحديد سعر مركزي للدولار يتم بيعه في المنافذ الرئيسة المحددة من قبل الدولة , ومحاسبة المخالفين وفرض عقوبات مشددة بحقهم .
فضلا عن فتح المنافذ الرئيسة لبيع العملة امام المواطن العراقي وتحديد مبالغ معينة للافراد لدى قيامهم بالسفر لدول معينة، الى جانب الزام الشركات والجهات الحكومية ببيع السلع والخدمات بالدينار العراقي بدلا من بيعها بالدولار الامركي وتم تحديد سعر صرف الدولار الامريكي في المنافذ الحكومية ب (1470) الف دينار.
غير ان هذه الاجراءات لم تكن كفيله بانهاء الازمة وتداعياتها
وقد علل بعض الخبراء الاقتصاديين الاسباب الكامنة وراء ارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي في الاونة الاخيرة الى بدء العراق بالامتثال بمعايير وقوانين التحويلات المالية العالمية متمثلة ب ( سويفت) والذي اصبح لزاما على المصارف العراقية البدء بتطبيقه منذ شهر تشرين الثاني عام 2022 , وذلك بغية الحصول على احتياطات العراق المحبوسة لدى المصرف الفيدرالي الامريكي والتي امتنع هذا المصرف عن تسليمها للعراق بدعاوي متعدده يطيل شرحها.
وتلافيا لذلك ولكي يحصل العراق على امواله المجمدة لدى الخزانه الامريكية والتي تبلغ مايقدر ب (100 مليار دولار) , اتخذتالحكومة العراقية العديد من الجوالات والزيارات من قبل مسؤولي على نطاق واسع لوضع حلول ناجعه للازمة , وبالفعل تم التوصل الى حل تضمن التزام العراق بالانضمام لقوانين مكافحة غسيل الاموال العالمية , ومكافحة تمويل الارهاب , وتجنب الافعال التي تؤدي الى تطبيق العقوبات الاقتصادية كتلك المفروضة على الجمهورية الإيرانية.
بالتالي اصبح لزاما على المصارف العراقية الغائبة عن انظمة التحويلات العالمية , الخضوع الى انظمة مالية عالمية كنظام سويفت العالمي , علما ان المصارف العراقية لاتتوفر لديها ثقافه الانظمة المالية العالمية ولم تكن معتادة على العمل بمثل هكذا انظمة بالتالي اصبحت مشاركتها بمنصة سويفت والتزامها بالعمل بموجب هذا النظام بمثابه صفعه للمصارف العراقية .
ويكمن السبب الرئيسي في رغبة الولايات المتحدة انضمام لعراق الى منصة سويفت العالمية واشتراكه فيها , الى مراقبة جميع عمليات التحويلات المالية الخارجية التي تقوم بها المصارف والمؤسسات العراقية , اذ ان احد الاسباب التي دعت البنك المركزي الفيدرالي الامريكي الى الامتناع عن اعطاء العراق احتياطه هو بحجة تسريب العملة الاحنبية الى خارج العراق لجهات معاقبة دوليا , ولهذا الغرض وحتى تضمن الحكومة الامريكية عدم تسريب العملة الاجنبية لجهات غير قانونية , ولقد اشترطت على العراق دخوله منصة سويفت والتزامة بالتحويل المالي وفقا لقواعد هذه المنصة اي ان جميع التحويلات والرسائل المالية يجب ان تجري عن طريق منصة سويفت العالمية , ان نظام سويفت ( جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) , تاسس عام 1973 ليحل محل المنظومة التي كانت مستخدمة انذاك وهي (التلكس) والتي اثبت واقع الحال عدم صلاحيتها لمواكبة التطورات المستجدة على البيئة التجارية والمصرفية .
وتستخدم ما يقارب 11000 مؤسسة مالية ومصرفيه نظام سويفت , وذلك لارسال رسائل امنه ولتلقي اوامر بالدفع , ولايوجد لغاية الان بديل يواكب نظام سويفت عالميا اذ يعد نظام سويفت العمود الفقري لحركة الاموال والاقتصاد العالمي.
ويعد نظام سويفت وهو نظام التحويل المالي الدولي للاموال , طريقة امنه وموحدة وموثوقة لارسال الاموال او تلقيها من المصارف في مختلف دول العالم . وتتطلع منصة سويفت العالمية الى تقديم افضل الخدمات في مجال التحويلات المالية الإلكترونية , وربط مؤسسات ومصارف العالم بعضها ببعض وتبادل الرسائل والمعلومات والملفات بين جميع اسواق المال وذلك عن طريق المصارف المسؤولة عن تنفيذ ذلك في دول العالم المختلفة وبالتالي يتمكن المشارك في هذه المنصة من مقابله احتياجات العملاء الوطنين والاجانب على حد سواء.
والواقعة ان منصة سويفت ستكون مراقبة من الحكومة الامريكية وهذه احدى الماخذ التي اخذت على منصة سويفت وذلك لانه الحكومة الامريكية ستتمكن من مراقبة جميع التحويلات المالية التي تتم عبرها اذ قد يرد تخوف من استخدام هذه المنصة سياسيا من الولايات المتحدة ضد بعض الدول التي لا تتلاقى او تنسجم معها .
وفيما يخص العراق، وبالمختصر، وحتى يتمكن من استرداد امواله يجب ان يقوم باتمام عمليات التحويل المالي الدولي للاموال عن طريق منصة الكترونية , ويتم عن طريق هذه المنصة تدقيق الطلبات والمراسلات كافة , اذ يقوم البنك الفيدرالي الامريكي بتدقيق جميع انواع التحويلات التي تجريها المصارف والمؤسسات العراقية وفحصها ليتاكد من مطابقتها للمعاير , واذا لم تكن كذلك يقوم البنك الفيدرالي بايقاف عملية التحويل المالي فورا .

كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين
‏‪dr.abas@nahrainuniv.edu.iq‬‏‬