بغداد ـ العالم
رأى تقرير أمريكي، أن بين يدي إيران القدرة على تحديد المدى الذي قد تتسع إليه الحرب الحالية بين إسرائيل وحركة حماس، أو لا تتسع، سواء وفق حسابات محددة أو وفق سوء حسابات للموقف، بما في ذلك من جانب الساحة العراقية.
وذكر موقع "فوكس" الأمريكي، المتخصص بالتحليلات السياسية، أن "لبنان ليس المكان الوحيد المحتمل لتوسيع جبهة الحرب، وامتداد الصراع، إذ أن الميليشيات المدعومة من إيران تهاجم القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وشنت 27 هجوما على هذه القواعد منذ 17 اكتوبر/تشرين الاول الماضي".
ونقل التقرير عن الباحث في معهد الشرق الأوسط الأمريكي، جون الترمان، قوله إن "الإيرانيين سعداء بتفعيل جماعاتهم بالوكالة والسماح لاشخاص اخرين بالقتال والموت، وبصراحة فإن العديد من المجموعات الوكيلة سعيدة بالقتال والموت".
ونقل أيضاً عن الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" للابحاث علي فايز، قوله إن "علاقة ايران بالجماعات متنوعة الشكل، فهناك حزب الله، التي ترتبط مع إيران بعلاقات تشبه الحليفين في حلف الناتو"، مشيراً إلى أن حزب الله لا يحظى سوى بايران كدولة داعمة، في حين أن حركة حماس والجماعات المسلحة في العراق وسوريا، لديها علاقات مع دول أخرى".
ولفت التقرير إلى أن كل هذه الجماعات توفر لإيران خيارات حول أين وكيف تريد توجيه رسائل الى خصومها، وتحديدا الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما تتمتع إيران في الوقت نفسه بقدرة على الإنكار ونفي مسؤوليتها عن أي هجوم، مضيفا رغم ذلك أن هذا التكتيك لا يخلو من المخاطر، خصوصا في ظل عدم وجود قنوات دبلوماسية مباشرة بين هذه الأطراف المتخاصمة.
وبحسب "الترمان"، فإن "هناك طريقتان يمكن أن يتوسع بها هذا الأمر: إحداهما عن طريق الحساب، والأخرى عن طريق سوء الحساب"، مشيرا الى انه من المحتمل ألا ترغب إيران بمهاجمة اسرائيل او الولايات المتحدة بشكل حاسم ومباشر، لكن أي خطأ او خطوة مبالغ فيها من جانب ايران أو أي من وكلائها، يمكن ان يقود الصراع خارج حدود غزة. وأوضح الترمان، انه في ظل حالة التأهب القصوى، فان صاروخا ما قد ينحرف عن مساره، وقد يقتل شخصا ما"، مضيفا أنه من المحتمل أن هناك قادة يعملون بشكل مستقل، او يعملون خارج توجيهات ايران او اي مجموعة وكيلة اخرى، ولهذا فانه من الممكن ان يحدث اي شيء، ويتم الدخول في تصعيد وبسرعة كبيرة.
وذكر التقرير انه رغم أن أيا من الجماعات الوكيلة لن تتصرف بلا موافقة ايران، فان حزب الله يسير بخطى ثابتة مع إيران ايديولوجيا وتكتيكيا، مضيفا ان نصر الله وجماعته لا يتصرفون بشكل مستقل، وأن الحزب يبرز كقوة سياسية وعسكرية فعالة في جنوب لبنان وعلى الساحة الوطنية، وأنه منذ حرب العام 2006 مع إسرائيل، عمل الحزب على تطوير تنمية قدراته؛ حيث يعتقد انه يضم 100 الف مقاتل، ولديه ترسانة ضخمة من الصواريخ والمدفعية، بما في ذلك النماذج الايرانية الأطول مدى ذات الحمولات الأكبر، ما يعني أن بمقدور الحزب اطلاق النار بشكل أعمق داخل اسرائيل واستهداف البنية التحتية الحيوية. ونقل التقرير عن الباحثة في "معهد واشنطن" الأمريكي حنين غدار، قولها انه بمجرد ان تحتاج إيران إلى استخدام حزب الله، فإنها ستفعل ذلك، على الرغم مما يحدث للبنان.
كما نقل عن المبعوث الأمريكي الخاص سابقا للتحالف المناهض لداعش جيمس جيفري، قوله انه برغم ان لدى الحزب قوة برية أكبر من حماس، إلا أنه "سيواجه على الأرجح 100 الف جندي اسرائيلي متحصنين في حالة تأهب كامل، وهذه مهمة انتحارية"، مشيرا الى انه من المرجح ان تكون ايران قد اجرت حسابات مفادها ان ان التهديد المتمثل في زيادة ترسانة حزب الله الصاروخية يكفي لمنع اسرائيل من القيام بعملية كبيرة ضد لبنان.
وبحسب حنين غدار، فإنه برغم التنسيق بين حماس وحزب الله فيما يتعلق بالهجمات على اسرائيل، فان "توقعات حماس بالحصول على الدعم كانت أكثر بكثير"، معربة عن اعتقادها بأن ما حدث هو ان حماس ادركت انه "تم رميها في النار من أجل تحقيق ايران مكاسب سياسية معينة”، مثل احباط عمليات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. وتابعت قائلة ان "مهمة حزب الله تتمثل بحماية هذه المكاسب ومساعدة إيران على استخدام تهديد حزب الله لترجمة هذه المكاسب الى المزيد من الأرباح السياسية والاقتصادية. وقد تم بالفعل خداع حماس".
وبعدما أشار التقرير الأمريكي، الى الغارات التي شنتها الولايات المتحدة على مواقع للجماعات الوكيلة في العراق وسوريا منذ استئناف الهجمات على المنشآت الأمريكية في 17 اكتوبر/تشرين الأول، لفت إلى أن صواريخ هذه الجماعات الى جانب صواريخ الحوثيين من اليمن، لا تشكل حتى الآن اشارة لتهديد حقيقي بفتح جبهة جديدة، وانما تعكس تعبيرا ايرانيا عن الاستياء من الاعمال العسكرية الاسرائيلية والأميركية أكثر من كونها تهديدا حقيقيا بالتصعيد، اقله حتى الوقت الحالي. ونقل التقرير عن المحلل فيليب سميث الذي يركز على حزب الله والجماعات الجهادية في العراق قوله: "هناك شبكة أساسية من الجماعات التي تسيطر عليها ايران في العراق تدير هذه الجماعات الامامية" والتي تنفذ هجمات صاروخية على القواعد الامريكية في العراق وسوريا، مشيرا الى ان ان العديد من الجماعات الجهادية الاساسية التابعة لقوات الحرس الثوري الايراني، بتوجيه عدد من جماعات الواجهة في العراق وسوريا. وأوضح سميث، أن "جماعات الواجهة الاخرى الاصغر حجما ليست بالضرورة متحالفة بشكل وثيق تماما، ما يعني انه يمكن ان تخرج الامور عن المسار عن طريق الخطأ في بعض الاحيان او تتجاهل أوامر ايران". وذكر التقرير بلقاء زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي مع القيادي في حركة حماس اسامة حمدان مؤخراً، حيث قال المسؤول الفلسطيني أن حماس "تتطلع الى دور مهم يلعبه العراق من اجل القضية الفلسطينية".
لكن التقرير، أشار إلى أن "هذا الاجتماع لا يشير إلى أن هذه الجماعات الامامية ستقوم بأي شيء أكثر من اطلاق الصواريخ على المواقع العسكرية الامريكية، ما لم تقرر إيران أن ذلك يخدم مصلحتها.
أما بالنسبة للحوثيين، رأى التقرير، أنه برغم انهم عبروا عن التضامن مع حماس من خلال إطلاق الصواريخ، فإنه من غير المرجح ايضا ان يفتحوا جبهة اخرى في الحرب لأن لديهم مخاوفهم الخاصة المتعلقة بمحاولة التفاوض على تسوية سياسية لإنهاء الصراع اليمني رسميا، بالاضافة الى قضية الفقر في اليمن والعنف الإرهابي المتزايد من قبل تنظيم القاعدة.
والى جانب ذلك، خلص التقرير الأمريكي، إلى القول إن إيران نفسها تعاني أيضا من مشكلات داخلية كبيرة تجعل من الصعب تصور أنها قد تخاطر بالدخول في صراع مباشر مع الولايات المتحدة واسرائيل، مستبعدا أن يساعد الصراع المفتوح في حل مشكلات الحكومة الإيرانية.