بغداد ـ العالم
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها باتريك كينغزلي، قال فيه إن أعمال العنف والاضطرابات تواصلت الجمعة في جيوب بالضفة الغربية والقدس المحتلة، مع تصاعد التوترات بشكل حاد، في أكثر الأعوام دموية في الضفة الغربية منذ 2015.
على خلفية الحملة الانتخابية الإسرائيلية، وصلت الاضطرابات ذروتها بعد عدة أيام من العنف في إسرائيل والأراضي المحتلة، قتل فيها جنديان إسرائيليان في هجمات فلسطينية، وقتل ما مجموعه أربعة فلسطينيين خلال الغارات الإسرائيلية.
وقتلت القوات الإسرائيلية فلسطينيين بالرصاص خلال مداهمة في الصباح الباكر في جنين بشمال الضفة الغربية. كما دخل المستوطنون الإسرائيليون حوارة، وهي بلدة فلسطينية يمر بها الإسرائيليون بانتظام للوصول إلى المستوطنات القريبة، وخربوا الممتلكات، واشتبكوا مع السكان لليوم الثاني على التوالي. وقال زعماء المستوطنين إنهم كانوا يردون على رماة الحجارة الفلسطينيين. وجاءت هذه الحوادث في أعقاب أعمال شغب ومواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليلة الخميس وفجر يوم الجمعة في القدس، حيث وردت أنباء عن اضطرابات لليلة الثانية على التوالي.
ووقعت مواجهة أيضا يوم الجمعة بين قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية، وأنصار حركة حماس في الخليل بجنوب الضفة الغربية.
كما تم إغلاق العديد من الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية هذا الأسبوع، حيث قامت الشرطة الإسرائيلية بالبحث عن أحد المهاجمين المتورطين في قتل الجنديين، وأضرب مئات الآلاف من الفلسطينيين في كل من القدس والضفة الغربية؛ احتجاجا على عمليات الإغلاق هذه.
لقد تفاقمت الأحداث من عام من الاضطرابات في الضفة الغربية، التي بدأت في إجراء مقارنات مع المراحل الأولى للانتفاضتين الفلسطينيتين، في أواخر الثمانينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين. وقتل أكثر من 100 فلسطيني، وما لا يقل عن أربعة جنود وضباط شرطة إسرائيليين في الضفة الغربية والقدس منذ بداية العام.
تصاعد العنف بعد موجة من الهجمات العربية، خاصة داخل إسرائيل، أسفر عن مقتل 19 إسرائيليا وأجنبيا بين آذار/ مارس وأيار/ مايو. ردا على ذلك، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية في الضفة الغربية، وقام بمداهمة المدن الفلسطينية بشكل يومي تقريبا، واعتقال أكثر من 1500 فلسطيني. أوقفت الحملة الهجمات داخل إسرائيل، لكنها فاقمت الغضب الفلسطيني من الاحتلال المستمر منذ 55 عاما، ما أدى إلى تصاعد العمليات المسلحة داخل الضفة الغربية.
يشعر العديد من الشباب الفلسطيني باليأس من إمكانية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من خلال الوسائل السلمية، وهم غاضبون بشكل متزايد من فشل قيادتهم في إجراء الانتخابات، مع تحقيق القليل الذي يعزز قضية الدولة الفلسطينية.
الوضع معقد بسبب الانقسامات داخل فتح، الحزب العلماني الذي يهيمن على السلطة الفلسطينية، حيث يتنافس كبار أعضائها لخلافة محمود عباس، رئيس السلطة، البالغ من العمر 87 عاما.
على الرغم من ضغوط إسرائيل، تجنبت السلطة أي نوع من التدخل الجاد ضد الجماعات المسلحة الشعبية. بعد انتقادها لتعاونها مع قوات الأمن الإسرائيلية واعتبارها فاسدة على نطاق واسع، تخشى السلطة من إضعاف شعبيتها بشكل أكبر.
وقد سمح ذلك بظهور حركات مسلحة جديدة تعمل بشكل مستقل عن سلاسل القيادة الفلسطينية التقليدية، مثل مجموعة عرين الأسود في نابلس.
وحاولت المعارضة السياسية الإسرائيلية استغلال الاضطرابات لصالحها في الحملة الانتخابية البرلمانية في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، وهي الخامسة في أقل من أربع سنوات. مرة أخرى، تشير استطلاعات الرأي إلى أنه لا يوجد فارق كبير بين الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء يائير لبيد، وتحالف المعارضة اليميني بقيادة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق.
وكتب نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة "القدس تحترق"، داعيا إلى "حكومة يمينية قوية ومستقرة". وكان إيتامار بن غفير، النائب اليميني المتطرف، الذي من المرجح أن يحتاج نتنياهو لدعمه لتشكيل أغلبية برلمانية، قد توقف مساء الخميس كجزء من حملته الانتخابية في الشيخ جراح، وهي منطقة مضطربة بشكل خاص في القدس. فعلى مدى عقود، شنت مجموعات المستوطنين حملة بارزة لطرد السكان الفلسطينيين من الحي.
وبعد أن واجه رماة الحجارة في الحي، أخرج بن غفير مسدسه، ودعا ضباط الشرطة القريبين إلى إطلاق النار على الفلسطينيين. قال: "أيها الأصدقاء، يرموننا بالحجارة.. أطلقوا النار عليهم". اندلعت أعمال عنف كبيرة بعد ساعات في جنين، بعد أن دخلت القوات الإسرائيلية المدينة لاعتقال رجل متهم بالإرهاب. وأطلق مسلحون فلسطينيون النار على الجنود، ما أدى إلى معركة طويلة بالرصاص قتل خلالها فلسطينيان.
وكان أحد القتلى طبيبا زعمت مليشيا فلسطينية لاحقا أنه قائدها، ونشرت صورا له وهو يحمل ثلاث بنادق هجومية. وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن الطبيب أصيب برصاصة خارج مدخل المستشفى، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه كان يحمل بندقية.
وأظهر مقطع فيديو من الموقع إطلاق الرصاص من موقع عسكري إسرائيلي باتجاه مسعفين فلسطينيين وصلوا إلى مكان الحادث لمساعدة الجرحى. وأظهر الفيديو أيضا مسلحين فلسطينيين يتخذون موقعا بجوار المسعفين، وسيارة الإسعاف الخاصة بهم، ويستخدمون السيارة كغطاء.