نيويورك تايمز: عاصمة جديدة في مصر لتحقيق طموحات السيسي
9-تشرين الأول-2022
بغداد ـ العالم
"عاصمة تذكر بصعود الفراعنة في مصر ولكن ما هو الثمن؟" عنوان تقرير أعده بن هبارد وفيفيان يي مراسلا صحيفة "نيويورك تايمز"، وقالا فيه إن العاصمة الإدارية الجديدة هي من أكبر المشاريع العملاقة التي بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أن ترنح مصر وسط أزمة اقتصادية خانقة جعلت الكثيرين يفكرون بأن مصر لم تعد قادرة على تحمل مشاريعه العظيمة.
وقالا إن العاصمة الجديدة تمتد على مساحة من الصحراء تزيد أربعة أضعاف عن حجم العاصمة الأمريكية واشنطن "عاصمة متباهية بارزة في مصر على قاعدة إمبريالية وأسلوبية وتجسد الطموحات العظيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي وتمثل عباءته كحاكم لا منازع له على مصر". وهي خارج القاهرة وفيها أطول ناطحة سحاب في أفريقيا، وهرم بلوري، وقصر ضخم على شكل قرص للسيسي واستلهم من الرموز الفرعونية لإله الشمس.
وهي قيد التنفيذ منذ ستة أعوام وبكلفة تقدر بحوالي 59 مليار دولار وهي أضخم المشاريع التي بناها السيسي المصمم على إعادة تشكيل مصر. وتمر ثمانية طرق سريعة تدور حول أهرامات الجيزة والمقابر القديمة، وجسور عملاقة بنيت حديثا على نهر النيل وعاصمة صيفية براقة تم بناؤها على ساحل المتوسط خارج مدينة الإسكندرية. وأشرف على المشاريع جيش مصر القوي، وتجعل من السيسي آخر زعيم مصري منذ الأزمنة القديمة حاولوا فرض سلطتهم من خلال المباني العالية التي تظهر في الصحراء.
إلا أن مصر التي تمر بأزمة اقتصادية حادة وتعاني ماليتها من أعباء، تضع شكوكا متزايدة حول قدرة البلد على تحمل أحلام السيسي العظيمة. ففي السنوات الست الماضية قدم صندوق النقد الدولي لمصر قروضا وصلت إلى 20 مليار دولار، حتى مع استمرار الدعم الأمريكي السنوي. ومع ذلك فالبلد يمر مرة أخرى بمشاكل. وقال المحلل السياسي ماجد مندور إن الرئيس "يقترض المال من الخارج لبناء مدينة ضخمة للأغنياء"، وأضاف أن الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة يدفعون ثمن المشاريع العملاقة من خلال الضريبة واستثمارات الدولة المنخفضة في الخدمات الاجتماعية وقطع الدعم، حتى لو كان المنطق الاقتصادي وراء المشاريع محلا للتساؤل. ومع أن تمويل المشاريع العملاقة غامض إلا أن معظمها ممول من الرأسمال الصيني والسندات بالفائدة العالية التي لن تكون مصر مجبرة على دفعها في السنوات المقبلة، وهناك بعض المتعهدين الإماراتيين الذين يعملون في العاصمة الجديدة. وكانت مالية مصر هشة قبل غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/ فبراير، حيث استقرض السيسي بشكل ضخم لتمويل مشاريعه العملاقة وكذا مليارات الدولارات لشراء الأسلحة من الأسواق الدولية ما أدى لمضاعفة الدين الوطني على مدى العقد الماضي. وليس لدى مصر إلا القليل لتغطية ديونها. وابتعد المستثمرون الأجانب بشكل عام عن مصر حيث خافوا من قبضة الجيش على اقتصاد مصر. وترافق هذا مع غياب التركيز على تطوير الصناعات المحلية، ما أدى لانكماش القطاع الخاص غير قطاع النفط والغاز. وقدر البنك الاستثماري غولدمان ساكس أن مصر بحاجة إلى 15 مليار دولار كحزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي كي تدفع للمقرضين. وأكد وزير المالية محاولات مصر الحصول على رزمة مساعدات من صندوق النقد الدولي، وأن المبلغ الذي ستحصل عليه سيكون قليلا، قدره الدبلوماسيون بحوالي 3 مليارات دولار. وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا لتمزيق أوراق البيت المصري، فمع زيادة معدلات الفائدة وأسعار الطعام في الصيف، أصبح التمويل العام مقيدا بشكل اضطرت فيه الحكومة للطلب من مراكز التسوق والملاعب والمنشآت العامة تقنين استخدام مكيفات الهواء وتقليل استخدام الكهرباء حتى تكون قادرة على بيعها في الخارج. واليوم يحذر الاقتصاديون من مخاطر تخلف مصر عن سداد الديون، من بين عدد من الدول. وبات أنصار السيسي يشعرون بالقلق من الآلام الاقتصادية القادمة. وقال عمرو أديب، المذيع التلفزيوني المعروف والداعم المعروف للسيسي: "سيكون عام 2023 مظلما ومرعبا". وكما في مثل المرات السابقة فربما جاء إنقاذ مصر من حلفائها في السعودية والإمارات العربية المتحدة، فيما استثمرت قطر 23 مليار دولار هذا العام. وتقدم الولايات المتحدة التي دعمت حزمة إنقاذ صندوق النقد الدولي عام 2016 دعما ثابتا للجيش المصري.