مسلم عباس

تلقيت رسالة من خدمة شركة زين العراق تحمل رابطاً لاستطلاع للرأي ينظمه أحد المراكز المعنية باستطلاعات الرأي العام والتابعة للحكومة العراقية، ويحمل الاستطلاع سؤالاً واحداً نصه: هل تثق بالأداء السياسي والخدمي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني؟
وخياراته ثلاث:
أثق تماماً
أثق إلى حد ما
لا أثق
قبل الإجابة عن سؤال الاستطلاع تصورت المعايير التي على أساسها نقيم حكومة السيد السوداني، وهل حان الوقت لنطلق حكماً بشأن الأداء السياسي والخدمي لرئيس الوزراء، وهل من الصحيح تحميل الرجل أخطاء الحكومة وهي مبنية على محاصصة لكل حزب فيها نصيب، وهل يصح إهداء الإنجاز إن وجد لرجل واحد وهو رئيس الوزراء بينما كل الاحزاب والقوى السياسية مشاركة في صنع القرارات الحكومية بشكل أو بآخر؟
ما هي الملفات التي جاء بها السوداني وجعلها ضمن أولويات منهاج حكومته والتي صوت عليها مجلس النواب العراقي؟
وضع السوداني خمس أولويات في برنامجه الحكومي وهي:
1- مكافحة البطالة
2- تقليل نسب الفقر
3- مكافحة الفساد
4- الارتقاء بالخدمات
5- إصلاح الاقتصاد
لا اعتقد أن السوداني استطاع مكافحة البطالة بشكل جذري، ولم يستطع مكافحتها بشكل آني، بل اثقل كاهل الموازنة الاتحادية بما بما يقرب من ربع مليون موظف حكومي جديد، مضافاً إلى 700 ألف موظف قرر تعيينهم الكاظمي ونفذ السوداني قرار توظيفهم.
لم تستطع الحكومة توفير أي فرصة عمل حقيقية سوى التعيينات الحكومية التي تمثل بطالة مقنعة وغير منتجة اقتصادياً.
أما على مستوى تقليل نسب الفقر فالحملة التي تقودها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية واضحة وتكاد تكون شاملة لكل فئات الفقراء، ويمكن القول أنها متميزة في هذا الشأن. لكن هل هذه هي مكافحة الفقر؟
بالتاكيد لا، لأن رواتب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لا تعني انتشال الفقراء من الفقر، بل تنقذهم من القعر المدقع إلى مستويات أعلى بقليل، بعبارة أخرى توفر رواتب وزارة العمل عملية انقاذ من الموت فقط، لكنها لا تعالج الفقر.
وبالنسبة للفساد فمن حسن الصدف أنني تلقيت الاستطلاع الحكومي وكنت قد قرأت خبراً يفيد برفع الحجز عن عشرات العقارات للمتهم الأول بسرقة أموال الهيئة العامة للضرائب المدعو نور زهير، وهذه هي أكبر سرقة عرفها الشعب منذ عام 2003 وحتى الآن.
لقد فشلت حكومة السوداني في استعادة الاموال من كبار المتهمين بالفساد، بل وتم إخراجهم من السجن، وبقرارات قضائية وسياسية كانت الحكومة جزءاً من هذه القرارات.
وفي قضية شبيهة بقضية أموال الضرائب وهي قصة التلاعب في 70 ألف عقار في الأنبار والتي ظهرت للسطح بقوة ثم اختفت، ويبدو أن عدم الحديث عنها جاء بقرار سياسي كانت الحكومة جزءاً منه.
فأين محاربة الفساد؟ هل بالتقارير اليومية لهيئة النزاهة أم ماذا؟
الملف الرابع بالنسبة لحكومة السوداني ركز على الارتقاء بالخدمات، فقد شهدت البلاد حملة للمباشرة بمشاريع خدمية، إلا أنها لا تكاد تسد جزءاً يسيراً من نقص الخدمات في العراق، ويغلب على هذه الحملة الطابع الدعائي والتضخم الإعلامي أكثر من كونها منجزات فعلية على أرض الواقع.
وربما تكون كل هذه الملفات مرهونة بالملف الخامس وهو إصلاح الاقتصاد، وقد عرفنا من الحكومة بهذا الشأن جملة من المؤتمرات والملتقيات الكبيرة حضرها وزراء دول وشخصيات وأحاديث عن خطط تنموية كبرى.
صحيح أن هذه الخطط الاستراتيجية لا يمكن تقييمها في ستة أشهر فقط، لكننا نتوقع ما ستؤول إليه الأمور خلال السنوات المقبلة عبر تتبع طريقة إدارة الحكومة للملف الاقتصادي الذي لا يؤشر على أي تطور أو عمليات إصلاح حقيقية.
فهل يعقل أن حكومة فشلت في إدارة ملف تهريب العملة للخارج يعول عليها في بناء اقتصاد قوي؟
وهل يمكن التعويل على حكومة قررت ردم بحيرات الأسماك لمعالجة أزمة المياه وخفضت مساحة الأراضي الزراعية ومنعت زراعة محصول الشلب، بينما فشلت في الحصول على المياه من تركيا؟
بعد هذا العرض المختصر لأولويات حكومة السوداني وما نفذ منها، يمكننا فتح رابط الاستطلاع الحكومي والإجابة عن أسئلته إيجاباً أو سلباً.
بالنسبة لي سوف اقدم إجابة سلبية عن أداء حكومة السوداني واعتقد أنها فشلت في استعادة ثقة الشعب العراقي.