هل الفنان العراقي للبيع؟
19-أيلول-2022
عزام صالح
لا أعرف بعد دخول داعش تغير كل شيء، وعلى كل المستويات وبضمنها ظهرت قنوات واختفت قنوات فضائية جديدة، وتراجعت الدراما والسينما والمسرح عمّا كانت قبلا في زمن النظام السابق او بعد السقوط واخذت اوجه ايديولوجية تحرك منافذ انتاج الدراما والسينما مع عدم استطاعة الدولة الخوض في الانتاج للسينما والدراما بشكل خاص، واصبح الامر بيد قنوات معدودة هي من تنتج الدراما. اما السينما فليس هناك الا النزر القليل وذلك لعدم دعم الشباب الذين ضحوا كثيرا لانتاج افلامهم وعلى نفقتهم الخاصة مع دعم افلام طويلة تصور في اوربا او حتى في العراق وهي ممولة من بلدان اوربية وخليجية، والتي تتحدث عن الواقع العراقي بدون سيطرة نوعية ولم تؤشر شيئا على مستوى العالم مع افول مهرجانات مثل النهج الذي كان من اهم مهرجانات السينما العراقية على مستوى الانتاج والتنظيم والضيوف والجوائز وكذلك مهرجان القمرة في البصرة، ومهرجان بغداد السينمائي ولم يبقَ سوى مهرجان السماوة السينمائي الدولي وكذلك مهرجان بابل بحلته الجديدة واختصاصه بالانيميشن. وبقاء بعض مؤسسات الدولة خاملة الا من محاولة اثبات وجودها ببعض الافلام القصيرة، والتي تفتقر الى الكثير بسبب إنتاجيتها الواطئة التكلفة.
اما في الدراما فقد تراجع الانتاج الدرامي بعد دخول داعش والانتصار عليه ولكن لم نلق اعمالا مهمه استطاعت ان تقنع المشاهد العراقي على المستوى التقني او الفني، واصبحت الدراما تقاد من قبل قنوات ذات ادلجة معينة تضع في فن الدراما افكارها، اي انها تنتج ليس لامتاع المشاهد، ولكن من اجل ان تصارع مسؤولا او حزبا او جهة سياسية معينة.
وهذه القنوات استقطبت مخرجين وفنيين من المحيط الاقليمي، وابتعدت عن النص العراقي وحتى عن الواقع العراقي او شوهت البيئة والعادات والتقاليد التي بنيت عليها البنية المجتمعية العراقية، وهناك من تعدى كل هذا وذهب لكي يصنع دراما على شاكلة الدراما التركية او اللبنانية بيئة وشخصيات واحداثة، واحتكار الفنان العراقي واغراؤه ماديا وهو الان بامس الحاجة للمال وبامس الحاجة لبقائه مستمرا في الشاشة وبدون سيطرة نوعية على النصوص التي تقدم رسائل كثيرة للمشاهد العراقي.
ولا نعلم متى يكون للدراما صندوق داعم لانتاجها، وهي التي تستطيع الدخول الى كل البيوت والتأثير على الطفل والشاب والعائلة بشكل عام وتقدم له المتعة والاعتزاز بكونه مواطنا عراقيا يعتز بعراقيته. مع العلم العراق بلد اغنى من مصر وسوريا وتركيا وايران وبعض دول الخليج وكانت له صولات في الدراما وتسويق لا بأس به، واصبح الان مستهلكا لجميع دراما المحيط الاقليمي. هل هذا يحدث بقصدية، وهل احتكار الفنان واخذه وتصويره في بلد اخر من قبل بعض القنوات التي تمول من الخارج هو ضرب للدراما الوطنية التي تتحدث عن البطولة والتاريخ وبقاء الذاكرة التي ستكون بعد حين شاهدا على ما يجري؟