سلام عادل
حتى قبل أسبوعين من الآن كانت (قوانة الصداقة) مع أمريكا يتم ترديدها ليل نهار على لسان الناطقين الرسميين والمحللين والمعلقين في وسائل الإعلام، سواء في وسائل إعلام الدولة أو القنوات الخاصة، ويظهر خطاب الصداقة أحيانا على السطر الأول في بيانات القوى السياسية والأحزاب، وكأنّ الولايات المتحدة الأمريكية لم ترتكب في آخر 20 سنة أفظع الجرائم بحق العراقيين سقط ضحيتها قرابة 3 ملايين مواطن، سبقها 13 سنة من الحصار الاقتصادي أكلت الأخضر واليابس.
وفي كل الأحوال أظهرت إدارة الخرف بايدن، من ناحية كونها ديمقراطية، عداءً لا يقل تهوراً عن أي إدارة أمريكية جمهورية، وهو ما يعني أن البيت الأبيض صار يستهويه الاعتداء على العراقيين في أي وقت يشاء، ومن دون الاكتراث بما يخلّفه هذا الاعتداء من آثار وتداعيات، وآخرها قصف نقاط عسكرية عراقية على الحدود تُعد مهمة للغاية في الحفاظ على المعادلة الأمنية ما بعد داعش، لكون القوات المقصوفة تعتبر حائط الصَّد الأول في مواجهة الإرهاب.
ولعل القصف الأمريكي المستهتر، الذي استهدف مواقع عراقية وسوريّة بأكثر من 80 ضربة فجر السبت، وعلى الرغم من مرارة ما حصل، إلا أنه فرض تغيير (قوانة الصداقة)، ولأول مرة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث صرنا نشهد ابتداءً من اليوم خطاباً ينطوي على مفردات من قبيل (العدوان الأمريكي) و(الانتهاكات الأمريكية) و(التجاوزات الأمريكية) بدل كلمات (الصداقة + الشراكة) التي كانت ترددها الحكومات السابقة وجوقة الأبواق الإعلامية ببلادة وحتى بسخافة أحياناً.
ومن هنا نأمل في أن تدخل البلاد في مرحلة جديدة تكون مرحلة تصحيح مسار في كل الأحوال، لما مرَّ به العراق خلال العقدين الماضيين، حين فقد بوصلته الجيوسياسية ودخل في مرحلة تَيه مع الفوضى الأمريكية لم يجنِ من خلالها غير الضعف والهوان والأزمات الداخلية والخارجية، وتعتبر السيادة المنقوصة أبرز ملامحهما، يشمل ذلك السيادة الاقتصادية والسياسية، فضلاً عن العسكرية، وهذه الأخيرة صارت نكتة مملّة في ظل وجود قوات التحالف وقيادة العمليات المشتركة التي يتحكم بها ضباط من مختلف الجنسيات.
وعموماً.. سمعنا اليوم مواقف مختلفة ابتداءً من رئيس الجمهورية ومروراً برئيس الوزراء ووصولاً إلى السلطة التشريعية، ولاحظنا ما هو مختلف نوعياً بشكل واضح، على الأقل من ناحية بعض الإجراءات التي كانت مفقودة بعد أن عجزنا ونحن نطالب بها، وهي جميعها مقدمات ستُفضي في النهاية إلى قطع العلاقات مع دولة الشر، التي لا يأتي منها غير الشر، وهو ما تعودنا عليه وثبت لدينا بالدليل القاطع، ويكفي ما حصل فجر السبت حين استهترت إدارة بايدن، وهو استهتار يكفي أن يجعلنا نقتنع بأن علاقة الصداقة مع أمريكا مجرد (خرافة).