هل تسلك الصين وتايوان طريق روسيا وأوكرانيا؟
15-آب-2022
د. هديل حربي ذاري
أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان هواجس الصين ، التي عدت زيارة بيلوسي إلى تايوان ، ليست سوى جزءا من الخلاف الدبلوماسي بين الصين والولايات المتحدة بشأن الإقليم ، الامر الذي ادى إلى هبوط العلاقات الصينية الأمريكية إلى مستوى منخفض جديد .
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية في 2 أغسطس/آب 2022 ، اوضحوا فيه ان تجاهل المعارضة القوية للصين ، لزيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي منطقة تايوان الصينية ، يعد انتهاك واضحا لمبدأ الصين الواحدة وانتهاك خطير لسيادة الصين وسلامة اراضيها ، كما إنه يقوض السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان ، من خلال دعم القوات الانفصالية من أجل "استقلال تايوان" ، وهذا ما تعارضه الصين ، إذ تؤكد الاخيرة انه لا يوجد سوى صين واحدة في العالم ، وتايوان جزء غير قابل للتصرف من أراضي الصين ، وحكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة القانونية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها. وقد تم الاعتراف بهذا بوضوح بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2758 لعام 1971. منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949 ، كما أقامت 181 دولة علاقات دبلوماسية مع الصين على أساس مبدأ الصين الواحدة ، كما التزمت الولايات المتحدة في عام 1979 ، من خلال بيان مشترك حول إقامة العلاقات الدبلوماسية بإن تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة القانونية الوحيدة للصين ، وان الولايات المتحدة ستحافظ على علاقات ثقافية وتجارية غير رسمية مع تايوان. لذا على الكونغرس ، كجزء من الحكومة الأمريكية ، ان يكون ملزم بسياسة الحكومة الأمريكية الواحدة والامتناع عن إجراء أي تبادل رسمي مع منطقة تايوان الصينية.
وفي السياق نفسه اكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان هي إفلاس آخر للسياسة والدبلوماسية والمصداقية الأمريكية، ما أثبت أن الولايات المتحدة هي أكبر مدمر للسلام في مضيق تايوان وأكبر مسبب للمتاعب للاستقرار الإقليمي ، وهو تصريح ادلى به وانغ اثناء حضوره اجتماع وزراء خارجية الآسيان فى كمبوديا في 4 آب 2022 ، إذ أشار وانغ يي إلى أن الولايات المتحدة خططت للحادث وخلقته، وأن الصين بذلت أقصى الجهود الدبلوماسية لتجنب الأزمة ، كما شدد على أن الصين لن تسمح أبدا بإلحاق الأذى بمصالحها الجوهرية وعملية نهضة الأمة، موضحا أن الإجراءات المضادة التي تتخذها الصين حاليا وفي المستقبل ضرورية ، واكد على إن يتعين على جميع الأطراف أن تدرك سبب وجوهر الأزمة الحالية، وأن تعارض بشكل مشترك الاستفزازات الأمريكية، وأن تواصل دعم موقف الصين وإجراءاتها المشروعة، وأن تحافظ على السلام في المنطقة ومضيق تايوان.
وكرد فعل على هذه الزيارة صرحت الصين بأن قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني ستطلق سلسلة من العمليات العسكرية المشتركة حول جزيرة تايوان ، وستنفذ قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني مناورات تدريبية مشتركة في المناطق البحرية قبالة السواحل الشمالية والجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية من الجزيرة والمجالات الجوية لتلك المناطق، وتجري تدريبات بعيدة المدى بالذخيرة الحية في مضيق تايوان واختبارات صواريخ تقليدية في المياه قبالة الساحل الشرقي من الجزيرة ، إذ تعد هذه العمليات العسكرية ردعا قويا للتصعيد الكبير الأخير للأفعال السلبية من قبل الولايات المتحدة حول مسألة تايوان، وتحذيرا جدياً في مواجهة الأنشطة الانفصالية الساعية إلى "استقلال تايوان". وفي تحليل مبسط للموقف نجد ان الولايات المتحدة الأميركية تحاول جرّ الصين إلى حرب مع تايوان، وإشعال الجبهة هناك كما فعلت في أوكرانيا، لذلك حاولت استفزاز الصين بهذه الزيارة فما كان من الصين إلا أن أطلقت التهديد والوعيد لثني بيلوسي عن المجيء لتايوان ، وحاولت منع الزيارة بعيداً عن أي عمل عسكري ، وتسعى أميركا من وراء ذلك إلى إلهاء الصين بحرب تايوان وتدمير اقتصادها وفرض العقوبات عليها ، لكي تبقى هي المهيمنة عالمياً ويبقى العالم ذو قطب واحد في ظل الحديث عن عالم متعدد الأقطاب وتغيير في موازين القوى ، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة الأميركية، كما تهدف إلى استعادة سمعتها أمام حلفائها بعد أن بدأت تفقد في السنوات الأخيرة مصداقيتها أمامهم من الانسحاب من أفغانستان إلى عدم التدخل عسكرياً في أوكرانيا، واقتصرت مساعدتها لكييف على إرسال الأسلحة، وبطبيعة الحال هذا ما كانت ستفعله مع تايوان في حال هجمت الصين عليها وبالتالي يزداد بيعها للأسلحة ، ولكن الحرب الصينية التايوانية لو حصلت فإنها ستلحق أضراراً جمة بالاقتصاد الأميركي المنهار أصلاً فالصين من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأميركية. الا ان الصين لن تنجر إلى الحرب ضد تايوان فهي من جهة تدرك جيداً أن ذلك سيدمر اقتصادها فهي تسعى جاهدة لأن تصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم ، وستلحق الحرب ضرراً بمشروعها العالمي "الحزام والطريق" الذي استثمرت فيه مليارات الدولارات ، ومن جهة أخرى لا تريد الصين أن تدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية، ورأينا كيف أنها اتخذت موقف الحياد تقريباً من الحرب الروسية الأوكرانية. وبدلاً من ذلك ، ستعرض الصين على الأرجح مزيجًا من المواقف العسكرية تجاه البحرية الأمريكية والعقوبات الاقتصادية على المنتجات الزراعية والصناعية التايوانية ، فالسياسة الصينية تمتاز بالهدوء والحزم والعقلانية والصبر ، وعليه لن تقدم الصين على أي خطوة غير مدروسة من كل الجوانب ، وتأثيراتها على المستقبل البعيد، ومما لا شك فيه أن الصين تدرس منذ فترة طويلة كل الاحتمالات لإعادة تايوان إليها سلمياً أو عسكرياً لكنها تدرك جيداً أن الوقت الآن ليس مناسباً لإعادة تايوان الى البرّ الصيني، وما زالت تأمل في إعادة تايوان بالطرق السلمية إلا في حال قيامها بالتمرد وتهديد الأمن القومي الصيني عندها يكون الخيار العسكري السبيل لذلك. ختاماً نعتقد بأن الصين تحرص على عدم الوقوع في نزاع عرضي ، لذا لم تعلن بكين ولا واشنطن عن استعدادهما لتغيير الوضع الراهن لأن المأزق الحالي يفيد الحكومتين - ولكن لأسباب مختلفة ، بالنسبة للصين ، فإن أفضل نهج هو الوصول إلى قدرة عسكرية واقتصادية تمنع مشاركة الولايات المتحدة مع تايوان دون استخدام القوة ، اما بالنسبة للولايات المتحدة ، يظل الغموض الاستراتيجي بموجب قانون العلاقات مع تايوان ورقة فعالة لمواجهة النفوذ العسكري الصيني المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، والحفاظ على ارتباطها بالمنطقة كضامن للأمن ، لذا وعلى الرغم من الخطاب القومي العالي ، ستحرص الصين على عدم الوقوع في صراع يهدد بأضرار جسيمة على جميع الجبهات ، لذا يجب على الرئيس الصيني ، شي جين بينغ ، أن يوازن بين جميع الخيارات المطروحة أمامه لأن بكين لا تستطيع تحمل أن يُنظر إليها على أنها تسعى من جانب واحد لتغيير ما اتفقت عليه مع الولايات المتحدة في عام 1979 ، عندما أعيد تأسيس العلاقات ، وإذ ما حدث ذلك ، فسيؤدي بالتالي إلى استفزاز المؤسسة السياسية الأمريكية للتوصل إلى اتفاق بالإجماع لتغيير "سياسة الصين الواحدة'' ، قبل المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي حيث من المتوقع أن يتوج شي بولاية ثالثة تاريخية.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech