احمد طلال عبد الحميد البدري
اصدر مجلس الدولة العراقي قراره بالعدد (12 / 2023) في 5 / 2 / 2023 جوابا على استفسار وزارة الصحة حول صلاحيات مجلس النواب العراقي في طلب الوثائق والمعلومات من الوزارات ودوائر الدولة والقطاع العام في اطار ممارسته لواجباته الرقابية على السلطة التنفيذية والذي تضمن مبدأ مفاده (يكون طلب المعلومات والوثائق من دوائر الدولة والقطاع العام من خلال اللجان الدائمة في مجلس النواب بعلم رئيس المجلس ونائبيه باستثناء ما يمنع القانون إفشاء مضمونه)، ولنا على هذا القرار التعليق الاتي:
أعطت المادة (15 / ثانيا) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 للنائب في اطار ممارسته عمله التشريعي والرقابي والتمثيلي اجراء المخاطبات والمراسلات الرسمية بصورة مباشرة الى رؤساء الجهات المعنية رئيس مجلس الوزراء والوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة ورؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة واعلام الرئيس بذلك.
كما الزمت المادة (16 / اولا) من ذات القانون الدوائر الحكومية كافه التعاون مع النائب لتمكينه من اداء دوره التمثيلي فيما يتعلق بالشؤون الخدمة للمواطنين، وبذلك نجد ان المادة (15/ ثانيا ) قد أعطت النائب صلاحية المخاطبة للوزارات ودوائر الدولة بصورة مباشرة وان هذه المخاطبة غير موقوفه على إجازة رئيس المجلس وإنما بعلمه فقط.
2.نصت المادة (32 / ثالثا) من النظام الداخلي لمجلس النواب رقم (1) لسنة 2022 على ان ( يتولى مجلس النواب أعمال الرقابة على السلطة التنفيذية وتتضمن الرقابة الصلاحيات الآتية: ثالثا :طلب المعلومات والوثائق من اي جهة رسمية بشأن موضوع يتعلق بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين أو تنفيذ القوانين او تطبيقها من هيئات ومؤسسات السلطة التنفيذية) ووفقا لهذا النص فأن طلب المعلومات والوثائق من مؤسسات السلطة التنفيذية غير مطلق من كل قيد، وانما يجب ان ينحصر في حالات تتعلق بالمصلحة العامة وهو مصطلح واسع غير محدد وكذلك الحالات المتعلقة بحقوق المواطنين وتطبيق القانون، ولم يبين النص المذكور آلية طلب هذه المعلومات والوثائق هل تتم من رئاسة المجلس بناء على طلب احد لجانه النيابية أو أو أحد نوابه أو مجموعة معينة من النواب.
استند مجلس الدولة لاقرار المبدأ موضوع التعليق على نص المادة (78) من النظام الداخلي لمجلس النواب التي نصت على ان (للجان الدائمة الطلب بعلم رئيس المجلس ونائبيه من دوائر الدولة ومنظمات المجتمع المدني تزويدها بالوثائق والمعلومات التي تحتاج إليها)، وبذلك حدد النظام آلية طلب المعلومات والوثائق الذي يتوجب ان يكون بطلب احد لجانه وبعلم رئيس المجلس ونائبيه، كما وسع النص من نطاق الجهات المشمولة بطلب المعلومات ليدخل منظمات المجتمع المدني في نطاقها.
كما قيد النص صلاحية النائب في طلب الأوليات والوثائق بصورة مباشرة من مكتبه الخاص الواردة في المادة (15 / ثانيا) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2015 سابق الذكر، وبذلك استند المجلس في تفسيره للنصوص الى قواعد التفسير وتقديم النص اللاحق على السابق في حال وجود تعارض بينهما.
قيد قرار مجلس الدولة حتى صلاحيات لجان مجلس النواب في طلب المعلومات والوثائق بالحدود التي يسمح بها القانون لافتقار المنظومة التشريعية لقانون ينظم حق الاطلاع على المعلومات لحد الان وفقا لمبدأ شفافية الادارة ووفقا لما يسمى بقوانين تحت الشمس، وهذا القيد متمثل بنص المادة (437) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل التي عاقبت من يفشي سرا من أسرار مهنته في غير الاحوال المصرح بها قانونا، وبذلك قيد المجلس حق طلب المعلومات والوثائق بمعيار لسر المهني للموظف الذي لا يجوز له الإباحة بأسرار وظيفته إلا في الحالات المقررة بموجب القانون. كما ان هنالك نصـوصا تجعل الاباحة أو التصريح بالوثائق والمعلومات وحتى التاريخية منها موقوف على إجازة الوزير المختص بناء على توصية من الجهة المختصة بحفظ هذه الوثائق ومنها نص المادة ( 10 / اولا) من قانون حفظ الوثائق بالعدد (37) لسنة 2016 التي نصت على ان (لا يجوز إخراج وثيقه من الوثائق المودعة في دار الكتب والوثائق الوطنية أو الموجـودة لدى الأشخاص في جمهورية العراق الا بقرار من وزير الثقافة بناءا على توصية من الدار المذكورة). ان قرار مجلس الدولة وفقا لوجهة نظرنا اتجه لتقييد صلاحية النائب في مباشرة المخاطبات المباشرة مع وزارات ودوائر الدولة بعد شهد الواقع العملي التوسع في هذه الصلاحيات وتوظيفها لأغراض شخصية منبتة الصلة عن الصالح العام. وان حصر طلبات الوثائق والمعـلومات باللجان النيابية يعطيها الغطاء المهني للعمل النيابي لان الطلبات ستخضع لرقابة رئيس اللجنة والأعـضاء فيها.
لذا ندعو مجلس النواب الى اقرار قانون شفاف يعطي الحق للأشخاص الطبيعية والمعنـوية الحق في طلب المعلومات وتنظيم آليات الطـــلب والاعتراض على رفض هذه الطلبات بـعد انحسار مبدأ سرية أعمال الإدارة بما يمكن المؤسسات الرقابية والمواطنين على حد سواء من ممارسة الرقابة والاطلاع لمختلف الأغراض بما في ذلك البحثية، ومن الله التوفيق.