هل فشل مشروع صندوق دعم الدراما؟
15-أيار-2023
عزام صالح
قبل أن نبدأ بتفصيلات عن مشروع دعم الدراما علينا ان نسأل: لماذا انشئ هذا المشروع؟ الجواب عليه مرتبط بتراجع الانتاج الحكومي مع بداية لتصفية شركة بابل للانتاج السينمائي والتلفزيوني، وفشل افلام عاصمة الثقافة. ومن هنا شكلوا وفدا فنيا لا على التعيين الى رئيس الوزراء انذاك بضرورة الانتاج للدراما وما آل اليه حال الفنان العراقي، لكن لم تكن هناك أية استجابة من رئيس الوزراء. واثناء المقابلة طرح المشروع من عدد من الفنانين بالاتفاق مع رئيس امناء شبكة الاعلام من دون ان يكون هناك مؤتمر شامل للفنانين، واخذ ارائهم في اختيار لجنة صندوق دعم الدراما او حتى المشروع ودراسته دراسة حكيمة.
وكان المشروع يستهدف رفد الدراما العراقية بالانتاج المميز والتسويق والانفتاح على شركات القطاع الخاص وعلى الانفتاح ومشاركة الفنانين العرب وتطوير الكوادر الفنية من خلال زجهم في الاعمال المنتجة، وتحسين وضع الفنانين والتقليل من كاهل الدولة في الانتاج الدرامي.
وتشكلت لجنة صندوق الدعم بموافقة أمناء شبكة الاعلام العراقي ومجلس النواب ممثلة بلجنة الثقافة ورئيس هيئة الإعلام والاتصالات، وكذلك وزارة الثقافة، والداعمين للمشروع، وكذلك اسماء فاعلة في الوسط الفني.
وفي أثناء مسيرة صندوق دعم الدراما، بعد ان دعمت شركات الاتصالات والبنوك الموجودة في العراق هذا المشروع كانت هناك لجنة غير منتخبة من الفنانين، أشرفت على الإنتاج واختيار النصوص والاعلام الترويجي للاعمال. لم تنتج هذه اللجنة سوى ثلاثة مسلسلات بواقع ٣٠ حلقة و١٤ حلقة وعشر حلقات تلفزيونية، تقاضت اللجنة عن الاشراف على العملين الاولين (يسكن قلبي) و(عائلة خارج التغطية)، ٢٠ مليون دينار عراقي لكل واحد منهم بصفة مشرف.
ولا نعرف كم تقاضى من بقي يعمل في اللجنة على عمل (الماروت). برغم ان عدد من تبقى من الأعضاء اقل من نصفهم، والتي كانت بواقع احد عشر فنانا، وهذا لا يجوز بحسب النظام الداخلي للمشروع معه الاستمرار بدون إضافة اسماء اخرى من الفنانين.
يقودنا هذا التساؤل الى ما قدمه المشروع؟ إذ أن ما قدمته اللجنة من اعمال لم تكن تستوفي ما يستهدفه المشروع، الذي كان من الممكن ان يستمر ويتطور، بل ويزيد من رأس المال، لكن الاختيارات والتنازع الداخلي في بعض الاحيان من داخل اللجنة حالت دون ان يصل المشروع الى غايته: التسويق، زج الفنانين باعمال متميزة، وزيادة خبرتهم وتحسين معيشتهم والانفتاح على شركات القطاع الخاص، وكذلك الانفتاح على الفنانين العرب، من اجل اكتساب الخبرة والتسويق.
هذه المعرقلات والتلكؤات تعني أن أعضاء اللجنة كان لديهم سوء اختيار النصوص بالذات، والتخطيط الصحيح للمشروع، وعدم الخبرة في التسويق واختيار من يقود هذه الاعمال، وكذلك التدخل في شان المخرج من حيث اختيار الكادر الفني والممثلين. بل ما كان معمولا به هو: الأقربون اولى بالمعروف.
وبالتالي لم تبِع او تسوق هذه اللجنة اي عمل، بل وحتى لم تلق اعمالها مساحة مناسبة للمشاهدة، لانها لم ترق الى النموذج المتميز المطروح في نظامها الداخلي، ولم تحقق اي شيء. انما جرى تسويق الاعمال بصيغة الاهداء الى شبكة الاعلام العراقي. ولم يبق سوى ثلاثة اعضاء من اللجنة، ورئيسها بعد ان استقال البعض، ولم تستطع ان تسترجع الاموال التي صرفت على الاعمال، وهذا بخلاف النظام الداخلي ايضا.
كان الأحرى ان تكون هذه الاموال داعمة لشركة بابل بدلا من تصفيتها، وتوزيع حصصها على المؤسسات والمساهمين ووضع إدارة لائقة، ولها خبرة في التسويق واختيار الأفضل، من أجل النهوض بالدراما العراقية، كما فعلت شركة بابل في التسويق والإنتاج المتميز أمثال (الأيام العصيبة) و(ذئاب الليل) و(المدن الثلاث) وغيرها من الاعمال التي لا تزال تشاهد عراقيا وعربيا.
هنا لا بد للدراما العراقية من النهوض، وذلك بدعم من الدولة وإنشاء قطاع مختلط، ليرفد البلد بأعمال متميزة، بعيدا عن الادلجة التي تقودها الفضائيات الممولة من خارج الحدود، وطرح الموروث التاريخي والتراثي للبلد بما يناسب العمق الحضاري، بدلا من ان نلقى تشويها للشخصية العراقية، وتحريفا للواقع ونشر الغسيل الوسخ، وجعل القدرات العراقية غير فاعلة في صنع دراما عراقية تأليفاً وإخراجاً وفنيين، من خلال أعمال معادة وهجينة.