هل يواجه الأسد موجة احتجاجات؟ أزمة اقتصادية غير مسبوقة في سوريا
19-كانون الأول-2022
بغداد ـ العالم
بلغ التذمر الشعبي في مناطق سيطرة النظام السوري أوجه، جراء أزمة المحروقات الأقسى التي تضرب المدن السورية منذ اندلاع الثورة في العام 2011، فلا مواصلات ولا كهرباء ولا تدفئة، وسط غلاء جنوني يحكم الأسواق.
ومع اشتداد الأزمة، فقد تزايدت الأصوات المنتقدة للأداء الحكومي، وخاصة بعد مشاركة عدد من الفنانين والإعلاميين وحتى أعضاء في مجلس الشعب (البرلمان).
فبعد انتقاد عضو مجلس الشعب ناصر الناصر الأوضاع الاقتصادية التي تسود مناطق النظام، واتهامه حكومة النظام بمحاصرة السوريين وتجويعهم، فقد دخل الممثل السوري بشار إسماعيل على خط الانتقادات، معتبراً أن "أصحاب السلطة والمال يدعون الناس إلى الموت في سبيل الوطن بينما هم ينعمون بخيراته".
وقبل ذلك، دعا الممثل وضاح حلوم رئيس النظام بشار الأسد لإيجاد حل للأوضاع المعيشية الصعبة، قائلاً: "سيدي الرئيس أرجوك، صار الوضع لا يطاق، لا يحتمل، صار فوق طاقة البشر".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بات السؤال عن سبب غياب رئيس النظام السوري عن الظهور الإعلامي يتردد كثيراً، حيث ينتظر الشارع الموالي للنظام التوضيحات والوعود من الأسد، ما يطرح تساؤلات حول احتمالية اندلاع احتجاجات شعبية واسعة في كبرى المدن السورية، كما جرى في السويداء قبل أيام.
ويوضح الباحث والخبير الاقتصادي رضوان الدبس، أن أزمة المحروقات الحالية أدت إلى شلل البلاد، وتوقف الخدمات الضرورية، حيث إنها للمرة الأولى تتوقف الكثير من الأفران بسبب عدم توفر المحروقات، وكذلك المستشفيات عن استقبال الحالات بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفر المحروقات لتشغيل المولدات الكهربائية.
ويقول الخبير إن "أزمة المحروقات دفعت النظام إلى تعطيل الدوام الحكومي، وهي سابقة لم تُسجل في سوريا منذ اندلاع الثورة، وهذا ما أدى بكثر إلى تجاوز الخطوط الحمر، ورفع الصوت عالياً".
الأزمة تضرب الجميع
ويضيف الدبس، أن هناك ما يشبه الاستشعار بأن الوضع يتجه من سيئ إلى أسوأ، حيث كانت المعاناة سابقاً مقتصرة على الطبقة المعدومة، أما اليوم فالأزمة تضرب الجميع، ولذلك بدأ الصراخ من الفنانين وغيرهم.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن النظام فقد كل أدواته، فهو من جهة يعاني تحت خسائر الليرة السورية، ومن جهة لا يمتلك النقد الأجنبي لتأمين الاحتياجات الأساسية، وإن المتبقي من أموال في خزينته هو مخصص للوضع الطارئ.
وبذلك، لا يستبعد الدبس أن تشهد مناطق النظام السوري احتجاجات شعبية واسعة، في حال لم يتجاوز النظام الأزمة خلال الأسابيع القادمة.
في المقابل، يقلل المحلل السياسي فواز المفلح من احتمالية خروج احتجاجات شعبية في المدن السورية الكبرى، وخاصة في دمشق وحلب، مرجعاً ذلك إلى "تغول الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وإلى حالة اللامبالاة التي تسود الوسط الشعبي في سوريا، جراء الشعور باليأس".
ويقول، "رغم أن رواية النظام السوري عن تسبب العقوبات الغربية وخروج المناطق المنتجة للنفط عن سيطرته في الأزمة، لم تعد مُقنعة للسوريين، إلا أن غالبيتهم يتظاهرون بالاقتناع بها، خوفاً من بطش وقمع النظام السوري، وخاصة في الحواضن السنّيّة (دمشق، حلب، حماة، حمص).
"حلول ترقيعية"
وقبل أيام أعلن رئيس النظام السوري عن منح العاملين في القطاع العام لمرة واحدة، منحة مالية مقدارها 100 ألف ليرة سورية (17 دولارا أمريكيا).
وأوضحت وكالة أنباء النظام أن المنحة تصرف لمرة واحدة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وشركات ومنشآت القطاع العام.
ويصف المراقب الاقتصادي منذر محمد، المنحة بـ"الحل الترقيعي"، مؤكدا لـ"عربي21" أن الهدف منها هو "امتصاص غضب الشارع الموالي".
ويرى أن "الوضع الاقتصادي في سوريا وصل إلى القاع، وهو الوضع الذي يستحيل التعايش معه، لأن الرواتب لم تعد لها أي قيمة شرائية، خاصة أن الليرة السورية تجاوزت عتبة الـ6 آلاف للدولار الأمريكي الواحد".