هيرست: دور الإمارات مزعزع للاستقرار في كل المنطقة
19-أيلول-2023
بغداد ـ العالم
تحدث الكاتب البريطاني دافيد هيرست عن الدعم الذي تقدمه الإمارات لروسيا في ظل العقوبات الغربية عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.
وشرح هيرست في مقال على موقع "ميدل إيست آي" أسباب ما وصفه بـ"الذعر الغربي" من مساعدة الإمارات لروسيا، متهما الرئيس محمد بن زايد بـ"تخريب المنطقة بمخططاته وأمواله، وأذرعه العسكرية في عدة بلدان".
وفي ما يأتي الترجمة الكاملة للمقال:
قال مسؤولون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إن زيارتهم إلى الإمارات العربية المتحدة في مطلع شهر سبتمبر "كانت جزءاً من جهد أشمل بالتعاون مع تشكيلة من الأقطار "الشريكة" لمناقشة العقوبات وغير ذلك من الإجراءات التي تهدف إلى إبقاء القطع الإلكترونية بعيداً عن الأيدي الروسية.
وقال الإماراتيون إن تلك كانت فرصة لتسليط الضوء على إطار ضبط الصادرات لدى الإمارات العربية المتحدة.
ما كان لأحد أن يخمن انطلاقاً من هذه التصريحات أن صادرات القطع الإلكترونية من الإمارات العربية المتحدة إلى روسيا زادت عدة أضعاف حتى وصلت إلى ما يقرب من 283 مليون دولار، وذلك طبقاً لبيانات الجمارك الروسية التي تناولتها بالتحليل مؤسسة روسيا الحرة.
في عام 2022 وحده صدّر البلد الخليجي إلى روسيا خمسة عشر ضعفاً من الشرائح الدقيقة (مايكرو تشيبس)، والتي تم تصنيع جلها داخل الولايات المتحدة، وذلك مقارنة بالسنة السابقة، هذا بالإضافة إلى 158 طائرة مسيرة. ابتلع الأوليغارشيون الروس، الذين يتهربون من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، سوق العقارات في دبي، في الوقت الذي يبيت فيه ما يزيد على المائة طائرة على أرضية مطار آل مكتوم الدولي في دبي، بما في ذلك طائرة بوينغ من طراز 787 تقدر قيمتها بما يقرب من 250 مليون دولار تعود ملكيتها إلى رومان أبراموفيتش، المالك السابق لفريق تشيلسي لكرة القدم، وذلك أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حظرا على الشركات تقديم أي خدمات تأمين أو صيانة لمالكي هذه الطائرات. لقد أغرق وصول المهاجرين الأثرياء من الروس السوق المحلية بالمال، فقد ارتفعت نسبة العملات الأجنبية المتدفقة على الإمارات العربية المتحدة بمعدل عشرين بالمائة شهرياً منذ مايو (أيار) 2022، وذلك طبقاً لما أوردته كابيتال إيكونوميكس.
إلا أن الطفرة الهائلة في التجارة الروسية ذات اتجاهين. في العام الماضي اشترت الإمارات العربية المتحدة 60 مليون برميل من النفط الروسي وما قيمته 4 مليارات دولار من الذهب الروسي، في سابقة شكلت قفزة مذهلة مقارنة بما كان عليه في العام السابق حين اشترت الإمارات ما قيمته 61 مليون دولار من الذهب.
لا عجب إذن في أن تكون إليزابيث روزنبيرغ، مساعدة وزير المالية الأمريكي لشؤون الإرهاب المالي والجرائم المالية، قد وصفت الإمارات العربية المتحدة بأنها "بلد تحت المجهر" تخضع علاقتها مع روسيا للتحقيق.
تشعر كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالهلع إزاء ارتباطات أبوظبي بروسيا. كان بإمكانهم بكل سهولة الأخذ بالاعتبار الأجزاء الشرقية والغربية والجنوبية من الشبكة العنكبوتية التي نسجها رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، فهناك الكثير مما يجري في تلك المناطق مما ينبغي أن يشعرهم بالقلق.
يمكن اعتبار جميع تدخلاته معادية للمصالح الغربية الهامة، فكلها تثير الفوضى وتقوض الاستقرار الإقليمي، وكل منها يضيف إلى طوابير المهاجرين المتنامية ممن يتأهبون على امتداد السواحل الليبية والتونسية لركوب المخاطر عبر البحر المتوسط باتجاه أوروبا.
تعمل السياسة الإماراتية في اليمن على فصل الشمال عن الجنوب، والتحكم بميناء عدن الاستراتيجي، والاستيلاء التام على جزيرة سوقطرة. إن دعم الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي هو الذي مكن الإمارات العربية المتحدة من الهيمنة على الكثير من موانئ وجزر اليمن، وبذلك تحقق لها الوصول إلى مضيق باب المندب والقرن الأفريقي. يتعارض ذلك بشكل مباشر مع مصالح جارتيها المحاذيتين لها، المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان.وكانت الرياض قد أعلنت عن إجراء محادثات سلام مع الحوثيين بهدف وضع حد للحرب، وخلال ذلك احتفظ السعوديون بوجود لهم في الطرف الشرقي من جنوب اليمن، باعتبار ذلك منطقة محايدة بين سلطنة عُمان والانفصاليين الذين تدعمهم الإمارات. وما من شك في أن ما تقوم به الإمارات يشكل تهديداً لكل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان.
ما يجري من تنافس بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يتعلق بالموانئ والنفط أكثر مما يتعلق بشؤون الناس وبما فيه مصلحة اليمن. وطبقاً لتقارير سُربت إلى ’الجزيرة‘ في عام 2018، فقد كانت الرياض تخطط لإنشاء خط أنابيب ينقل النفط السعودي إلى نشتون على الحدود مع سلطنة عُمان، وبذلك يتم تجاوز مضيق هرمز، الأمر الذي من شأنه أن يقوض شبكة النقل التابعة للإمارات العربية المتحدة.
وفي السودان دعمت الإمارات العربية المتحدة منذ الخامس عشر من إبريل (نيسان) أمير الحرب الجنرال محمد حمدان دقلو، الشهير باسم ’حميدتي‘، حتى يستولي على السلطة. بدأ الصراع عندما بذلت محاولات لدمج قوة الدعم السريع شبه العسكرية التي يقودها حميدتي، والتي كانت تعرف من قبل باسم الجنجويد، في صفوف الجيش النظامي. إلا أن الساعات الأولى من الصراع شهدت قيام قوة الدعم السريع بفرض حصار على قائد القوات المسلحة السودانية، الجنرال عبد الفتاح البرهان، داخل الطابق السفلي في المبنى الذي يقع فيه مقر إقامته بالقرب من مطار الخرطوم، وذلك في محاولة للاستيلاء على السلطة.
إلا أن انقلاب حميدتي فشل، كما هو حال معظم الانقلابات التي تدعمها الإمارات، ولكن ليس بدون أن تشعل فتيل حرب أهلية شرسة تمخضت عن قتل أربعة آلاف شخص وتشريد ما لا يقل عن 4.5 مليون سوداني.
وفي ليبيا، أخفق خليفة حفتر، وهو أمير حرب آخر تدعمه الإمارات العربية المتحدة، في مساعيه عام 2019 للاستيلاء على طرابلس. إلا أن البلد لم يزل منقسماً بشكل دائم منذ ذلك الحين، ما أضعف كل واحد من مراكز القوى التي تتشكل منها الكوكبة المعقدة للقطر الليبي، وكل ذلك على حساب الشعب الليبي الذي تضرر أيما ضرر. في داخل المنطقة التي يسيطر عليها حفتر حصل الانهيار الأخير في السدود، وكانت النتيجة فيضاناً جارفاً لم يبق ولم يذر في مدينة درنة. من المؤسف أن المغامرات الأجنبية تتقدم باستمرار على الحكم الصالح، بما في ذلك الحفاظ على البنية التحتية الأساسية. ومع ذلك فقد وصف عقيلة صالح، رئيس البرلمان في الجزء الشرقي من ليبيا، ما حدث من دمار السدود ’قضاء وقدرًا‘. دعم حفتر حميدتي مخالفاً بذلك رغبات المصريين الذين كانوا من قبل قد دعموا محاولات حفتر انتزاع الغرب الليبي من يد السلطة القائمة في طرابلس. وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال سعد بو شرادة، عضو مجلس الدولة في ليبيا والمنحدر من جنوب البلاد، إن القوات المسلحة للجيش العربي الليبي بقيادة حفتر كانت تنقل المؤن العسكرية من المنطقة التي تقع تحت سيطرتها إلى جمهورية أفريقيا الوسطى حيث يتم نقلها من هناك برا بالسيارات عبر الحدود إلى الداخل السوداني. ويذكر أن الوضع العسكري داخل جمهورية أفريقيا الوسطى غدا أقل استقراراً. وذلك أنه بعد ما طرأ عليها من ضعف شديد بسبب فقدها لكافة عناصر المجموعة القيادية الأولى فيها، والتي لقيت حتفها في تحطم طائرة يفغيني بريغوجين، تكبدت مجموعة فاغنر خسائر إضافية كبيرة داخل جمهورية أفريقيا الوسطى أثناء سعيها لضمان فترة حكم ثالثة للرئيس فوستين أرشانغ تواديرا.
أما وقد أعياه وضع الدعم الروسي له، فقد توجه تواديرا تارة أخرى نحو فرنسا، المستعمر السابق الذي كان يحكم بلاده، ولهذا تحاول مجموعة فاغنر تنفيذ عملية انسحاب آمن من البلد. وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال عبده بودا، الناطق الرسمي باسم المعارضة التي تسمى الاتحاد من أجل السلام: "فاغنر وحكومة جمهورية أفريقيا الوسطى – ولعل هذا يكون جزءاً من خطة فاغنر للانسحاب من البلد – حريصان كل الحرص على ضمان وضع حليفهما داخل السودان، والمتمثل في قوة الدعم السريع، ولذلك فإنهما قاما بتسليم كميات ضخمة من الأسلحة لقوات الدعم السريع عبر الحدود ما بين السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى". وعلى الرغم من أن قوات الدعم السريع لا تزال تنفي حصولها على أي مساعدة خارجية في القتال ضد الجيش السوداني، إلا أن محاولات النفي هذه لا معنى لها، وخاصة بعد اكتشاف أن قوات الدعم السريع تمتلك في حوزتها قنابل حرارية كانت قد اشترتها الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي يثبت بلا أدنى شك تدخل أبوظبي من أجل تعزيز القدرات القتالية للقوات التي يقودها حميدتي. ما يربط كل هذه الصراعات بعضها ببعض، وما يربط أبوظبي بكل واحدة منها، هو الذهب.
لقد راكم حميدتي ثروة شخصية هائلة من خلال ما يقوم به من نهب لمناجم الذهب السودانية غير القانونية، ثم شحن ما يتم نهبه إلى سوق الذهب في أبوظبي، حيث يودع هو وشقيقه عبد الرحيم دقلو أموالهما.
إذا كانت وزارة التعدين السودانية تقول إن ثمانين بالمائة من الذهب السوداني يتم تصديره بشكل غير قانوني، فإن جل تلك التجارة تتم من خلال أبوظبي، والتي تعتبر المركز الرئيسي للذهب الأفريقي غير المرخص.
تسعى وزارة الخزانة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى قضم أصابع هذه الشبكة، ولقد أعلنت في السادس من سبتمبر (أيلول) عن فرض عقوبات على عبد الرحيم دقلو بسبب ضلوعه في "ذبح المدنيين، وارتكاب عمليات قتل عرقية، واستخدام العنف الجنسي".
وقامت وزارة الخارجية الأمريكية إضافة إلى ذلك بوضع القائد العسكري في قوات الدعم السريع، عبد الرحمن جمعة، على القائمة السوداء لضلوعه في خطف وقتل حاكم ولاية غرب دارفور، خميس أبوبكر، هو وشقيقه.
إلا أن حكومة الولايات المتحدة لم تقدم على شيء بعد من شأنه أن يضع حداً، وبشكل جدي، لتجاوزات محمد بن زايد، الرجل الذي يحتل الصدارة في المركز من هذه الفوضى العارمة.
تسجيل 9 هزات أرضية داخل العراق في شهر نيسان
2-أيار-2024
رغم الإجراءات الأمنية في البتاوين.. نزيل يجهز على صديقه داخل فندق
2-أيار-2024
تركيا تضم صوتها في قضية "الإبادة الجماعية" ضد إسرائيل: نواصل دعم فلسطين
2-أيار-2024
ضخ فوق الحدود.. العراق يواصل الإخفاق بالالتزام بتعهدات أوبك
2-أيار-2024
وسط مخاوف من عودتهم.. العراق يستقبل ما يقرب من 700 مواطن مرتبطين بداعش من مخيم "الهول"
2-أيار-2024
العراق يشتري طائرات عسكرية بدون طيار من الصين
2-أيار-2024
أزمة الشرعية وتداعياتها في مواجهة أردوغان
2-أيار-2024
ليفركوزن للثأر من روما واختبار حقيقي لمرسيليا أمام أتالانتا في يوروبا ليغ
2-أيار-2024
محمد صلاح غير متحمس للتوجه إلى الدوري السعودي
2-أيار-2024
غرائب واختفاءات الموسيقي الفرنسي رافيل في سنواته الأخيرة
2-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech