وفاة ديفيد كاي نجم «دوامة» الدمار الشامل العراقية
23-آب-2022
بغداد ـ العالم
اعلن موقع "ستارز آند ستريبز" الأمريكي، امس الثلاثاء، وفاة خبير الاسلحة الأمريكي ديفيد كاي، الذي قاد مهمات تفتيش مباغتة خلال عهد صدام حسين وأثار ضجة عالمية خلال جهوده في تسعينيات القرن الماضي، ثم فجر قنبلة التشكيك بوجود اسلحة دمار شامل فيما بعد الغزو عام 2003، فتحول من "بطل" الى "منبوذ".
وأشار التقرير الأمريكي، إلى أن كاي توفي في ولاية ديلاوير عن عمر 82 عماً بسبب مرض السرطان، بحسب ما أكدت زوجته انيتا كاي.
قاد كاي عملية تديرها وكالة المخابرات المركزية في العام 2003 والتي خلصت إلى أن صدام حسين لم يصنع أسلحة دمار شامل، وهي خلاصة قوضت بشدة التبرير الرئيسي للغزو الذي قادته الولايات المتحدة في وقت سابق من ذلك العام. وكان في وقت سابق عمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحديدا في العام 1991، وأصبح اسمه مشهوراً على مستوى العالم أثناء خدمته في العراق عندما تولى رئاسة فرق التفتيش عن الأسلحة النووية التابعة للأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك فيما بعد تحرير الكويت من قوات صدام حسين.
وبعدما أشار التقرير إلى ان مهمة جميع الفرق الدولية كانت البحث وتدمير اي اسلحة او مواد نووية أو بيولوجية أو كيمياوية محظورة، بين أنه خلال أيلول/ سبتمبر عام 1991، أطلق فريق كاي عملية تفتيش مفاجئة مستندا على صلاحيات ممنوحة بموجب قرار للأمم المتحدة، لمنشأة عسكرية في بغداد بحثا عن وثائق تتعلق بجهود صدام السرية من أجل تطوير أسلحة نووية.
وأوضح التقرير انه بالنظر الى ان كاي كان يقيم في فندق مجاور للمنشأة المشبوهة، فانه كان يقوم بمراقبة المبنى من خلال طريق المرور بجانبه أثناء قيامه بممارسة رياضة الهرولة الصباحية ليكتشف طبيعة الإجراءات الامنية المشددة، ثم نفذ المداهمة بعدها فتعرض أعضاء فريقه المكون من 44 شخصا الى الاحتجاز بعدما حاولوا نقل مستندات واشرطة فيديو اعتبروها مهمة، ما خلق مواجهة استمرت أربعة أيام تابعتها وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم.
وخلال هذه المواجهة، كان كاي يستخدم هاتفا يعمل بالاقمار الصناعية ، ويتحدث مع وكالات الأنباء العالمية وخاصة قناة "سي ان ان" الامريكية، بينما كان محاطا بالحراس العراقيين.
ولفت التقرير الى ان كاي وفريقه كانوا ينامون في سياراتهم وحافلاتهم، مضيفا أنه مع تصاعد الضغط من مجلس الأمن الدولي والعالم، سمح العراقيون لأعضاء فريق التفتيش بالمغادرة حاملين معهم المستندات والاشرطة. وفي مقابلات مع البرنامج الوثائقي "فرونتلاين" على شبكة "BPS" الأمريكية، قال كاي لاحقا ان "البرنامج الكيمياوي العراقي كان هائلاً" متناولا النتائج التي توصلت إليها فرق الامم المتحدة بعد حرب العام 1991، مشيرا إلى أن "المساحة الرئيسية لتخزين مخلفات تدمير الاسلحة الكيمياوية، كانت اكبر من ولاية كولومبيا".
وتابع كاي في تصريحاته تلك، انه بالنسبة الى الملف النووي، فانه "قبل الحرب (1991) كان هناك مرفقان مكتشفان سابقا، لكن بدلا من ذلك اكتشفنا 25 موقعا رئيسيا لم نكن نعلم بها"، مرجحا ان العراقيين في تلك المرحلة، كانوا على بعد ما بين 6 الى 18 شهرا من حيازتهم اول جهاز نووي عامل"، لكنه اقر بانه لم يكن مكتملا ولم يكن جاهزا ليتم تحميله على صاروخ قادر على إطلاقه، غير ان ذلك سيكون قابلا للتطور لاحقا. اما بالنسبة الى الملف البيولوجي، فقد أشار كاي في البرنامج الوثائقي إلى انه عندما تم الكشف عن البرنامج البيولوجي بالكامل خلال منتصف التسعينيات، "اكتشفنا ان اي موقع لديه برنامج بيولوجي ناشط، لم يتم قصفه في الحملة الجوية لحرب الخليج الاولى"، معتبرا ان العراقيين قاموا بنقلها كلها الى مواقع غير معروفة، واخفوها بنجاح.
ولفت الى ان العراقيين كانت لديهم برامج ضخمة لانتاج الجمرة الخبيثة وتوكسين البوتولينوم والريسين، وان "برنامجهم البيولوجي كان مكتملا بدرجة كبيرة".
وذكر التقرير ان فرق الامم المتحدة دمرت اسلحة وبرامج العراق في التسعينيات، الا انه بعدما طرد صدام حسين المفتشين في العام 1998، شعرت وكالة الاستخبارات الامريكية بالقلق من أنه كان يقوم باعادة بناء اسلحة الدمار الشامل بشكل سري.
ولهذا، فإنه بعد وقوع هجمات تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001، قام البيت الأبيض خلال عهد الرئيس جورج بوش بتصوير هذه الشكوك على أنها دليل مؤكد على أن هناك تهديدا مباشرا للولايات المتحدة والدول الحليفة.
ثم حان دور ديفيد كاي مجددا، فعندما أطاح الغزو في اذار/ مارس عام 2003 بنظام صدام حسين، انتشرت فرق من البنتاغون في أنحاء العراق إلا أنها فشلت في العثور على أي دليل على وجود اسلحة دمار شامل ولهذا فإنه في صيف ذلك العام قام بوش بوش بتكليف وكالة الاستخبارات بتولي مهمة البحث، ثم اختار مدير وكالة الاستخبارات آنذاك جورج تينيت، ديفيد كاي من أجل تولي قيادة "مجموعة مسح العراق" التي تم تشكيلها حديثا من أجل القيام بالمهمة.
الا ان التقرير اوضح انه كاي برغم ذهابه الى العراق وهو مقتنع بانه سيتم العثور على مواقع يشتبه في انها تحتوي على اسلحة دمار شامل، إلا أنه سرعان ما توصل الى عدم وجودها، وان وكالة الاستخبارات وغيرها من اجهزة الاستخبارات، اساءت تقدير الادلة المتوفرة.