يتورط فيها كبار الموظفين.. عقارات المسيح تحت وطأة التزوير
12-تشرين الأول-2022
بغداد ـ عبد الله لطيف
تتعرض أملاك المسيح منذ عام 2003 إلى الاستيلاء من قبل جهات متنفذة ترتبط بالميليشيات بالإضافة الى عصابات تمتهن حرفة تزوير العقارات، وهي محاولة عدها مواطنون أنها تهدف الى افراغ البلاد من المكون المسيحي. بينما تتهم أطراف عدة موظفين يعملون في دوائر التسجيل العقاري بـ”تزوير تلك الأملاك”، مبرهنين على ذلك بتغيير أربعة مدراء عامين في هذه الدائرة، ارتباطا بعمليات تزوير.
وأفادت مصادر مطلعة، بان هناك جهات متنفذة هي من تعيّن مدراء دائرة التسجيل العقاري، مقابل "التلاعب" ببعض العقارات.
سلب العقارات
وقال النائب السابق عماد يوخنا لـ"العالم"، إن "عمليات التزوير والاستيلاء على أملاك المسيح ليست حالة عشوائية، وهي ظاهرة بدأت بعد العام 2003، ومع مرور الوقت نشأت عصابات لتزوير أملاك ابناء هذا المكون، وهذه العصابات تركز على أملاك المواطنين المهاجرين من خلال دائرة التسجيل العقاري وبالتعاون مع موظفين الدائرة".
وأضاف يوخنا أن "بعض مختاري المناطق وأصحاب محلات العقار يشتركون في تلك الجرائم، وهذا ما يسهل عملية البحث عن الدور"، مبيناً أن "سنوات الفوضى بعد سقوط النظام هي اكثر مرحلة شهدت استيلاءً على عقارات المسيحيين".
وأوضح أن "عملية الاستيلاء تطورت وأصبحت جهات عدة تستولي على العقارات، وفي بعض الأحيان تقوم جهات متنفذة بإجبار ابناء الاقليات على بيع منازلهم بأسعار بخسة"، معتبراً أن هذا "استضعاف لهم".
إجراءات غير كافية
وتابع يوخنا قائلاً: انه سبق وأن شكلت الحكومة العراقية لجانا عديدة بهذا الخصوص، وفرضت إجراءات إدارية جديدة على بيع العقارات، ساهمت تلك الإجراءات في الحد من تزوير العقارات، لكنها لم تمكن المسيح من استعادة بيوتهم.
وأردف بقوله: أن الإجراءات الحكومية التي اتخذت للحد من تزوير العقارات، اضرت بالأسعار، لأنها الإجراءات الجديدة أصبحت تستغرق وقتاً طويلاً.
ولفت النائب الانتباه إلى أن "هناك تغييرات حصلت لأربعة مدراء عامين في دائرة التسجيل العقاري، نتيجة لوجود رشاوى وتسهيلات مقدمة من قبل المدراء للمزورين"، مشيراً إلى أنه "لا توجد احصائية رسمية لعدد العقارات التي تم الاستيلاء عليها، او التي تمت استعادتها".
وكانت أبرز الممتلكات المسيحية المسروقة: محلات (906) و(904) و(902) في شارع الصناعة وسط العاصمة، التي تتميز بموقع اقتصادي مميز.
ولم يستجب رئيس ديوان الوقف المسيحي، بالإضافة الى بعض الموظفين هناك، على اتصالات مراسل "العالم"، ليومين متتاليين.
طرق التزوير
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة "العالم" رفضت كلها الكشف عن هويتها، إنّ "المزورين المحترفين يتفقون مع موظفين كبار في دائرة التسجيل العقاري، حيث ان المزور يعرف صاحب العقار او قطعة الأرض مسبقاً، ويقوم بتحويل العقار باسم شخص اخر يتم الاتفاق معه سلفاً، وفيما بعد يقوم المزور بشراء العقار من قبل المالك الجديد، وهذا على الورق فقط".
وأضافت المصادر، أن “آلية التزوير تتم من خلال التلاعب في الصحيفة التي تحتوي على تفاصيل العقار واسم المالك ويتم استبدال كل المعلومات الموجودة فيها، او في بعض الأحيان ترفع الصحيفة السابقة ويتم وضع واحدة أخرى بدلاً منها، تحتوي على معلومات المالك الجديد”.
وبيّنت أنه "لا يمكن التلاعب في أوراق العقار لدى دائرة العقارات العامة في وزارة العدل، ما يعني ان التزوير يحدث فقط في دائرة التسجيل العقاري".
ولفتت المصادر إلى أن "هناك تزويرا يحصل على مستوى اكبر، عندما يقوم اشخاص متنفذون في الدولة بالاستيلاء على عقارات كبيرة، مثل عقارات ابناء المكون المسيحي وازلام النظام السابق. ويقوم هؤلاء المتنفذون بتعيين مدراء لدائرة التسجيل العقاري، التي تكون ضمن مسؤوليتها المناطق التي فيها عقارات للمسيح، مقابل ان يقوم المدير بنقل بعض العقارات بأسماء المتنفذين. وهنا تستخدم الآلية ذاتها في نقل الملكية”.
تهميش وإقصاء
وفي السياق، وصف المواطن من المكون المسيحي ثامر جورج، في حديث لصحيفة "العالم" بإن ما يحدث "محاولات لإفراغ العراق من المكون، تقف خلفها قوة لا تريد التعددية للعراق”، معتقداً ذلك "خطة تشارك بها قوى إقليمية تريد افراغ المنطقة من هذا المكون، وبالتالي فإن التهميش والاقصاء وسلب الحقوق الذي يعيشه المسيحيون، هو عملية ممنهجة".
وأضاف جورج أن "هذه السلوكيات هي ما دفع معظم المسيحين الى اتخاذ قرار الهجرة، ومن بقي في البلاد يرغب في الهجرة لكن الفرصة لم تتوفر له بعد".