محمد عبد الجبار الشبوط
انا اعتقد ان المجتمع العراقي يمثل جسما عضويا ممتدا منذ ٧٦٥ عاما على الاقل هي الفترة منذ سقوط الخلافة العباسية على يد المغول في العاشر من شباط من عام ١٢٥٨. الى اليوم. الخلافة العباسية تحولت في سنواتها الاخيرة الى شأن عراقي خالص، حيث لم تتعد سلطة الخليفة من تكريت الى الفاو طولا ومن حلوان الى هيت عرضا. بل ان العراق الحالي اكبر مما كان عليه سابقا.
من الناحية الاجتماعية، يمكن النظر إلى المجتمع العراقي على أنه مجتمع مترابط بالرغم من التغيرات الزمنية التي حدثت على مر العصور.
منذ عام ١٢٥٨ وحتى الآن، تأثر المجتمع العراقي بعدة تحولات وتغيرات، بما في ذلك التأثيرات الإقليمية والدولية والتغيرات السياسية والاقتصادية. هذه التحولات أثرت على هويته الاجتماعية والثقافية، ولكن في الوقت نفسه، بقيت هناك عناصر مشتركة تربط الأجيال المختلفة وتمنح المجتمع العراقي وحدة تاريخية واجتماعية.
على سبيل المثال، يمكن النظر إلى اللغة والثقافة وبعض القيم والتقاليد والممارسات الاجتماعية كعناصر تربط المجتمع العراقي عبر العصور. إضافة إلى ذلك، وبالرغم من التحولات والتغيرات في السلطة والنظام السياسي، فإن البنية الاجتماعية والأسرية لا تزال تشكل جزءا أساسيا من هوية المجتمع العراقي. ولكن من الواضح أيضا أن هناك تغيرات واضطرابات كبيرة حدثت في التاريخ العراقي والتي أثرت بشكل كبير على الهوية الاجتماعية والمجتمعية. تأثر المجتمع العراقي بالحروب والصراعات والتبعات الاقتصادية لها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تشتت وتفتت شبكة العلاقات الاجتماعية والتنافرات الداخلية. لذا، يمكن القول أن المجتمع العراقي يمكن اعتباره متصلا على أساس العناصر الثقافية والاجتماعية المشتركة عبر العصور، ولكن مع اعتراف بأن هناك فترات من التغير والتفتت في تاريخه. للتأكد من هذه الفرضية يمكن مراجعة العناصر التي تربط الاجيال المتلاحقة وتصنع الوحدة العضوية للمجتمع. ومنها:
1. اللغة واللهجة:
اللغة هي أداة أساسية لنقل المعرفة والتواصل بين الأجيال. تلعب اللغة دورا حاسما في نقل التفاصيل الثقافية والاجتماعية والتاريخية من جيل إلى آخر. زيادة ذلك، اللغة تساعد في فتح قنوات التواصل وفهم العادات والتقاليد بين الأجيال المختلفة.
2. الدين:
الدين يشكل عنصرا مهما في ربط الأجيال. يمكن أن يكون الدين محورا للتفاهم والتعاطف بين الأجيال المختلفة. يوفر الدين أيضا القيم والمبادئ التي يمكن توجيه الأجيال بها.
3. العادات والتقاليد:
تلعب العادات والتقاليد دورا رئيسيا في ربط الأجيال. عندما يتم نقل العادات والتقاليد من جيل إلى آخر، يتم تعزيز الانتماء والهوية الثقافية لدى الأفراد.
4. الذاكرة الجمعية:
الذاكرة الجمعية تعني الذاكرة الجماعية التي تحملها المجتمعات والأجيال. يمكن أن تكون الذاكرة الجماعية مصدرا هاما للتواصل والتعلم بين الأجيال المختلفة.
5. الحياة الاقتصادية:
الحياة الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على الأجيال المختلفة. من خلال نقل الخبرات والمعرفة في المجال الاقتصادي، يمكن أن تصبح الحياة الاقتصادية وسيلة هامة لتواصل الأجيال.
6. الثقافة المشتركة: الأدب والفن والموسيقى وغيرها من مظاهر الثقافة المشتركة تساهم بشكل كبير في ربط الأجيال. تشارك الثقافة المشتركة في بناء جسور من التواصل والتعاطف بين الأجيال المختلفة. وهذه كلها عناصر متوفرة في المجتمع العراقي منذ عام ١٢٥٨ الى الان على الاقل. يمكن لباحثين اخرين ان يذهبوا الى تاريخ ابعد من هذا، ولن اعارضهم. الفائدة من طرح هذه الفكرة تتلخص بما يلي: اذا اردنا ان نفهم طبيعة المجتمع العراقي الراهن فيجب ان ندرس اوضاعه بدءاً من ذلك التاريخ على الاقل.