«سوبر ماريو» الجديد سيئ جدا رغم مناقضته نسخة 1993 الكارثية
26-نيسان-2023
لويس تشيلتون
قلة قليلة من الكوارث السينمائية عبر التاريخ ضاهت فيلم "سوبر ماريو بروس" (1993) سوءاً أو علقت في أذهان المشاهدين بقدره. فالفيلم - المقتبس عن لعبة شهيرة لشركة "نينتندو" Nintendo، من بطولة بوب هوسكينز وجون ليغويزامو - هو خير تجسيد لـ"لعنة" تحويل ألعاب الفيديو إلى أعمال سينمائية دون المستوى، المستمرة منذ عقود. والسبب برأيي أن هوليوود ببساطة لم تفهم ألعاب الفيديو.
أما هوسكينز، فلم يعلم بجذور الفيلم حتى وقع على المشاركة فيه، ومن يلومه؟ على أية حال، حتى لو كان هوسكينز ملماً بلعبة "ماريو" لم يكن ممكناً التعرف على خيال الجريمة الغامض المنفصل عن العبثية الملونة التي ألهمتها. واليوم وبعد مرور 30 عاماً، تحولت لعبة "ماريو" مرة ثانية إلى عمل سينمائي، و"سوبر ماريو بروس، الفيلم" The Super Mario Brothers Movie بنسخته الجديدة هو النقيض لنسخة عام 1993، بمعنى أنه يفهم جوهر ألعاب الفيديو حق الفهم.
والحقيقة أن الفيلم الروائي الموجه للأطفال الذي طرح في دور السينما هذا الأسبوع، لا يناقض نسخة عام 1993 من فيلم "ماريو" فحسب، بل كل الأفلام الرديئة المأخوذة عن ألعاب الفيديو كذلك، سواء أكانت أفلام أكشن مضحكة ("القتال المميت" إنتاج عام 1995 Mortal Kombat) أو أفلام رعب مبتذلة ("الشر المقيم: نهاية العالم" إنتاج 2004 (Resident Evil: Apocalypse) أو أفلام خيالية من الدرجة الثالثة ("أمير بلاد فارس" إنتاج عام 2010 Prince of Persia) أو... أياً كان نوع فيلم "عقيدة القتلة" (2017) Assassin’s Creed.
لقد أوحت ألعاب الفيديو إلى هوليوود بإنتاج أسوأ الأفلام في الذاكرة الحديثة، والجامع بين هذه الأفلام هو الفشل الذريع في استنساخ المتعة التي وجدها الناس في الألعاب. وبالعودة إلى فيلم "سوبر ماريو بروس، الفيلم"، المشترك بين "استوديو إيلومينيشن" Illumination Studio وشركة "نينتندو"، فهو يتيقن ما يبحث عنه اللاعبون في فيلم "ماريو" ويوفره لهم بكثرة وبدرجة عالية. ولكن صناعة الأفلام لا ولن تتمحور يوماً حول تلبية المتطلبات الظاهرة للنجاح.
وتختلف النسخة الجديدة من "ماريو" عن نسخة عام 1993 الفاشلة، في كونها رسوماً متحركة وفي كون الشخصيات والبيئات التي يتضمنها تقليد صادق للمواد المرجعية. وصحيح أنها تستهدف بشكل واضح الجمهور من الأطفال الصغار، إلا أنها تسخر أيضاً كثيراً من الطاقة والجهد لتحاكي حنين اللاعبين الأكبر سناً، ففي خلال العرض الذي حرصت على حضوره (الذي حدث في وقت مبكر من ليلة الافتتاح وسط لندن)، لاحظت بأن عدد البالغين من دون أطفال أكبر بكثير من عدد الأطفال أنفسهم وأن الفيلم مليء بتفاصيل مألوفة جداً عند اللاعبين - كالشخصيات والعناصر والإشارات الموسيقية، إلخ.
وكل من لديه علم كاف بألعاب "ماريو" لا بد من أن يتنبه إلى أن الموسيقى المرافقة في لعبة "ماريو كارت 8" Mario Kart 8 هي الموسيقى التصويرية ذاتها في كل مشهد يستعد فيه ماريو وزملاؤه للقيادة. فهل يزيد هذا التفصيل من حجم الفيلم بأي شكل من الأشكال؟ بالطبع لا. ولكن في عصرنا الحديث حيث تسود الثقافة المهووسة، غالباً ما تستخدم "الإشارات الخفية" على هذا النحو وتلقى قبولاً، ومن شأن كل هذا أن يجعل من "سوبر ماريو بروس، الفيلم" عالماً منفصلاً كلياً عن سابقه، وإن كانت مشاهدته مؤلمة بالقدر نفسه.
فبمجرد أن يتوقف الجمهور عن التعرف على الأشياء المألوفة ويبدأ في المشاهدة الفعلية، حتى يتكشف له عدداً لا يحصى ولا يعد من المشكلات في "سوبر ماريو بروس، الفيلم"، بدءاً بالحبكة التي تنتقل بين أحداث القصة بأسلوب مفاجئ وسريع وتكاد تكون خالية من الثقل، مروراً بالتطور العاطفي المتداعي للشخصيات، وصولاً إلى الحوار الضعيف. باختصار، كل ما في الفيلم يذكر بالإعلانات الروائية الطويلة، والدليل على ذلك المقاطع الدعائية المنمقة التي تظهر على الشاشة قبل الفيلم وتروج لـنظام "نينتدندو سويتش" Nintendo Switch ومجموعته من ألعاب "ماريو".
ولعل الخروج الأبرز عن قالب الألعاب هو اختيار كريس برات لتأدية دور السباك الفخري واستبدال صرخة تشارلز مارتينيت الإيطالية الفريدة بتسجيل أميركي أكثر تقليدية. (وكان هذا أمراً محتماً فعلاً: لطالما تكلمت شخصية "ماريو" في اللعبة بلهجة رتيبة وما كان بإمكان هذه اللهجة أن تصل إلى الشاشة من دون إضفاء بعض الإثارة عليها) وقد وصف أداء برات لصوت "ماريو" بالضعيف وغير المقنع، لكن الحقيقة أن معظم أفراد طاقم التمثيل لم يحسنوا العمل ولم يحققوا المتوقع منهم. فجاك بلاك مثلاً، بذل جهداً كبيراً لمنح شخصية "باوزر" الشريرة صوتاً جهورياً، إلا أنه لم يقو على تقديم أداء ثابت ومناسب في كل مشهد. أما كيغان - مايكل كي، فقد لعب دور الضفدع المزعج "تود" بطريقة مقبولة نوعاً ما. وبالنسبة إلى شارلي داي الذي يقوم بدور "لويجي"، فكثيراً ما اختلطت عليه الأمور وكثيراً ما انتهى به المطاف بالتحدث بنبرته الشخصية. وإن كان على الممثلين الآخرين - أمثال أنيا تايلور - جوي بدور "الأميرة الخوخية" وسيث روجن بدور "دونكي كونغ" - فقد اتصف أداؤهم بالتفاهة والملل. يبدو وكأن هوليوود أدارت ظهرها للممثلين الصوتيين المتخصصين، وهذا ما أثر سلباً في الرسوم المتحركة وقلل من قيمتها.
ونتيجة لذلك، ظهر بالفعل انقسام واضح بين "النقاد" (المتعجرفين وغير الموثوق بهم والكارهين للترفيه) و"المعجبين" (الصادقين والمنفتحين والمحبين للمرح). ويمكن للمرء أن يلمس هذا الانقسام في درجات تقييم الفيلم على موقع "روتن توميتوز" Rotten Tomatoes، مع تصنيف "Rotten" (سيئ) بنسبة 53 في المئة من النقاد وتصنيف "Fresh" (جيد) بنسبة 96 في المئة من الجمهور. ولا شك بأن السينما المعاصرة تزخر بمثل هذه النماذج من الانقسامات، لكن هذا الانقسام بالذات حاد بشكل خاص، ومرد ذلك ربما إلى اختلاف التوقعات بين اللاعبين ورواد السينما. فمن وجهة نظر "اللاعبين"، "سوبر ماريو بروس، الفيلم" هو أشبه بتحفة "المواطن كين" Citizen Kane. لكن من وجهة نظر "السينمائيين"، الرسائل الخفية والاستدعاءات لا تعني شيئاً البتة، وهذا ما يجعل من فيلم "ماريو" الجديد مجرد عمل سينمائي سيئ آخر. وقد شهد هذا العام بالفعل عملاً درامياً مميزاً مقتبساً عن لعبة فيديو، ونقصد به سلسلة "ذا لاست أوف أس" The Last of Us التلفزيونية التي عرضت على شاشة "اتش بي أو". وصحيح أن هذه السلسلة لا تختلف عن "الأخوين ماريو" لناحية احتوائها على عناصر وإشارات تذكر اللاعبين بالأشياء التي أحبوها من قبل أو لناحية استنساخها مساحات شاسعة من إصدار عام 2013 من لعبة الـ"بلاي ستايشن"، إلا أنها تتميز عنه بعدم تجاهلها للجوانب التي تجعل من الأفلام والتلفزيون محط اهتمام، قل التمثيل والكتابة والسرد القصصي. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن "سوبر ماريو بروس، الفيلم" فارغ، أو بالأحرى تجسيد لفكرة من قبل مديري "نينتندو" التنفيذيين. وهذا الوصف وحده كاف تقريباً، لحض أي كان على الترحم على زمن هوبكنز وليجويزامو، تقريباً.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech