في عالم يغلب عليه الضجيج الإعلامي وفي عصر تسوده المعلومات السريعة والمنافسة الإعلامية، أصبح التلاعب بالوعي العام أداة رئيسية في يد بعض القادة لتحقيق أهدافهم.
هذه الاستراتيجيات لا تهدف فقط إلى تشتيت الانتباه، بل أيضًا إلى إعادة تشكيل الواقع وفقًا لأجندات معينة في مقال للكاتبة "منى حوا" سلطت الضوء على استراتيجيات مثل "الدخان والمرايا"، "إغراق الساحة"، و"السردية بالقوة"، والتي يستخدمها ترامب ونتنياهو لإعادة تشكيل الواقع وجعل الأفكار المستحيلة تبدو قابلة للنقاش.
الدخان والمرايا:
هذه الاستراتيجية تعتمد على خلق ضجة إعلامية حول أفكار غير واقعية، مثل تهجير الفلسطينيين، بهدف تشتيت الانتباه وإجبار الأطراف الأخرى على الدفاع بدلًا من الهجوم. تكرار الحديث عن التهجير، رغم استحالة تنفيذه، يجعل الناس يتعاملون معه كأمر مطروح للنقاش بدلًا من رفضه فورًا. هذا التكتيك ليس جديدًا؛ فقد استُخدم في الماضي لتحويل كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق إلى ذريعة للحرب.
إغراق الساحة:
ترامب ونتنياهو يغرقان الإعلام بوابل من التصريحات والقرارات، بغض النظر عن واقعيتها، بهدف السيطرة على السردية السياسية. هذا الإغراق يجعل الإعلام والجمهور في حالة ملاحقة دائمة للتصريحات الجديدة، بدلًا من التركيز على الحقائق الأساسية، مثل فشل إسرائيل عسكريًا في غزة.
السردية بالقوة:
التكرار يصنع القبول. هذه النظرية تعتمد على إعادة طرح الأفكار بشكل متكرر حتى تصبح مألوفة، وبالتالي أقل صدمة. قبل أشهر، كان الحديث عن تهجير الفلسطينيين يبدو مستحيلًا، لكن اليوم، بسبب التكرار، أصبح يناقش في وسائل الإعلام كخيار ضمن عدة خيارات.
أمام هذه التحديات
وفي مواجهة هذه الاستراتيجيات، نحتاج إلى تطوير مهارات التحليل النقدي لدى الجمهور، وتعزيز الشفافية الإعلامية، ورفض حتى النقاش حول أفكار غير أخلاقية. يمكن للتعليم الإعلامي أن يلعب دورًا رئيسيًا في هذا الصدد، من خلال ورش العمل والمناهج التعليمية التي تعلم الجمهور كيفية تحليل المصادر والتمييز بين الحقائق والآراء. كما يجب على الدول العربية والدولية أن تتعاون لفضح هذا التلاعب ومواجهته بحزم.
ما يفعله ترامب ونتنياهو ليس مجرد هراء سياسي، بل هو تلاعب استراتيجي محسوب. المطلوب هو رفض هذه الأفكار في فضح ومواجهة التلاعب الإعلامي يتطلب وعيًا جماعيًا وإرادة قوية لرفض الأوهام مع التركيز على الحقيقة الأساسية أن هذه الاستراتيجيات هي محاولات لإخفاء الفشل العسكري والسياسي. السؤال الذي يبقى: هل سنسمح لهذه الأوهام أن تصبح حقائق، أم سنقف بحزم لمواجهتها؟
"هذا العمود مستوحى من مقال الكاتبة منى حوا حول التلاعب الإعلامي واستراتيجيات إعادة تشكيل الوعي العام."