علي محمد مجيد
في العراق، حيث تُطوى السنوات بسرعة، يبقى الشباب معلّقين بين حلم الوطن وواقع الاضطراب. يمثل الشباب اليوم الشريحة الأكبر في المجتمع العراقي، لكنهم – للأسف – ليسوا في مركز القرار، بل غالبًا ما يكونون ضحايا لقرارات صُنعت دونهم.
الظروف التي يعيشها الشباب في العراق تكاد تكون غير منصفة: بطالة متفشية، تعليم غير مستقر، خدمات ضعيفة، ومناخ سياسي محتقن. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن هذا الجيل لا يزال ينبض بالحياة. في كل محافظة عراقية، ترى شبابًا يطلقون مبادرات تطوعية، ينظمون حملات توعية، يطلقون مشاريع صغيرة رغم الصعوبات، ويحلمون بوطن يليق بطاقاتهم.
لكن، إلى متى يمكن للصبر أن يكون فضيلة؟
من غير المنطقي أن يُطلب من الشباب أن يتحمّلوا نتائج أخطاء الحكومات المتعاقبة، في وقت لا يُمنح لهم فيه حتى هامش التعبير الحقيقي أو المشاركة السياسية الفعالة.
لقد أثبتت التجربة – وأبرزها احتجاجات تشرين – أن الشباب ليسوا فقط طاقة ميدانية، بل طاقة تفكير وبديل سياسي ناضج. فهم لم يخرجوا إلى الشوارع فقط من أجل وظائف، بل من أجل وطن. من أجل كرامة وعدالة وحكم رشيد.
المطلوب اليوم من الدولة أن تتوقف عن التعامل مع الشباب كـ"قضية" أو "مشكلة"، وتبدأ بالنظر إليهم كحل. عبر تمكينهم فعليًا في مواقع القرار، وتوفير بيئة حاضنة للأفكار الريادية، وتحديث المناهج التعليمية، ودعم الفنون والثقافة وريادة الأعمال.
من حق هذا الجيل أن يعيش في عراقٍ لا يُهمّش فيه ولا يُستنزف فيه شبابه. العراق لن يقوم إلا بشبابه، ولن يتعافى إن استمر في إقصائهم.