بغداد ـ العالم
سلّط موقع "ستايت ووتش" (مراقبة الدولة) المختص برصد الحقوق المدنية في أوروبا، الضوء على مساع الاتحاد الأوروبي إلى التوصل لاتفاق غير رسمي مع العراق، لجعله متعاوناً أكثر لتسهيل إجراءات الترحيل والإبعاد لمهاجرين عراقيين من دول الاتحاد، وقبول السلطات العراقية باستقبالهم.
وأوضح تقرير المركز الأوروبي، أن "الاتحاد الأوروبي يمضي قدماً من أجل تنفيذ الخطة على الرغم من الإدراك الأوروبي بأن الحكومة العراقية نددت في آذار/ مارس الماضي، بالسياسة السابقة المتمثلة في عدم القبول العام للعودة غير الطوعية، والتزامها ببدء التعاون في جميع حالات العودة".
وبحسب تقرير المركز الذي يتخذ من لندن مقرا له، فإن "الاتفاقية غير الملزمة" التي يجري دفعها حالياً، لا تتطلب التدقيق أو الموافقة من جانب البرلمان الأوروبي، بخلاف الاتفاقية الرسمية حول إعادة القبول بالعائدين، وهي ستحتل رأس "اتفاقية الشراكة والتعاون" القائمة بين الاتحاد الأوروبي والعراق، مضيفاً أنه ستكون هناك تهديدات بفرض عقوبات تتعلق بمنح التأشيرات ضد العراق، وهو ما كان يخضع للنقاش منذ العام 2021 عندما خلص الأوروبيون إلى أن تعاون العراق مع عمليات الترحيل، كان "غير كاف".
وأضاف التقرير، أن "اتفاقية الشراكة والتعاون" تتضمن بنوداً تلزم الطرفين "بإعادة قبول المهاجرين غير الشرعيين"، مبيناً أن "إمكانية قيام الاتحاد الأوروبي بجعل إصدار التأشيرات أكثر تعقيداً واستهلاكاً للوقت للمواطنين العراقيين، ما تزال قيد البحث في المجلس الأوروبي".
ولفت إلى أن الوثيقة المطروحة تتحدث عن "تواصل واسع النطاق ومستمر" من الاتحاد الأوروبي "تجاه السلطات العراقية على المستوى السياسي والفني"، وهو ما قاد إلى إعلان الحكومة العراقية موقفها في آذار/ مارس الماضي.
واشار التقرير إلى أن خطة ممارسة الضغط المتجدد على العراق قد وضعت بشكل سري من خلال آلية "MOCADEM" لتنسيق جهود الاتحاد الأوروبي في مجال الحدود الخارجية المتعلقة بالهجرة.
ووفق التقرير الأوروبي، فبعد قرار السلطات العراقية البدء بقبول عمليات الإعادة القسرية من الاتحاد الأوروبي، جرى تواصل بين بغداد والعديد من الدول الأعضاء للبحث في إمكانية التوصل إلى ترتيبات تفصيلية للتعاون بشأن العودة وإعادة القبول، مضيفاً أنه جرى إبرام العديد من هذه الترتيبات مع الدول الأعضاء بشكل فردي، وبعضها قيد التفاوض أو قيد البحث.
ورأى التقرير أنه برغم ذلك فإن المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية يعتبران أن هناك فائدة إضافية من خلال اتفاقية مخصصة بين الاتحاد الأوروبي والعراق، مشيرين إلى أنها ستؤمن "الوضوح والشفافية والقدرة على التنبؤ بالعملية لكل من الطرفين".
إلا أن الوثيقة المطروحة ستوفر أيضاً الفرصة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للتلاعب باختيارات كيفية تطبيق القانون الجديد، حيث تقول الوثيقة إن "الآلية غير الملزمة" تعكس المعايير الأكثر فائدة في الترتيبات الثنائية للدول الأعضاء. وبحسب تقرير المركز الأوروبي، فإن هذه الآلية على مستوى الاتحاد الأوروبي ينبغي ألا تحل محل الترتيبات الثنائية، لكن الآلية على مستوى الاتحاد الأوروبي والترتيبات الثنائية، ستكون متكاملة بطبيعتها. ووفق الوثيقة أيضاً، يمكن الاستفادة من الترتيبات الثنائية القائمة وتلك التي لم يتم إبرامها بعد بين العراق والدول الأعضاء، وفي الوقت نفسه، يجوز لجميع الدول الأعضاء تطبيق المبادرة على مستوى الاتحاد الأوروبي لتعزيز عمليات العودة، حيثما يكون ذلك مناسباً.
وتأمل المفوضية أن تدرج في مبادرة "الآلية غير الملزمة"، من بين أمور أخرى، أن يقبل العراق بالرحلات الجوية المستأجرة، وإصدار تصاريح الهبوط في الوقت المناسب"، وإنه بناء على طلب العراق، هناك إشارة إلى دعم الاتحاد الأوروبي لإعادة الدمج المستدام، بحسب التقرير.
ووفق التقرير، فإن دعم إعادة الدمج، قد يكون على شكل مساعدات مالية للأفراد المرحلين، إلى جانب المساعدة النفسية أو غيرها من إشكال المساعدة، لكن المجلس الأوروبي لا يعتقد أنه ينبغي تضمينها بشكل تلقائي، حيث يعتبر المجلس أنه لا ينبغي للآلية غير الملزمة (NBI) أن تفرض التزامات على الدول الأعضاء في هذا الصدد، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يشير بوضوح إلى أن دعم إعادة الدمج ليس شرطاً أساسياً لتنفيذ عمليات العودة الفعلية أو المستقبلية، ويظل الالتزام (من جانب العراق) بإعادة قبول مواطنيه غير مشروط".
وخلص التقرير، إلى أنه "في حال تم التوصل إلى اتفاق غير رسمي، فإن التعاون العملي هو ما يثير تقدير المجلس الأوروبي"، الذي وبحسب الوثيقة نفسها، فاحتمال فرض عقوبات فيما يتعلق بالتأشيرات، سيظل مطروحاً على الطاولة، وأن البحث في إمكانية فرضها، سيتم في حال جرى اعتبار التعاون العراقي "غير كافٍ بحلول نهاية العام 2023".
ولفت التقرير الأوروبي، إلى أن بين عامي 2006 و2021، شملت عمليات الترحيل من جانب "فرونتكس"، 352 مواطناً عراقياً، لكن من المرجح أن يكون عدد المرحلين في العمليات التي تنسقها الدول الأعضاء، أعلى من ذلك بكثير.
وختم التقرير، بالقول: "بعد عقدين من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، بدعم من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، هي إيطاليا وهولندا وإسبانيا والمجر وليتوانيا وسلوفاكيا وبولندا ورومانيا والدنمارك وبلغاريا وجمهورية التشيك ولاتفيا وأستونيا وبريطانيا، وكذلك دول (الشنغن) النرويج وإيسلندا، فإن الناس في العراق ما يزالون يواجهون اضطرابات سياسية وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".