هل أدت سياسات التغير المناخي الغربية إلى الحروب التجارية الحالية؟
12-حزيران-2025

أنس بن فيصل الحجي
أزعم أنه جرى التوسع في سياسات وقوانين الإرهاب في فترات سابقة بهدف التحكم في حركة التجارة الدولية والتمويل واتجاهات الاستثمار العالمية، ومن ثم التأثير في سياسات الدول المنتجة للموارد الطبيعية، ولكن بروز الصين والهند وأمثالهما كدول صناعية تطلب طريقة أخرى للسيطرة، فجرى التوسع في فكر التغير المناخي، الذي، بخلاف الإرهاب، يمكن تعميمه على الحكومات والدول والشركات والأفراد في شتى أنحاء العالم، وفي أي وقت، ومن ثم يمكن للغرب استخدامه للتحكم بالتجارة العالمية والاستثمارات والتمويل، وحصل هذا بالفعل في الأعوام الأخيرة والأمثلة كثيرة، التي تتضمن وضع شروط "مناخية" في عقود الاستثمار أو التمويل، أو الانسحاب من مشاريع بحجة عدم مراعاة الظروف البيئية.
ولكن يبدو أن الصين كانت واعية لهذه الخطط مبكراً، إما بسبب تجسسها على الحكومات الغربية، أو لاستنتاجها بصورة منطقية أن الغرب يحاول التحكم باقتصادات الدول الناشئة والنامية من طريق تطبيق سياسات وقوانين التغير المناخي. ونتج من ذلك سيطرة الصين في وقت مبكر على المعادن التي يتطلبها التغير الطاقي وعلى طريق معالجتها، ثم توسعت في تصنيع كل ما تحتاج إليه من سياسات التغير المناخي بما في ذلك الألواح الشمسية وعنفات الرياح والسيارات الكهربائية والبطاريات اللازمة لهذه السيارات، وأغلب هذه التجارة كان يمر في البحر الأحمر. أدركت الدول الغربية، بخاصة الولايات المتحدة، بعد فوات الأوان، أن الصين تسيطر على هذه المعادن والصناعات، بما في ذلك المعادن النادرة، فقررت خوض حرب تجارية تفرض فيها ضرائب جمركية عالية جداً على الواردات من الصين، وبصورة خاصة كل ما يتعلق بالمعادن والصناعات المرتبطة بسياسات التغير المناخي. ومن غرائب الأمور أن سياسات ترمب ضد سياسات بايدن، وأوقف تطبيق كثير من سياسات التغير المناخي، ومع ذلك فرض ضرائب جمركية على المعادن والصناعات نفسها التي كان يدعمها بايدن بهدف تحقيق الحياد الكربوني!
باختصار، جرى تبني سياسات التغير المناخي للتحكم بالعالم، فقلبت الصين الطاولة وأصبحت تتحكم بالغرب، فكانت الحروب التجارية والضرائب الجمركية العالية هما رد فعل الغرب على الصين. النتيجة الحتمية هي تقهقر سياسات التغير المناخي والتغير الطاقي في الغرب، وهذا يعني في النهاية أن الطلب على النفط والغاز والفحم سيكون أكبر من كل التوقعات الحالية.
لماذا تتوسع الصين في الطاقة المتجددة؟
هناك كثير من الأدلة التي تشير إلى أن الحكومة الصينية أبلغت شركات الطاقة الكبرى في الصين بالتركيز على الموارد المحلية، ومن ثم جرى التوسع في كل شيء بما في ذلك النفط والغاز والفحم وطاقة الرياح والطاقة المتجددة، وزاد إنتاجها كلها أخيراً. وكانت هذه السياسة أحد الأسباب التي أسهمت في انخفاض أسعار النفط في العام الماضي ومنعتها من الارتفاع إلى 100 دولار للبرميل إذ جرى اللجوء إلى المخزونات النفطية المحلية بدلاً من استيراد النفط. الصين أكبر مستثمر في الطاقة المتجددة وبفارق كبير عن الولايات المتحدة وأوروبا. ولا شك أن الحكومة الصينية تهدف إلى خفض التلوث في المدن الصينية، التي تعد من أكثر المدن تلوثاً في العالم، ولكن التلوث شيء والتغير المناخي شيء آخر! ويشير التركيز على مصادر الطاقة المحلية بغض النظر عن الكلفة، إلى أن الصين تجهز نفسها لاحتمال حرب مع الدول الغربية أو عقوبات اقتصادية خانقة وحظر اقتصادي. إذاً التوسع في مصادر الطاقة المحلية بما في ذلك الطاقة المتجددة هدفه إستراتيجي ومرتبط بالأمن القومي الصيني.
ترمب: الصين "انتهكت تماما" اتفاق الرسوم الجمركية مع أميركا
وبدأت بوادر الحظر تظهر عندما قررت الصين وقف تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها، التي تعتمد على استيرادها من الصين بصورة كبيرة. قرار الصين يهدد الصناعات الغربية المتقدمة ويرفع الأسعار والكلف ويعزز نفوذ بكين في الحرب التجارية. تسبب القرار في نقص حاد في المعادن الثقيلة مثل الديسبروسيوم والتيربيوم والساماريوم، المستخدمة في مغناطيسات مقاومة للحرارة. هذه المغناطيسات حيوية لصناعات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والروبوتات والطائرات المقاتلة بخاصة المتقدمة منها مثل "أف 35".
الغرب مضطر إلى تسريع البحث عن بدائل ولكن البدائل محدودة جداً، ومن غرائب القدر أن سياسات التغير المناخي هي أكبر عائق في تطوير المناجم في الدول الغربية لتخفيف اعتمادها على الصين! بعبارة أخرى، سياسات التغير المناخي هي التي جعلت هذه الدول رهينة للصين، وهي أيضاً التي تمنعها من التحير من سيطرة الصين!
وجاء الحظر رد فعل على الضرائب العالية التي فرضتها حكومة ترمب على الصين. وكانت في يد ترمب ورقتان رابحتان هما صادرات النفط والغاز المسال إلى الصين، ولكن تفاجأ ترمب أن الصين توقفت عن استيراد كليهما من الولايات المتحدة! فردت الولايات المتحدة بوقف تصدير غاز الإيثان إلى الصين، إذ إن غالبية واردات الإيثان الصينية تأتي من الولايات المتحدة، وهو مادة أساسية لكثير من الصناعات الصينية، وليس هناك بديل حالياً للإيثان الأميركي، إذ إن تصديره يتطلب بنية تحتية خاصة وسفناً خاصة. ونتج من هذا الحظر ارتفاع كلف التصنيع أذ اضطرت شركات البتروكيماويات إلى استيراد النافثا بدلاً من الإيثان الرخيص، ولكن لو استمر الحظر فترة طويلة فإن بعض مصانع البتروكيماويات في الصين قد تضطر إلى التوقف عن العمل.
خلاصة القول إن سياسات التغير المناخي التي يقصد منها التحكم بالصين جعلت الصين ترد بالسيطرة على المعادن والصناعات التي يحتاج إليها التغير الطاقي، فكان رد الفعل الغربي هو حرب تجارية وضرائب جمركية عالية، وعلينا ألا نستبعد أن بعض أهداف سيطرة الأميركيين والبريطانيين على البحر الأحمر هي السيطرة على التجارة الصينية، بخاصة المتعلقة بسياسات التغير المناخي والتغير الطاقي. وعندما حاول الغرب إيجاد بدائل للمصادر الصينية أوقفت الصين تصدير المعادن النادرة، الذي يعني في النهاية توقف كثير من المصانع الغربية بخاصة مصانع السيارات الكهربائية وتلك التي تنتج الألواح الشمسية أو توربينات عنفات الرياح. تحت هذا الضغط حظرت الولايات المتحدة تصدير غاز الإيثان، وهذا يهدد كثيراً من المصانع الصينية. لهذا قد يكون الحل هو الإيثان مقابل المعادن النادرة، إلا أن الواضح الآن أنها لعبة عض أصابع والخاسر هو من يصرخ أولاً.

جنوب بغداد.. مواطنون يدفعون 3 مليون دينار «إتاوة» لبناء منزل «زراعي»
12-حزيران-2025
مفوضية الانتخابات: نحتاج إلى 250 ألف موظف اقتراع
12-حزيران-2025
أوجلان يطلب حواراً مع بارزاني وطالباني وعبدي
12-حزيران-2025
لجنة نيابية تكشف انحسار فرص تعديل قانون الانتخابات
12-حزيران-2025
نائب: موازنة 2025 قد تصل البرلمان مطلع تموز
12-حزيران-2025
روسيا: مستعدون لتلقي اليورانيوم المخصب من إيران
12-حزيران-2025
جنوب بغداد.. مواطنون يدفعون 3 مليون دينار «إتاوة» لبناء منزل «زراعي»
12-حزيران-2025
رئيس الجمهورية: أهوارنا المدرجة على لائحة التراث العالمي تعيش حالة مأساوية
12-حزيران-2025
المجلس الاقتصادي: ملتقى العراق للاستثمار سيطلق 150 فرصة استثمارية بـ12 قطاعاً اقتصادياً
12-حزيران-2025
«النقد الدولي» يحذر من تداعيات الحرب التجارية على الأسواق الناشئة
12-حزيران-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech