«لا تلومي الكارما».. فيلم مكسيكي يتغلب على تعثر الحظ
20-آب-2022
بغداد ـ العالم
تقدم المخرجة المكسيكية إليسا ميلير حبكة درامية كوميدية، خلال طرحها قصة فتاة تعتقد في كارما الحظ السيئ بالحياة، عبر فيلم ”Don’t blame karma“ الصادر حديثًا عن نتفليكس.
وتقدم المشاهد صورًا متعددة للصراعات الإنسانية مع الأفكار، وسوء الاعتقاد وأثره باتخاذ القرارات في الحياة.
وتثير أحداث السيناريو المكتوبة من قبل فرناندا إيجوياريت، ولورا نورتون، باللغة الإسبانية، العديد من التساؤلات حول مستقبل الإنسان، وأثر اعتقاده على مسيرة حياته.
وتدور دراما الفيلم حول الفتاة سارة وتجسدها الفنانة المكسيكية أسيلين ديربيز، إذ تخضع لاعتقادها بدائرة الحظ السيئ الملازمة لها من طفولتها، حيث يكون الأمر متعلقًا بشقيقتها ”لوسي“ وتجسدها الفنانة ريناتا نوتني، تبعًا لموقف من ماضيهما المشترك، ما يدفع سارة للاعتقاد بأن ”لوسي“ تنزع منها جميع رغباتها، وتترك لها الحظ السيئ في كل شيء.
ويتعزز هذا الشعور بظهور ”آرون“، جيل شيروزي عشيق سارة في الثانوية، في دور حبيب شقيقتها لوسي، ما يدفعها لرفض كافة الفرص العملية في الحياة، خوفًا من الفشل، فكلما جاءت فرصة جديدة، اعتقدت سارة أن هذا جزء من حياكة الحظ السيئ حولها.
رسائل
ويتواجد في الفيلم رسائل حول قدرة الإنسان على تحسين ذاته، بل وعلاقاته مع الآخرين، وتحسين العلاقة العائلية، فوالدا سارة بعد أن قررا الانفصال بعد 32 عامًا من الزواج، عادا للوضع الحميمي للعلاقة، بعد خدعة ارتباط الأم بزوج آخر، تعرفت إليه عبر الإنترنت.
كما يقدم الفيلم رسائل من نوع آخر، حول طريقة الانفصال ونهايات العلاقات بشكل يقوم على الصراحة، عبر توضيح المشاعر الرافضة للإكمال دون مواربة، ودون إهانات، بحيث تبقى العلاقة فيما بعد في الإطار الإنساني السليم.
كما تعمل مؤامرة الفيلم على خلق التفاعل الحسي مع الجمهور، عبر عدة مشاهد تعمل على إحداث الحراك العقلي، وتعزز الاستدراك الفكري لدى الإنسان.
ويكون على المتابع مناقشة رسالة الفيلم التي تقول: لعلك مخطئًا حينما تلقي اللوم على شخص آخر بسبب مشاكلك الخاصة.
حبكة دون مواربة
واستقلّت حبكة الفيلم الطريق الواضح دون مواربة أو خدعة، لكنها بالرغم من كونها تقليدية أو متوقعة النهاية، فإنها حملت طريقة المربعات المتداخلة، في المعالجة، حيث كان لأبوي سارة حبكة خاصة بهما على الهامش، بالإضافة لقصة لوسي وحدها مع آرون، وقصتها مع سارة، كل هذه الخيوط المتشابكة خلال العمل، شكلت مزيجًا يمكن المتابعة معه إلى النهاية، عبر 86 دقيقة من العرض.
وقدم الفيلم تنوعًا في التدرج الكرونولوجي، حيث إيقاع الزمن مع الأحداث، إذ تكون البدايات في الربع ساعة الأولى للأحداث سريعة التواتر، وتسرد أحداثًا كثيفة عن حياة سارة وعائلتها، لكن يهدأ الإيقاع بعد ذلك، وتبدأ عملية التفسير والتفكيك للأحداث الأولى.
وهنا تكمن عملية التوقع لدى الجمهور، فمن الممكن من سياق الأحداث الأولى معرفة نهاية الفيلم، لكن تبقى بعض الأمور التي تضعها المخرجة فيها بعضًا من المراوغة، مثل إدراج شخصية عشيق جديد لسارة، وإبداء توجه فعلي نحو الزواج.
النصف الثاني من الفيلم، مضى بشكل أكثر بطء، واتصف بنبرة حزينة، فكانت سارة على موعد مع تجربة الحسرة، كونها من يصنع فستان زفاف شقيقتها على عشيقها الوحيد في العالم، وهو ما ضاعف اعتقادها بأن أختها تستحوذ على كافة رغباتها الخاصة في الحياة.
وبدت شخصية ”سارة“ متموجة ما بين اعتقادها بالحظ السيئ وسيطرته على حياتها، وما بين القرارات العملية التي كانت تتخذها بالفعل بخوف، ودون رغبة أكيدة، لاعتقادها بأنها حتمًا ستفشل، ”حياتي سلسلة متواصلة من سوء الحظ“.
لكنها كانت تخضع لرغبة أختها في الالتحاق بمعرض الموضة الإسباني، لتجد نفسها تمضي وفق قرار جديد يحقق لها النجومية فيما بعد، كما أنها تصبح مصممة أزياء اختها التي نالت النجومية في عملها كعارضة أزياء.
وتمكنت أسيلين المكسيكية من تقديم أداء متوهج، عبرت من خلاله عن قدرة تمثيلية متنوعة، ما بين الفرح، والحزن، والجنون، والعقلانية، ومشاعر الصدمة كذلك.
شخصية ذابلة
أما لوسي فكانت دومًا باحثة عن الحب الصادق، لكنها كانت تستعجل في بدء العلاقات، وهو ما جعل علاقتها بآرون مزيفة، فلم تستطع تقبل أغانيه ولا طبيعته، وكانت دومًا تشعر بأن ما يقدمه من مشاعر، هو موجه لسارة لا لها.
لكن لم يتطرق السيناريو لعمق سارة ولم يقدم لها شخصيتها الخاصة خلال الطرح، فكانت دوما تنفعل كحضور درامي، مجسدة ردة فعل لموقف يصدر من الشخصيات المقابلة، ويمكن ملاحظة ذبول دورها، لولا المشهد الأخير للفيلم.
ويحاول الفيلم تقديم إسقاطات فكرية، لتغيير السلوك اليومي للإنسان عبر توريد الرسائل المحفزة للتغلب على تعثر الحظ، إذ يرى السيناريو أن تحقق السعادة يكون بتواجد الإنسان في المكان الذي يريد، وهو ما كانت ”سارة“ دوما تفعل عكسه، فهي الموهوبة في تصميم الأزياء.
لكنها كنت دومًا تهرب من خطة النجاح المُعدّة لها، لتبقى في الظل مشرّدة، خائفة من المستقبل، تراهن على حظها السيئ في كل شيء.