شلل تشريعي في البرلمان.. الدورة النيابية الخامسة تلفظ أنفاسها الأخيرة
3-تموز-2025

بغداد – العالم
برغم مرور ما يقرب من أربع سنوات على انطلاق الدورة التشريعية الحالية لمجلس النواب، التي بدأت في تشرين الثاني 2021، إلا أن شللًا شبه تام أصاب المؤسسة التشريعية خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة تعمق الخلافات السياسية داخل القوى المتصدرة للمشهد، الأمر الذي انعكس على أداء البرلمان التشريعي والرقابي، وأدى إلى تعطيل العشرات من القوانين الحيوية، منها المحكمة الاتحادية، والنفط والغاز، والخدمة الاتحادية، وقانون الحشد، وغيرها.
وبينما يقترب عمر هذه الدورة من نهايته الدستورية، تواجه العملية التشريعية مأزقاً متصاعداً، وسط تحذيرات من أن معظم مشاريع القوانين ستُرحّل إلى الدورة القادمة، ما يعمّق فجوة الثقة بين الشارع العراقي والمؤسسة التشريعية، ويهدد فرص الإصلاح التشريعي في المدى القريب.
وكشف عضو اللجنة القانونية النيابية عبد الكريم عبطان، يوم الأربعاء، أن البرلمان يحتفظ بأكثر من 100 مشروع قانون معطل، بسبب الانقسام السياسي وتفاقم الخلافات بين الكتل، ما أفقد المؤسسة التشريعية قدرتها على الانعقاد أو المضي في تمرير القوانين.
وقال عبطان في تصريح صحفي: "هناك أكثر من مئة قانون معطل وضعت على رفوف البرلمان، من أبرزها قانون المحكمة الاتحادية، وقانون النفط والغاز، وخدمة العلم، والخدمة الاتحادية"، لافتاً إلى أن "مجلس النواب أصيب بشلل كامل نتيجة الخلافات العميقة بين القوى السياسية".
وأضاف أن "أغلب هذه القوانين ستُرحّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، لأن البرلمان الحالي غير قادر على اتخاذ قرارات حاسمة بشأنها، بفعل استمرار الانقسام وفقدان النصاب وانعدام التوافق".
ويُعد قانون المحكمة الاتحادية العليا أحد أبرز القوانين المعطلة منذ عدة دورات برلمانية، رغم أهميته القصوى في تنظيم العلاقة بين السلطات وحسم النزاعات الدستورية. وقد فشلت القوى السياسية مراراً في الاتفاق على آلية تعيين القضاة، وتحديد مرجعية تفسير النصوص الدستورية، ما جعل المحكمة تعمل بقانون مؤقت، وهو ما يُعد ثغرة قانونية خطيرة.
كما لا يزال قانون النفط والغاز أسير الخلافات المزمنة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بسبب تباين الرؤى حول إدارة الثروات الطبيعية وتوزيع العائدات المالية، وهو ما أدى إلى استمرار النزاع القانوني والسياسي حول الصلاحيات النفطية، وتفاقم أزمة الرواتب في الإقليم، وغياب سياسة نفطية موحدة.
كذلك يشمل التعطيل قانون الخدمة الاتحادية، الذي يُفترض أن ينظم التعيينات ويعزز العدالة في توزيع الوظائف العامة على أساس الكفاءة لا الولاء الحزبي أو المحاصصة. ورغم تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي، إلا أن الإطار التشريعي المنظم لعمله ما يزال غائباً، ما يضعف دوره ويجعل التعيينات مرهونة بقرارات سياسية.
وفي وقت سابق، صرّح عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية مختار الموسوي بأن الخلافات السياسية "أصبحت تهدد عمل مجلس النواب"، مؤكداً أن "الانقسامات داخل الكتل المشاركة في الحكومة تعرقل التصويت على قوانين حساسة، بينها قانون الموازنة الاتحادية وقانون الحشد الشعبي".
وشدد الموسوي على أن "استمرار تعطيل الجلسات لأسباب سياسية وفنية يُفقد البرلمان هيبته الدستورية، ويفاقم الأزمات التشريعية التي تنعكس سلباً على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد".
وفي ظل هذا الواقع، تتصاعد الدعوات من مراقبين وسياسيين إلى تفعيل عمل البرلمان، وإعادة ترتيب أولويات السلطة التشريعية بما يخدم مصلحة المواطن، بعيداً عن التجاذبات الحزبية.
ويرى خبراء قانونيون أن "استمرار غياب الدور التشريعي الحقيقي للبرلمان، سيكرّس حالة الانسداد، ويزيد من هشاشة النظام السياسي، ويؤثر على الشرعية القانونية للعديد من القرارات والإجراءات الحكومية".
ويحذر المراقبون من أن ترحيل القوانين إلى الدورة المقبلة دون نقاش حقيقي حول أسباب تعطلها، يعدّ إفشالاً متعمداً للعمل البرلماني، ويفتح الباب واسعاً أمام الحكم التنفيذي المنفرد دون رقابة أو مساءلة.
ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، دارا حمة أحمد، إن العطلة التشريعية الحالية تنتهي في التاسع من تموز المقبل، على أن يُفتتح الفصل الجديد في اليوم التالي مباشرة.
ويضيف أن جدول أعمال البرلمان يمكن أن يبدأ بمشاريع قوانين غير خلافية، لكن الواقع يشي بأن "البرلمان لا يتحرك دون تفاهمات مسبقة بين الكتل السياسية الكبيرة".
ويكشف أحمد، أن المشكلة لا تكمن في القوانين ذاتها، بل في من يتحكم بإدراجها، وما إذا كانت ستُستخدم كورقة ضغط أو مناورة سياسية.
وخلال الفصل السابق، شهد المجلس غيابًا شبه تام عن جلسات منتظمة باستثناء مناسبات محدودة فرضتها الضغوط الشعبية أو التزامات تشريعية دولية، مما حوّل البرلمان إلى ساحة تفاهمات فوقية بدل أن يكون مؤسسة دستورية فاعلة. ويحذر حمة أحمد من تكرار هذه الظاهرة، قائلاً: "لا توجد ضمانات حقيقية حتى الآن بأن الجلسات ستُعقد بشكل منتظم"،
ويرجّح أن تقتصر على "جلسات قليلة تمرر قوانين لا خلاف بشأنها"، ما يعني عمليًا استمرار حالة الشلل المؤسساتي.
وتسعى بعض القوى السياسية إلى فرض رؤاها الخاصة على جدول أعمال المجلس، ما يجعل أي قانون مرتبطًا بحسابات الربح والخسارة لا بالمصلحة العامة. ويُضاف إلى ذلك استمرار الخلافات على ملفات حيوية، مثل قانون النفط والغاز، وقانون الموازنة الاتحادية الملحق، وقوانين تتعلق بالانتخابات المحلية والمحكمة الاتحادية. وبالتالي، فإن قدرة البرلمان على العمل لا تعتمد على انتهاء العطلة فحسب، بل على ما يُسمح له أن يناقشه.
وفي ظل هذه المعادلة، يبدو المواطن العراقي المتضرر الأول، إذ ترتبط حياة الناس اليومية بقرارات وتشريعات مؤجلة؛ من تعديل سلم الرواتب، إلى تنظيم العلاقة بين المركز والإقليم، إلى إعادة النظر في التخصيصات المالية للمحافظات المحرومة. وكل ذلك ينتظر إرادة سياسية يصفها المراقبون بأنها "انتقائية" وتخضع لاعتبارات خارجة عن نطاق العمل البرلماني الطبيعي.
وعودة مجلس النواب في تموز لا تعني بالضرورة عودة الحياة التشريعية، ما لم تتوفر إرادة حقيقية لتفعيل عمل البرلمان خارج دوائر التفاهمات المغلقة. وإذا استمر ربط الجلسات بملفات توافقية مسبقة، فإن البرلمان سيبقى في دائرة الجلسات الرمزية، فيما تبقى القوانين المصيرية حبيسة الأدراج، والشعب في انتظار قرار سياسي لا دستوري.

السفارة الأميركية حول رواتب الحشد: على المؤسسات المالية معرفة عملائها وانتماءاتهم
3-تموز-2025
مساع وزارية لخفض التراكيز الملحية في البصرة
3-تموز-2025
7900 مرشح لانتخابات البرلمان
3-تموز-2025
نصب كاميرات مراقبة سرعة المركبات في بغداد
3-تموز-2025
ذا ناشيونال تتساءل: حياد محسوب أم مؤشّر على تبدّل موازين القوى؟
3-تموز-2025
شلل تشريعي في البرلمان.. الدورة النيابية الخامسة تلفظ أنفاسها الأخيرة
3-تموز-2025
ذا ناشيونال تتساءل: حياد محسوب أم مؤشر على تبدّل موازين القوى؟
3-تموز-2025
الإعلام الحكومي: اعتماد الدفع الالكتروني يستند لرؤية حكومية في تطوير التعاملات المالية
3-تموز-2025
ليبيا تعرب عن استعدادها لتعزيز التعاون مع العراق في قطاعي النفط والطاقة
3-تموز-2025
حين يصبح النفط طوق نجاة ومصدر تهديد هشاشة الموازنة العراقية تحت المجهر
3-تموز-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech