آخر احلام البنفسج
17-أيار-2023
د. صارم داخل احمد
انا طفل كثير الاحلام والحلم عندي فعالية حياتية دائمة الى درجة يختلط فيها الواقع بالحلم ولم اعد اميز ايهما الحلم والاخر واقع. لقد نهضت هذا الصباح والقلق يعصرني بسبب امتحان الرياضيات الماده التي لا احبها كونها موضوع يقنن احلامي وكذلك لقساوة معلم هذه المادة وشدته حيث وجهه البارد الحليق وعيناه الزرقاوان ونضارتيه ذات الاطار الذهبي المتهدلة على صدره بسلسلة سوداء وكأنه احد نجوم السينما الذين لا اعرفهم . فكرت في عذر كي لا اذهب اليوم الى المدرسة هل أبدو مريضا؟ طرحت هذا السؤال على نفسي وانا افحص وجهي في المراة......... سوف اذهب الى المدرسة واقول للمعلم: استاذ ان امي مريضه وتحتاج الى نقل دم والى عمليه في قلبها ودماغها وانا كنت معها في المستشفى وارجوك ان لا تمتحني اليوم. سوف يقول حسنا اذهب الى امك ولم امتحنك وسوف اعطيك درجة كاملة حين ذاك عندما ترى امي درجة الرياضيات عالية سوف تزيد مصروفي اليومي للحظات أنطلقت أسرابا من اسماك بنفسجية محلقة في فضاء المدينة لاحقتها طائرا معها في اجواء سرمدية شفافه وفي الاسفل وعلى الاسفلت اللماع كانت هناك خيول حمراء تدخن السيكار ساحبة عرباتها بكل زهو وقطط سياميه بكامل اناقتها تتبختر ذاهبة للتسوق وديكه تتباهى بريشها الملون وهي تكتب الشعر على الجدران. انه واقع باتساع الحلم.............. انبعث صوت امي مدويا قاطعا لمشروعي الحلمي المذهل. انهض ايها الكسول الصغير لقد حان وقت المدرسه وهي منهمكه في اعداد الفطور تمنيت ان تكون امي بكماء وصماء حتى لا تسمعني ولا اسمعها انتهى الحلم.... وفجاة دخل رجال كثيرون لمنزلنا مرتدين ملابس سوداء بوجوه شاحبه وملامح قاسيه اخذت اصرخ ماما....ماما.....ماما غرباء في منزلنا لقد اقتادوني الى حديقه بيتناوفتشوا كل بوصة في جسدي وان اصرخ طالبا المساعده وامي ترد علي اصمت ايها الصغير لازلت تحلم.... لازلت نائم أنقضت اعداد هائله من الغربان على سمكاتي الملونه. دفع احدهم امي على الارض وارتمى فوقها ومزق ملابسها وهي تقول انهض ايها الصغير لازلت تحلم.. لازلت نائم ايها الكسول . اخذوني بعيدا خارج المنزل والقوا بي داخل عربة غريبة الشكل خاليه من النوافذ وتزحف على بطنها دون عجلات وكانها سلحفاة كبيرة جدا. وانا ارتعد خوفا وقلبي يكاد يقفز من فمي وصوت امي يرن في اذني لا تخف يا صغيري فانت في حلم كبير. انطلقت السلحفاة وان في جوفها تلاشى صوت امي وغاب بيتنا ومعه مدينتنا وحل ظلام دامس.
لقد البسوني ملابس غريبه بالوان داكنه وازرار معدنيه كبيرة واشرطه جلديه سوداء تلتف حول جسمي ثم وضعوا على راسي قبعة معدنيه وكانها صحن طعام كبير وحشروا قدمي في حذاء اسود ثقيل وعلقوا في رقبتي انبوب اسود طويل يبصق نارا اذا ما ضغطت على جنبيه.
وارغموني على ان امشي بخطوط مستقيمه وبخطوات غريبه وان اقوم بحركات مضحكه. سارت السلحفاة مسافة طويله وركب كثيرون معنا بعضهم اصدقائي في المدرسه او من الذين العب معهم في شوارع الحي. لقد نسيت امتحان الرياضيات وفرحت للحظه بغيابي عن المدرسه، تجمعت السلاحف المحملة بالبشر متوحدة ولتشكل بعد ذلك تنينا او وحشا عملاقا يزحف ببطء في الغابات والوديان والجبال وفي كل محطه من محطاته كان يلتهم وجبه بشريه من شبان وأطفال، وان في بطن هذا الكائن الاسطوري تلاشى وجه امي بالتدريج ونسيت ملامح بيتنا... تساقطت اسناني الواحد تلو الاخر، ثم نسيت اسمي وابيض شعري وحفر الخوف اخاديدا على وجهي. فجأة توقف التنين واصدر انينا متقطعا وحشرجه معدنيه قاسيه ثم فتحت باب صغيره امامي لقد فقدت بصري ومعه فقدت القدره على المسير او الركض. انزلوني مع مجموعه من الرجال ربما اربعه او سبعه او سته عشر ربما لم اعد اذكر ثم دخلنا الى حفرة عميقه محاطه بحبال معدنيه ذات اشواك حاده وقاسيه ذكرتني بحبال الغسيل التي كنت اساعد امي في نشر الغسيل عليها وفي المساء امطرت السماء نارا ورعبا وضوءا متقطعا وسقطت اجزاء كثيرة من قبة السماء المعدني على رؤوسنا. وعندما حل الصباح كنت وحيدا لم اعرف ماذا حل بالذين كانوا معي غادرت الحفرة لا اعرف الى اين. رايت معلم الرياضيات غافيا على اسلاك الغسيل المعدنيه وقد غابت ملامح وجهه بعد ان سقطت نظارته ذات الاطار الذهبي والسلسله السوداء انحنيت على نظارة المعلم وعلقتها في رقبتي رجعت الى الحفرة مسرعا وانا خائف من شيء لا اعرفه ربما بسب غيابي من المدرسه. لااعرف. وفحصت جدران الحفرة من خلال نظارة المعلم. رايت رموزا وعلامات غريبه اسماء نساء وقصائد شعر وتواريخ واسماء مدن وارقام هاتف ثم فجاة قرات اسم والدي وعنوان بيتنا عند ذاك عرفت ان امي كانت تكذب علي، وان ابي لم يكن مسافرا مع السندباد وسوف لا يعود على بساط الريح وبيديه المصباح السحري. قد يكون ابي نائما كما معلم الرياضيات في مكان ما على حبل الغسيل الممتد الى اللانهايه. لااعرف. انا الان وحيدا في هذه الحفره انتظر عودة والدي. محاط بصمت ثقيل سوف اكتب اسمي وعنواني على جدران الحفرة لكني لازلت احلم باسماك بنفسجيه تطير في الهواء وخيول حمراء تدخن السيكار وهي تجر عرباتها وقطط سياميه متأنقة تذهب للتسوق ... وديكه تكتب الشعر على الجدران لا زلت احلم بامي وهي تعد فطور الصباح لازلت احلم راكضا الى مدرستي مع اصدقائي الذين ذهبوا فجاة كيف حال مدرستي الان؟ اين ذهب التنين الكبير؟ لازلت احلم بابي لنعود الى بيتنا ربما انا نائم الان او احلم ربما يعود ابي او التنين لا يوجد سواي و الصمت. انا والصمت الوذ به ويبتلعني احتمي به لاتخلص من ثقل الوحدة لقد ادمنت الصمت حتى نسيت الكلام. صوت الريح يخترقني ويترك صداه في رأسي حيث طنين الذكريات الخافت وصور باهتة لايام مضت. صوت جرس المدرسة منبه الساعة في غرفة امي صوت معلم الرياضيات وهو يأمرني بالذهاب الى السبورة. اذهب ياولد واكتب المسالة التالية ماهو حاصل ضرب. صوت امي الندي انهض ياولد ياكسولي الصغير. أصوات اناس لا اعرفهم .. تقدم انهض تحرك ابرك ازحف اضرب. وجوه معدنية بالسنة عريضة وعيون جاحظة تتكلم بطريقة غريبة عن اشياء لا اعرفها هي كل ما يملأ راسي ترى كيف حال المسكينة امي الان؟ وأين تبحث عني؟ هل ذهبت الى المدرسة وسالت حارسها الذي عذبته كثيرا عندما كنت اقفز من على سور المدرسة هاربا لالعب كرة القدم ويضطر للركض خلفي حتى تتقطع أنفاسه ثم يقف ويبدأ بالسعال وهو يتوعدني لو امسك بي في المرة القادمة. كم أتمنى الان ان ارجع الى مدرستي واطلب السماح من حارس المدرسة الذي يغفو الان بعد ان مل من النظر الى ساعته الفضية المزخرفة بالوان زاهية والتي تعطلت منذ هجر قريته في جنوب الفردوس. انا مستعد للذهاب الى المدرسة يوميا وعمل الواجبات الدراسية كلها وأداء امتحان الرياضيات، وسماع كلام امي اجل انا مستعد. لا شيء سوى كثبان الرمل المتحركة التي تتجول حولي بايقاع رتيب وتحيطني بدوائر من الخوف والعجز والملل تدور وادور معها لقد تغيرت ملامح الأرض وكذلك ملامح وجهي تساقطت اسناني بالتتابع ولم يبق منها سوى القليل ومبعثرة في فمي كالمسامير الصدئة.. لماذا انا هنا؟ لم بقيت؟ ماذا افعل بكل هذا الخراب الذي حولي؟ لقد جاء المئات والالوف بعدي ولكنهم اختفوا وتلاشوا. بعضهم ظل معلقا على حبال الغسيل المعدنية حتى نثرتهم الريح وبعضهم نام على الأرض وعانقوها توحدوا معها وصاروا جزءا من ترابها .. لااعرف لماذا انا هنا؟ لم وضعت في هذا المكان؟ ماهو ذنبي؟ انا لم افشل في الدراسة. انا لم ارتكب أي ذنب. لماذا اعاقب على ذنب لم ارتكبه؟ هناك من يراقبني .. تلاشى طنين الذكريات هي من انت ماذا تريد مني انه لايتكلم ولكن عندما اتحرك يتحرك معي اقف يقف هو الاخر يا له من احمق سوف امسكه واجبره على ان ياخذني معه اركض نحوه يهرب مني ولكن عندما ارجع يرجع معي اذا امسكت به سوف اشبعه ضربا ثم اخذ كل ما في جيوبه من حلوى نقود أي شيء انه يذكرني باولئك الذين اقتادوني الى هنا. انا أخاف منه جدا فهو طويل وبلا ملامح لايتكلم ابدا وفي المساء لاادري اين يختفي.
ترى كيف يعيش الناس هناك في الطرف الاخر من الحياة هل يوجد من يتذكرني؟ كل شيء هامد وساكن. اعرف ان حياة البشر هي منحة وهبة من الخالق ولكن هناك دوما من يدمر هذه الهبة ويسرق اجمل لحظاتها بصورة غير إنسانية ,, انا الان بحاجة الى أي شيء صديق انسان حيوان كلب كم أخاف من الكلاب لابل عندما أرى أي كلب أصاب بالذعر ولكن الان أتمنى أرى كلب أي كلب لايهم او حتى قط على الرغم من كرهي العميق للقطط فهي دوما تسرق عصافيري الملونة وتاكلها أتمنى لو أرى قط. لقد فقدت القدرة على الحلم لم اعد احلم حتى انني لم اعد أتذكر متى حلمت اخر مرة , لااعرف ربما بسب عدم النوم او الخوف او القلق لاادري ربما فقدت صوتي لانني لم اكلم احد منذ خمسون صيفا او اكثر لا ادري انا اصرخ دوما حتى اتاكد من اني لازلت املك صوتا , علي ان اذهب من هنا اذهب لهم هناك ربما هم لايقدرون ان ياتوا علي ان اذهب من هنا . انا محاط بالصمت والرمل انا فقط لقد تلاشت المدن واختفى الناس , كم علي ان انتظر حتى يتغير كل شيء.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech