نور النداوي
في إحدى القرى الواقعة جنوب الشمس العراقية ترعرعت فتاة مصابة بمرض ( من أنا ؟). التقت بعدد لا يحصى من الأطباء. الحديث المكرر في كل لقاء: جاوبيني من شنو تعانين؟
آنه منو؟ ما أعرفني!
وينتهي الحديث بشوفولهه غيري...
استمرت على هذا الحال حتى ثار الشعب العراقي في تشرين... (ابني صير ويه الحق حتى لو چان بي وجع لگلبك) (يولد باجر انه بالساحة لا تعوفوني وحدي).
هتافات تغلغلت في مسامعها مثل سرعة اكل النار لحقول القمح. اكملت طريقها متعثرة بأفكارها، وإذا بقطرة مطر استقرت على جبهتها. تساءلت في وقتها: (هاي ليش وحدهه؟) وإذ بقطرات أخرى تتزاحم في طريقها الينا وكأن الموقف بوصفها: (عبالك لحگن اختهن يگللها منعوفج احنه نوگع وياج!). قطرات لم تترك بعضها هدفها قضية واحدة رغم النهاية المبهمة: أما نحن كشعب نملك قضية انتماءاتنا والجزئيات هي التي تؤدي بنا إلى الضياع. (هذه تابع لشيخ فلان وهذه تابع لابو فلان وضالين سارحين بالتايهات) ...
وهي تقص هذا الموقف لأبيها أعطى ردة فعله بعبارة (امشي ويه الحايط بنيتي اليحجي بالسياسة بهل بلد ينوكل). ردت بتمرد (قصدك اليگول الحق ينوكل)
وفي كل مرة يمنعها من النطق خوفاً عليها. فتجيبه (تراها خلصانه خل نعيش بشجاعة).
في إحدى المرات وعلى ارصفة الطرق كان هناك مراهق في فجر الشتاء البارد، نائماً كجثة دون إحساس. نظرته مستسلمة أشبه بنظرات متهم بريء في السجون العراقية وهم يخيروه بين اغتصابه او أن يعترف بجريمة لم يفعلها. في وقت أصبحت دول العالم تعاقب السجين بالكتب كلما قرأ كتاباً قل حكمه ... بلحظة غضب ثارت فواجهت فصرخت واعدلوا بين الناس بالحق (ما ماتت بس تحاسبت). شعرها حرقوه
خيطوا جلدها بإبرة سميكة. قطرات دم تتناثر على ثيابها. تيزاب يتبختر على ساقها. لا تنطق. يسيل من فمها بقايا لسانها. قطعوه بمنشار أعمى.
في نهاية المطاف غرست راية الله أكبر.
كتبت: انه... انه الما منتمي لأحد
بس حب هل علم وسوالفه ماينعد
انه ذمة برگبت الحاكم
الميت ضميره بجملة موذنبي هذا فاسد الفرهد.