بغداد - العالم 
عام 1946 نُشر  مقال في مجلة الثقافة الحديثة، يتحدث عن مآسي المسرح العراقي، مادة المقال تتحدث عن انحدار المسرح العراقي انحدارًا مشابهًا لما يحدث الآن في مسارحنا، حيث الألفاظ البذيئة – مع فارق مستوى البذاءة في الزمن – وانتشار الراقصات و "هز البطون" والتهريج الرخيص..  
مع المقال أترككم للقراءة والمقارنة، وربما للتأكد أن المشاكل في العراق لم تتغيّر.
لم أكن عندما كتبت مقالي السابق في هذه المجلة أقصد فضح أسرار (بعض) الفرق أو الجمعيات الفنية في العراق، وإنما الوضع السيء الذي وصلت إليه هذه الفرق هو الذي حدا بي إلى الكتابة، وهو الذي يحفزني الآن إلى مواصلة كتابتي وسأواصلها فأنتقد واهاجم الفرق الهزيلة والمشعوذين الذين فرضوا أنفسهم على الفن حتى يعرفهم الجمهور فلا يغتر بهم، ولا هم يتمكنون من تصلية أساليبهم (المفضوحة) عليه. 
إن الاستهتار الذي يبديه (بعض) رؤساء هذه الفرق والجمعيات في أداء رسالتهم الفنية المطلوبة منهم تجاه الجمهور، ووضعهم المنفعة الشخصية فوق كل شيء دون الالتفات إلى الرسالة الفنية التي تقع على عواتقهم – وقد علم الجميع أنهم ألقوا بها إلى الحضيض إلا بضعة أنفار لا يزيدون على عدد الأصابع ما زالوا متمسكين بها – فقد التهى أكثر الفنانين عندنا بالحفلات الشرقية منها والغربية واستهوتهم الكؤوس الرائقة فتركوا الحبل على الغارب وكما وجدا أن دراهمهم على وشك النفاد قدموا للجمهور (المسكين) حفلة راقصة تحت عناوين جذابة لا شيء فيها سوء هز البطون والرقص الخليع الذي يأباه الذوق السليم، وأن حدث وقدموا خلال هذه الحفلات الراقصة رواية تمثيلية فهي عبارة عن مهمة ميكانيكية تقوم بها الفرقة أو الجمعية، حتى يكون لديهم ممسك قانوني في أنهم قدموا مسؤحية وقد علم الله أنهم ما قدموا إلا تهريجاً رخيصاً مما يقدمه السوقة و (المشخصون) المعروفون، وهم لا يقدمون الرواية بكاملها بل يقدمون فصلًا منها أو فصلين وسواء عندهم الفصل الأول أو الأخير لأنهم كما قلنا آنفا لا غاية لهم سوى التخلص من المسؤوليات، فهم والحالة هذه يعيشون فرضاً على المجتمع فلا تلقاهم إلا في الملاهي المبتذلة تحيط بهم الراقصات، وكما سمعنا من الفضائح التي يتندى لها الجبين خجلاً وقعت لأصحاب فرق وجمعيات لها مكانتها المرموقة في الوسط الفني العراقي، بل وكم سمعنا أن من بين الذين يعتد بهم المسرح العراقي لحمل لوائه! يعتاش من فتات راقصة تلقيه إليه وهو يتمرغ في موطئ قدمها الذي تتركه على الأرض ليتبرك به. 
وقد أدت الحوادث المتتالية التي مرت وستمر والتي تعلن فشل بعض الفرق والجمعيات الهزيل إلى اضراب الجمهور عن تشجيع المسرح العراق وهو محق بذلك لما نراه من أساليب وألاعيب غايتها الأولى والأخيرة استلاب المال فقط، فاخترق الأخضر مع اليابس كما قيل، ونتج عن ذلك ضياع جهود أشخاص أحرقوا أنفسهم لينيروا للجمهور الطريق إزاء الحيل المبتكرة التي لا قدرة لهم على التصدي لها، وظل البعض الآخر يكافح ويناضل ولكن أنى له المكافحة والنضال إزاء هذا السيل الجارف من الشعوذة والمكر والخديعة. 
فبقي المسرح يندب من أسسه (إن لم يلعنه) ودفن التمثيل المسرحي في تابوت سمرت أطرافه بالفولاذ وكلما أراد التزحزح من مكانه كانت المطارق له بالمرصاد تعيد المسامير المتململة فيعود إلى سجنه كما كان. 
فمتى تتكاتف البقية الباقية من المكافحين الذي خدموا ويخدمون الجمهور بواسطة الفن للحد من شعوذة هذه (العصابات) فقد آن أوان الاتحاد، وإلا فسيبقى المسرح العراق في انحداره ما دامت هذه الحالة سائدة في الوسط الفني.