اقتصاديون: بكين استبعدت بغداد عن مبادرة «الحزام والطريق».. وبديلها الرياض
17-كانون الأول-2022
بغداد ـ العالم
يرجح خبراء في الشأن الاقتصاد، أن تكون الصين قد صرفت نظرا عن اتفاقاتها مع الحكومة العراقية، ملاحظين أن بكين لم تبالِ لمسؤولي بغداد في أثناء انعقاد القمة العربية الصينية في الرياض.
وتتضمن الاتفاقية الصينية – العراقية الموقّعة بين حكومتي البلدين عام 2019 «ربط العراق ورهن اقتصاده ضمن مشروعها العملاق الذي يعرف بمبادرة (الحزام والطريق)، الذي يقوم على أنقاض طريق الحرير لبناء أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية»، كما يصفها مراقبون، وان هذه الاتفاقية مع الصين جاءت بعد أن فقد العراق أمله بشأن تنمية الولايات المتحدة لاقتصاد العراق، لذلك جاء التوجه إلى الصين كي تأخذ على عاتقها مسألة النمو الاقتصادي العراقي والقيام باستثمارات ضخمة داخل البلد. وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أكد من خلال كلمته بالقمة العربية الصينية في الرياض، دعم كل الجهود لتعزيز العلاقات مع الصين، موضحاً أن بلاده تريد علاقات منفتحة مع الشرق والغرب على أساس المصالح المشتركة.
وأعرب عن تطلعه إلى تعزيز العلاقة مع الصين وفق مبادرة الحزام والطريق، داعيا بكين إلى الانفتاح التجاري على العراق.
يشار إلى أن العاصمة السعودية الرياض استضافت 3 قمم عقب وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى السعودية، في زيارة رسمية استمرت 3 أيام، والقمم الثلاثة هي قمة سعودية - صينية برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الصيني، ومشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقمة خليجية - صينية بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وقمة عربية - صينية بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، وناقشت القمم الثلاث تعزيز العلاقات في كافة المجالات.
ويشير الخبراء الى ان العراق أصبح خارج أولويات الصين، وأن السعودية احتلت تلك المكانة، في إشارة إلى أن الأخيرة سوف تتخلى عن حليفتها القديمة الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب «فتور» العلاقات بين الطرفين في الفترة الأخيرة.
دبلوماسية ناعمة: يقول الخبير الاقتصادي نبيل جبار العلي في حديث صحافي، إن «أمريكا تنظر للصين على أنها تمارس دبلوماسية ناعمة ترغم الدول على تحمل الديون»، مشيراً إلى أن «الصين استثمرت توتر العلاقات السعودية- الأمريكية، ومن جانب آخر فإن المملكة العربية السعودية تبحث عن شريك جديد».
وتابع العلي، أن «التعاون الاقتصادي بين الصين وباقي الدول قد يفتح آفاقا للنفوذ الصيني في العالم».
ويعتقد العلي، أن «العراق أو أي دولة عربية في الرياض لم تشهد توقيع أي اتفاقات مع الصين، فالعراق خارج خطة الصين في مشروع الحزام والطريق ولن يمر أي خط من خلاله»، مستدركاً «إلا أن السعودية باشرت بالخطوات الفعلية لإنجاز مشروع الحزام والطريق».
إسقاط فرض! من جانب آخر ترى الباحثة في الشأن الاقتصادي مها البياتي، أن «مشاركة العراق في القمة العربية الصينية التي عقدت في السعودية كانت عبارة عن مشاركة (بروتوكولية) ولذلك لم تسفر عنها أي اتفاقات اقتصادية بين البلدين».
وتقول البياتي، إن «العراق يفتقد الخبرة في التفاوض للحصول على فوائد من الاتفاقات الدولية، وبالتالي خلق توازنات اقتصادية تنفع البلد، من جانب آخر فإن العراق لن يستطيع أو يتمكن من عقد اتفاقات اقتصادية حقيقية مع الصين، لأن الولايات المتحدة سترفض منافسا اقتصاديا لها في منطقة نفوذها بالشرق الأوسط».
وتضيف الباحثة في الشأن الاقتصادي، أن «الصين تعتبر أكبر مستهلك للطاقة في العالم وستجد نفسها بحلول عام 2030 مضطرة لاستيراد نحو عشرة ملايين برميل يوميا من النفط، أي أكثر من 8 في المئة من إجمالي الطلب العالمي، لذلك تبحث عن موارد اقتصادية إضافية لسد حاجتها من النفط».
آمال منتظرة: من جانب اخر، أكد المحلل الاقتصادي والاستراتيجي في معهد ‹شيللر› العالمي حسين العسكري، أن الاتفاقية العراقية الصينية تشكل مفتاحا للخروج من جملة أزمات خانقة يعاني منها العراق»، مشيرا إلى أن «الاتفاقية ستوفر منصة لتحريك عجلة الاقتصاد العراقي، بالنظر لأن العراق يعاني من عجز كارثي في مجال البنية التحتية، كما أن هناك نسبة هائلة من البطالة خاصة بين الشباب تجعلهم قنبلة اجتماعية موقوتة، فضلاً عن وجود عجز دائم في الميزانية جراء تحول العراق بشكل كامل إلى اقتصاد ريعي يعتمد بشكل تام وخطير في سد جميع حاجاته المعيشية من تصدير النفط». وأضاف «كما أن الاتفاقية سوف تبني للعراق وشعبه المنصة الاقتصادية التي سوف يقف عليها الاقتصاد العراقي ليحرك عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي ويرسم طريقه نحو المستقبل».