الدولار «يسخن» الشارع ويحرج الإطار ما علاقة الفيدرالي الأمريكي بحرق السوق العراقية؟
26-كانون الأول-2022
بغداد ـ ياسر الربيعي
سجل سعر الدولار، يوم أمس، في بورصة سوق بغداد المالية، أعلى ارتفاع في قيمته أمام الدولار منذ 3 سنوات، حيث تجاوزت حاجز 158 ألف دينار، مقابل كل 100 دولار، بعد أن كانت تتراوح قيمته بين 1450 و1455 ديناراً، ما أثار قلقا شعبيا من الصعود المتواصل في العملة الأمريكية أمام العملة المحلية، بينما يحمل نواب إدارة البيت الابيض المسؤولية عن ذلك، ودعوا لعقد جلسة برلمانية طارئة، قد تزيح محافظ البنك المركزي عن منصبه.
متى يصارح رئيس الوزراء الشعب بحقيقة وكواليس هذا الارتفاع، وهل هناك دور امريكي فيه؟ بخاصة أن مراقبين يعتقدون أنها "حرب اقتصادية" دشنها البنك الفيدرالي الأمريكي ضد حكومة السوداني، لأنها أضرت كثيرا بمعيشة العراقيين، وبدأت تنفذ خطة "تسخين" الشارع.
ووقع 65 نائباً عراقياً اليوم طلبا الى رئاسة البرلمان لعقد جلسة طارئة لمناقشة أسباب ارتفاع قيمة الدولار أمام العملة الوطنية واتخاذ الإجراءات المطلوبة لوقف تدهور هذه العملة أمام الدولار.
وكان العراق قد خفض في كانون الأول/ ديسمبر 2015 قد رفع سعر بيع الدولار إلى 1182 ديناراً مقابل 1166 ديناراً في السابق. لكن البنك المركزي العراقي قرر لاحقاً أن يكون سعر شراء الدولار الواحد من وزارة المالية سيكون بـ1450 ديناراً بينما سعر بيع الدولار للمصارف عبر نافذة بيع العملة الأجنبية بـ1460 ديناراً.
ويعزو اقتصاديون ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار الى اعتماد البلاد على الاستيراد الذي يتجاوز سنوياً 65 مليار دولار سنوياً مقابل تهرب مزمن من الجمارك والرسوم لضعف هيكلي في السيطرة على المنافذ الحدودية والفساد المستشري في مؤسسات الدولة.
واتهم النائب عن محافظة البصرة مصطفى سند، الولايات المتحدة بقيادة ابتزاز دولي ضد العراق من خلال التسبب برفع سعر صرف الدولار مهاجماً ما أسماه صمت الكتل السياسية على ذلك.
وقال سند في تدوينة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، تابعتها "العالم"، إن "ارتفاع الدولار عام 2021 جاء بسبب الحكومة الصديقة لأميركا لغرض منع انتقال الدولار من العراق الى دول الجوار (تركيا وايران ولبنان وسوريا) لغرض معاقبتها" على حسب قوله.
واستدرك سند بالقول "أما ارتفاع الدولار هذه الأيام فهو يختلف تماماً فهو جاء بسبب أميركا نفسها وبدون وسيط والغرض هو منع الدولار من الدخول الى العراق بالأساس لغرض معاقبته معاقبة خفيفة وتنتظره على طاولة الحوار مطلع عام 2023 لغرض التفاهم حول ملفات ساخنة مثل الملف الإيراني وملف الطاقة ومستقبل القوات الأميركية في العراق والاتفاقيات الأمنية في إشارة الى اتفاقية التعاون الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008 ودعوات قوى مؤيدة لإيران لتعديلها وسحب القوات الأميركية من البلاد. وأشار إلى أن "تراكم الاحتياطي العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي والمودع لدى الفيدرالي الأميركي والذي سيتجاوز 100 مليار دولار وبتصاعد مستمر ويصعب على العراق التصرف بهذا الرقم الكبير فقد سمحت أميركا بخمس شحنات شهريا من الدخول للبلد".
ورأى النائب انه "من الجبن عدم انتقاد الحكومة والبرلمان الحاليين لتفرجهما على ارتفاع الدولار وأثره على الناس خصوصاً ان رئيس الوزراء الحالي والنواب الحاليين ومن ضمنهم (أنا) قد تصدينا لملف الدولار في وقت سابق وانتقدنا بشدة الارتفاع الحاصل في وقتها واليوم تكاد تخرس ألسنتنا".
وأضاف سند أنه "من الجبن والدونية عدم انتقاد الدور السلبي للأمريكان وتشخيص الدور الاستعماري والابتزاز الدولي ومنع تحويل أموالنا وسط صمت غريب من القيادة السياسية".
وقال مصدر نيابي، أن الحكومة تبحث حالياً الإطاحة بمحافظ البنك المركزي وجعله كبش فداء لفشلها في الحفاظ على العملة المحلية من الانهيار.
وقال المصدر أن الحكومة التي يترأسها مرشح قوى الاطار التنسيقي اوعزت الى نوابها في البرلمان الذين يشكلون الأغلبية بتحريك طلب لإقالة محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه وتحميله فشل إدارة سعر الصرف والسيطرة على الارتفاع المتواصل للدولار مقابل الدينار العراقي وذلك للحد من تصاعد الغضب الشعبي ضد سياسات الحكومة المالية. من جانبه أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل الدكتور نبيل المرسومي امس، إن البنك المركزي عاجز حتى اللحظة، عن استخدام الاحتياطات النقدية لدعم الدولار على الرغم من الارتفاع الجنوني للأسعار في البلاد.
وأضاف المرسومي في تدوينة على شبكة التواصل الاجتماعي، أن البنك المركزي العراقي يمتلك احتياطياً نقدياً أجنبياً هو الأعلى في تاريخ الدولة العراقية بأكثر من 90 مليار دولار في اشارة الى ماخلفته حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لحكومة السوداني الجديدة.
واشتدرك بالقول "لكنه مع ذلك فأن سعر الدولار مقابل الدينار هو الاعلى منذ عام 2004 وهو ما يعني عجز البنك المركزي العراقي في استخدام احتياطاته النقدية في الدفاع عن سعر صرف الدينار وتضييق الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي التي تبلغ حالياً اكثر من 6 في المئة".
وحذر من ان تراجع مبيعات نافذة العملة الأجنبية سيؤدي الى ارتفاع احتياطات البنك المركزي العراقي بوتائر متصاعدة متزامنة مع زيادة معاناة وشقاء الفقراء الذين يشكلون ربع عدد سكان العراق!".
وإزاء ذلك فقد تصدر ترند تويتر العراق هاشتاك #الدولار_يفتك_بالفقير بعد ان قفز الدولار في تعاملات اليوم الى 156 ألف لكل 100دولار.
وطالب مغردون حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتنفيذ وعدها الذي قطعتةُ في برنامجها لمعالجة رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي.
ومؤخراً حدد المركزي العراقي بضعة إجراءات للدفع باستقرار أسعار الصرف منها "توسيع عرض النقد الأجنبي لتلبية طلب الجمهور على الدولار النقدي كما تم توجيه إدارة نافذة بيع العملة الاجنبية الى تلبية طلبات المصارف للأيام المقبلة بشكل أسرع من خلال تنفيذ طلبات مضاعفة كما تم منح سعر تفضيلي لتنفيذ الاعتمادات المستندية ولغرض تغطية الطلب المحلي .
يشار الى أن انعكاسات زيادة أسعار الصرف على الاقتصاد العراقي لها أربعة تأثيرات هي: أولاً زيادة التكاليف على المواطن العراقي وارتفاع التضخم.. وثانياً إرباك السوق العراقية المحلية.. وثالثاً خوف المستثمر وأصحاب العمل في القطاع الخاص من وضع خططهم الاستثمارية للفترة المقبلة خاصة وأنهم يعتمدون على استيراد البضائع والتي تدفع قيمتها بالعملة الأجنبية.. ورابعاً أن استمرار الارتفاع قد يقود الاقتصاد العراقي إلى ركود بسبب حالة عدم اليقين وسط عدم وجود أجوبة مقنعة لدى الجهات الرسمية.
وكان السوداني قد أكد مطلع تشرين الثاني نوفمبر الماضي أن "تغيير سعر الصرف الدينار العراقي أمام الدولار من صلاحيات البنك المركزي ونحن ملتزمون بتنفيذ ما يراه المركزي" الأمر الذي اعتبره البعض تراجعا عن وعود ومواقف سابقة بتخفيض سعر الصرف.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا العراق في بيان في السابع من الشهر الحالي إلى تعزيز الاستقرار المالي وتسريع عملية إعادة هيكلة المصارف الحكومية الكبرى باعتباره أولوية بالغة الأهمية.