الديون تبتلع الإعمار.. عندما تحولت الدولة لشركة إعلانات مفلسة!
26-تشرين الأول-2025

سلام عادل
الحقيقة، التي تحاول المجسرات إخفاءها أقسى من ذلك، فالعراق مديون اليوم بما يقترب من ربع تريليون دولار، وهو رقم فلكي في بلد يفترض أنه من أغنى الدول بالنفط
في تاريخ العراق الحديث، لم يُتح لأي رئيس وزراء ما أتيح لمحمد شياع السوداني من دعم سياسي ومالي، ولا ما مُنح له من صمت مؤسساتي وغطاء برلماني امتد لثلاث سنوات، ومع ذلك، يخرج علينا اليوم ليقدّم نفسه “رجل الإعمار والتنمية”، وكأن الخراب الاقتصادي، الذي خلّفه، يعتبر إنجازاً هندسياً يستحق الإشادة. ولعل غياب الإدارة الناضجة والذكية هو الذي تسبب بتراكم كل هذه الديون، والتي لم تُستثمر في مصانع أو زراعة أو طاقة مستدامة، بل ذهبت في مشاريع تجميلية، مثل المجسرات، والطرق والأنفاق، ومدن جديدة بقيت “وهمية” على الورق، وجميعها لم تحل مشكلة واحدة من جوهر الاختناق العراقي المزمن، المتمثل بالفساد وسوء التخطيط.
وكل ما فعله السوداني خلال ثلاث سنوات يمكن اختصاره في جملة واحدة، (تحويل الدولة إلى استوديو إعلامي)، كاميرات ترافقه في كل خطوة، جولات مرتجلة، ووعود مضاعفة بإنجازات لا أثر لها في حياة المواطن، وحتى المشاريع الخدمية، التي يتباهى بها لم تُنفذ من الإيرادات الحقيقية، بل من قروض جديدة حملت على كتف الخزينة العامة، أي من جيوب الأجيال القادمة. ولهذا تبدو التنمية المرفوعة على لافتات الدعاية الانتخابية مثل مكياج تلفزيوني، جميلة في الصورة، باهتة في الواقع، وسط السؤال، الذي يفرض نفسه: أي إعمار هذا، الذي لا يُرى إلا في نشرات الأخبار؟ وحين أقرّت حكومة السوداني موازنة لثلاث سنوات، روّج لها على أنها خطوة “إصلاحية” تعطي المحافظات استقراراً مالياً، ولكن النتيجة كانت العكس، لكون جميع المحافظات تشكو من شحّ المخصصات، وتأخّر الصرف، والتوزيع غير العادل للموارد، فيما تذهب الأموال إلى مشاريع مركزية ذات طابع دعائي، تخدم الانتخابات أكثر مما تخدم الناس، وهذه المحافظات، التي كانت تنتظر نصيبها من التنمية وجدت نفسها تتسول حصتها من الموازنة الثلاثية، بينما يواصل المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء بثّ مقاطع “المنجزات” اليومية، وكأن العراق صار سنغافورة بين ليلة وضحاها. والمفارقة الأكثر سخرية أن السوداني يقدّم نفسه “مهندساً”، بينما هو خريج كلية الزراعة، وحتى في هذا الميدان لم يترك أثراً في آخر سنة من ولايته سوى الخطة الزراعية (الصفر)!، وبعد ثلاث سنوات من الوعود بالنهضة الزراعية كانت النتيجة لا اكتفاء، لا مشروع ريّ، لا خطة للمياه، ولا دعم للفلاح، وحدها التصريحات نمت، أما الأرض فبقيت قاحلة كما كانت. ومن هنا السوداني اليوم يحاول بناء حملته الانتخابية على فكرة أنه “أنجز”، بينما الأرقام تقول إنه أنفق أكثر مما أنجز، واستدان أكثر مما بنى، لقد حوّل مفهوم “الإعمار” إلى عرض ضوئي عبارة عن مصابيح جديدة فوق طرق قديمة، وشعارات جديدة فوق سياسات عتيقة، فهو لم يقدّم مشروع دولة، بل عرضاً انتخابياً مدفوع الثمن من الخزينة العامة. وفي النهاية، لا يُقاس الإعمار بعدد الجسور ولا بطول المؤتمرات، بل بعمق الأثر في حياة الناس، والسوداني، رغم كل الصور والكاميرات والدعاية، لم يبنِ سوى جسر واحد فعلاً، وهو جسر بين الوهم والحقيقة، يعبر عليه كل من أراد تصديق أن التجميل هو تنمية، وأن الدين العام هو إنجاز، أما الحقيقة فتظل كما هي: من يقود الدولة بعقلية العلاقات العامة، سيحوّلها حتماً إلى شركة إعلانات مفلسة.

لجنة مشتركة لتنظيم ضوابط الدعاية الانتخابية في بغداد
27-تشرين الأول-2025
مرصد يحدد أسباب تلوث الأجواء في بغداد
27-تشرين الأول-2025
العمال الكردستاني يعلن سحب جميع مقاتليه من تركيا إلى شمال العراق
27-تشرين الأول-2025
التعليم تعلن قبول قرابة 185 ألف طالب في الجامعات العراقية
27-تشرين الأول-2025
مؤشر القوة الناعمة لعام 2025: العراق في المرتبة الـ 97 عالميًا
27-تشرين الأول-2025
زيارة سورية لبغداد لإحياء خط أنابيب النفط كركوك - بانياس ما هي أهميته؟
27-تشرين الأول-2025
سباق مبكر بين «تقدم» و«عزم» وتحالفات جديدة تعيد رسم الخريطة الانتخابية
27-تشرين الأول-2025
بيانات ميتا: إنفاق 1.4 مليون دولار على الحملات الانتخابية خلال شهر
27-تشرين الأول-2025
مطار الموصل من «دولي» الى «رحلات داخلية فقط»
27-تشرين الأول-2025
اليونسكو: دورة تدريبية لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للصحفيات في بغداد
27-تشرين الأول-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech