السوداني في القمة العربية: العراق العائد والقائد
21-أيار-2023
مازن الزيدي *

رفعت القمة العربية في جدة شعار "المصالحة" و "لمّ الشمل"، بعد اكثر من عقد دموي عاشته الشعوب العربية منذ انطلاق ما يسمى بـ "الربيع العربي" الذي تحوّل الى "خريف تكفيري" بامتياز؛ لم تسلم اغلب الدول العربية من ارتداداته المدمّرة.
لقد شهدت قمة جدة عودة دول الثقل العربي ممثلة بالعراق وسوريا الى لعب دورهما واخذ مكانتهما المستحقة في العمل العربي المشترك وتوجيه بوصلة الأولويات العربية انطلاقاً من مكانتهما الحضارية والجيوسياسية؛ بعيدا المشاريع المفروضة من اطراف خارجية. عراقيا، عكست مشاركة دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني صورة العراق العائد لقيادة العمل العربي المشترك والتي عبّر عنها في كلمته امام الزعماء والقادة العرب بكل ثقة وفصاحة ووضوح. فخلافاً للدورات السابقة للقمم العربية، التي كانت محفلاً للطعن بالعملية السياسية والتدخل بالشأن الداخلي العراقي، كانت القمة العربية الأخيرة مختلفة تماماً؛ اذ شهدت ترحيبا بدور العراق في التقريب بين دول المنطقة، ودعماً لتحوله الى محور عربي للتكامل الاقتصادي. بدورها تضمنت كلمة رئيس الوزراء استعراضاً لدور العراق في التسويات الإقليمية والعربية على حدّ سواء، كما تضمنت مبادرات ومقترحات لتجديد دماء جامعة الدول العربية بما يلائم التحديات المصيرية لشعوب ودول المنطقة. ابتدأ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بترحيب بـ"مقصود" لعودة سوريا الشقيقة الى "مكانتها الطبيعية"، مشيرا الى دعم حكومته لهذه العودة، لان ذلك يعني "بداية طريق إعادة الاستقرار الى المنطقة.
كما أشار السوداني الى الدور الذي لعبته حكومته في دفع حوار الكواليس بين السعودية وايران وتسريعه الى مستويات تمثيل أعلى ممّا كانت عليه؛ الأمر الذي عجّل ببلورة اتفاق تاريخي بين البلدين تكلّل بتوقيع رعته الصين في منتصف ابريل نيسان الماضي.
وكاد رئيس الوزراء ان يكون متفرداً، من بين الزعماء العرب المشاركين في قمة جدة، بالترحيب بهذا الاتفاق الذي شدّد على أنه يمثل "خدمة للاستقرار والازدهار في المنطقة".
أما القضية الفلسطينية فكانت في صدارة الموقف العراقي الذي عبّر عنه رئيس الوزراء خلال كلمته التي شدّد فيها على "موقف العراق الثابت والمبدئي إزاء الحق الفلسطيني في الأرض والسيادة وبإقامة دولة عاصمتها القدس الشريف".
ولم تغب الأوضاع في السودان وليبيا واليمن عن كلمة رئيس الوزراء الذي شدّد على ضرورة انهاء الاقتتال واحلال السلام في هذه البلدان العربية. كما تضمنت الكلمة تجديد وقوف العراق الى جانب لبنان لـ"تجاوز الظروف السياسية والاقتصادية".
أيضا لم تقتصر كلمة العراق التي ألقاها رئيس الوزراء على استعراض الازمات والتحديات التي تواجه الدول العربية وتدبيج الدعوات لحلّها او معالجتها، اذ تجاوزت الكلمة هذه "الكلايش" الى طرح مبادرة عراقية تتضمن دعوة الجامعة العربية لـ"تطوير منهاجها نحو بناء تكتل اقتصادي" من اجل تنمية الاقتصاديات العربية واستثمار مواردها على نحو امثل. وفي السياق ذاته حاول رئيس الوزراء تذكير القادة العرب بضرورة طيّ صفحة الصراعات والأزمات، التي استهلكت مواردنا وثرواتنا طيلة العقود الأربعة الماضية بسبب مشاريع قادتها تدخلات خارجية وحوّلت المنطقة الى بؤرة توتر وازمات وحروب مزمنة، داعيا الى ضرورة التحوّل الى البناء على الحاجات الفعلية للمجتمعات العربية من خلال التركيز على التنمية والاقتصاد والشراكة العربية – العربية.
هذه المبادرة الفريدة من نوعها بالدعوة الى انشاء تكتل عربي اقتصادي لم تشهدها ايّ من القمم السابقة؛ والتي لطالما كانت تتحول الى حفلة لإذكاء الصراعات العربية – العربية، ثم لتنفضّ كعادتها بانسحابات وتراشق الشتائم والصحون بين المشاركين.
اليوم يقف العراق العائد قائداً لرؤية عربية متقدّمة من خلال المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء السوداني، الذي دعا القادة العرب لتكون بغداد منطلقاً لهذا التكتل الاقتصادي العربي عبر مؤتمر #طريق_التنمية، الذي سيقام في الـ27 من آيار الجاري في بغداد، لربط الخليج بأوربا عبر ميناء الفاو – تركيا. لقد انعكس ثقل وثقة المشاركة العراقية في قمة جدة على البيان الختامي، الذي اختفت من بنوده الكلمات والمواقف التي لطالما اثارت حفيظة العراقيين وتم استبدالها، في البند 11 من البيان، بدعم القادة العرب "لسيادة العراق وأمنه واستقراره، ونمائه ورفاهه، ولجميع جهوده في مكافحة الإرهاب".
كما رحب القادة "بالدور الإيجابي الذي يقوم به العراق لتسهيل التواصل وبناء الثقة بين دول المنطقة". ختام المشاركة العراقية كان موقفاً اختصر ثقة العراق بمكانته ودوره التاريخي في المنطقة، عندما رفض رئيس الوزراء التقيّد بما تفرضه البروتكولات ووقف في المكان الذي يستحقه العراق، في رسالة عن الدور الريادي الذي يجب ان يفهمه ويتفّهمه العرب.
* كاتب وإعلامي عراقي
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech