محمد عبد الجبار الشبوط

شرعية النظام وشرعية الحكام:
شرعية النظام السياسي وشرعية الحكومة مفاهيم مترابطة ويمكن أن تختلف في طبيعتها وتطبيقها. إليك الفرق بينهما:
1. شرعية النظام السياسي: تشير إلى مدى قانونية وشرعية النظام السياسي نفسه. يتضمن هذا النظام القانون الأساسي والمؤسسات والإجراءات التي تنظم العملية السياسية. وتعتبر هذه المفاهيم أساسية للحكومة وأية سلطات حاكمة أخرى لكونها مشروعة ومعترف بها. يستمد النظام شرعيته في الدول الديمقراطية الحديثة من الدستور الذي يحظى بقبول اغلبية الناس به عن طريق الاستفتاء العام (مع استثناء حالة بريطانيا التي لا تملك دستورا مكتوبا)
2. شرعية الحكومة: تشير إلى الشرعية التي يتمتع بها الحاكمون في ممارسة السلطة واتخاذ القرارات وإنفاذها. يشمل هذا المفهوم الاعتراف المشروع للحكومة من قبل المواطنين والمجتمع المحلي والمجتمع الدولي. يتمتع الحكام بالشرعية في العمل كممثلين للنظام السياسي وتنفيذ سلطة الدولة.
تتداخل هاتان النقطتان بشكل كبير، حيث أن شرعية الحكومة يمكن أن تستند إلى شرعية النظام السياسي. على سبيل المثال، إذا كان هناك عملية انتخابية ديمقراطية تم تنظيمها بشكل صحيح وفقًا لدستور النظام السياسي، فإن الحكومة المنتخبة بشكل شرعي ستحظى بالشرعية.
ومع ذلك، يمكن أن يحدث تعارض بين شرعية النظام السياسي وشرعية الحكومة في بعض الأحيان. قد يحدث هذا في حالات عدم الاستقرار السياسي أو الصراعات أو الاحتجاجات المعارضة للحكومة. في مثل هذه الحالات، قد يستند المعارضون إلى شرعية النظام السياسي لإنكار شرعية الحكومة أو أجزاء منها.
الشرعية السياسية ضرورية لاستقرار النظام السياسي والحكومة واعتراف المجتمع بشكل عام بها وقبولها.
شرعية التمثيل وشرعية الانجاز:
في النظام السياسي، شرعية التمثيل وشرعية الانجاز نمطان مختلفان لتحقيق الشرعية السياسية. هنا هو الفرق بينهما:
1. الشرعية التمثيلية: تشير إلى شرعية الحكومة أو النظام السياسي بناءً على قاعدة أن الحكام يتمتعون بالشرعية بوكالة الشعب. يحق للحكومة أو النظام السياسي الحكم واتخاذ القرارات نيابة عن الشعب وفقًا للدستور والقوانين. وعادة ما يمارس الحكام صلاحياتهم بالشرعية التمثيلية عن طريق الانتخابات أو البرلمان أو آليات أخرى تم تنصيبها بشكل قانوني. يحرص الحكام على توسيع نطاق الشرعية التمثيلية عن طريق حث الناخبين على المشاركة الواسعة في الانتخابات. قلة عدد الناخبين (الاغلبية البسيطة) تضعف موقف الحكام، لكن لا تخل بشرعيتهم.
2. الشرعية الانجازية: تتعلق بشرعية الحكومة أو النظام السياسي بناءً على قاعدة تحقيقها لنتائج وإنجازات محددة وفعالة. يعتبر تحقيق النجاحات والتقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الأهداف المشتركة مؤشرًا على الشرعية الانجازية. في هذا السياق، يمكن أن يتم تقييم الحكومة أو النظام السياسي بمدى قدرتها على تحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية وتلبية احتياجات المجتمع. ضعف شرعية الانجاز قد يحول موقف الناس الى معارضة الحكام، وربما الى حصول تحركات اجتماعية مضادة للحكومة.
الفرق بين الشرعية التمثيلية والشرعية الانجازية يكمن في مصدر الشرعية. في الشرعية التمثيلية، يتم تمييز الشرعية من قبل الشعب وإيفاء النظام السياسي بمتطلبات الديمقراطية. أما في الشرعية الانجازية، فإن الشرعية تعتمد على إنجازات الحكومة والنظام السياسي في تحقيق التقدم والتحسين في الحياة العامة.
قد يتعارض المصطلحان في بعض الأحيان، حيث يمكن أن يكون لديك نظام سياسي يعتمد بشكل كبير على الشرعية التمثيلية دون تحقيق نتائج فعالة، وبالعكس يمكن أن يكون هناك نظام سياسي بنظرة شرعية إنجازية قوية ولكن قد يفتقر إلى الشرعية التمثيلية الشاملة.
الشرعية التمثيلية والشرعية الانجازية هما جوانب مختلفة تساهم في إرساء أسس نظام سياسي شرعي وقادر على خدمة المصالح العامة للمجتمع.